نزار العوصجي: ما بعد سقوط إيران .. مصير الحلفاء والمليشيات

في زمن تتغير فيه خرائط النفوذ بالقوة ، وتتبدّل فيه معادلات المنطقة بالدم ، يقترب مشهدٌ تاريخي من التشكل ..
إنها معركة كبرى لا تُشبه سابقاتها ، فالمواجهة التي تخوضها إسرائيل ضد إيران ليست مجرد نزاع حدود أو استعراض قوى ، بل حربٌ مصيرية تُراد لها أن تكون فاصلة ، تُسقط مشروعًا ، وتُعيد رسم الشرق الأوسط من جديد ..
فماذا لو فازت إسرائيل ؟
ماذا لو سقطت طهران ؟
وما هو مصير كل من راهن على المشروع الإيراني ، من أحزاب ومليشيات وشخصيات سياسية في لبنان والعراق واليمن ؟
أولًا : إيران بعد الهزيمة ، حين تخسر طهران الحرب ، فإنها لا تخسر موقعًا على الخريطة فقط ، بل تخسر مشروعًا دام أكثر من أربعة عقود ، مشروع الهلال الشيعي ، والتوسع العقائدي ، وفرض الوصاية على العواصم العربية ، في الداخل الإيراني ، تتوقع التقارير احتجاجات عارمة قد تطيح بالنظام ، انشقاقات داخل الحرس الثوري ، تفكك الحلقات العقائدية الحاكمة ، وربما تكرار سيناريو الشاه ، لكن من الجهة المعاكسة ..
ثانيًا : العراق ، تفكك الولاءات الإيرانية في بغداد والنجف وكربلاء ، سيعلو صوت السؤال الكبير : أين إيران ؟
وأين الذين كانوا يرفعون رايتها ؟
الميليشيات الشيعية مثل بدر ، والعصائب ، والنجباء ، وسيد الشهداء ، ستدخل مرحلة فقدان التوازن ، قياداتها ستفقد الدعم والتمويل ، وستظهر انشقاقات ، وربما تبدأ بتصفية بعضها البعض ، السياسيون التابعون لإيران سيجدون أنفسهم بلا حماية ، وقد يواجهون العزل الشعبي ، محاكمات ، أو عقوبات دولية ، أما الشارع العراقي ، فسيُطالب بإنهاء مرحلة التبعية ، وفتح صفحة جديدة تستعيد فيها الدولة الوطنية سيادتها ..
ثالثًا : لبنان ، حزب الله أمام لحظة الحقيقة ، حزب الله الذي شكّل طوال عقود ذراع إيران الأقوى ، يجد نفسه فجأة في مواجهة الواقع العاري ، انتهى خط التمويل ، تجفف الدعم اللوجستي ، وتبدأ الضغوط الدولية والمحلية لنزع سلاحه ، قد يواجه الحزب تمردًا داخل بيئته ، أو تصادمًا مع قوى لبنانية أخرى ، لأول مرة منذ عقود ، يكون حزب الله بلا ظهر ..
رابعًا : اليمن ، الحوثيون يسقطون بعد إيران ، في صنعاء ، يفقد الحوثيون الحامي الأكبر ، وما إن تتوقف طائرات الدعم ، حتى تبدأ معادلة جديدة ، انهيارات ميدانية متوقعة ، تصعيد عسكري ، انقسامات داخلية ، من كان يفاوض باسم القوة سيُرغم الآن على القبول بالحلول ، ومن رفع شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل ، سيبدأ رحلة البحث عن النجاة ..
خامسًا : سوريا ، تتحرر بسقوط الأسد في لحظة مفصلية ، سقط بشار الأسد ، سقط النظام الذي تَشبّث بالحكم على جماجم السوريين ، سقط بغياب راعيه الأكبر ، نظام الملالي في طهران ، ومع انهيار هذا المحور ، طُردت الميليشيات الشيعية العراقية والإيرانية من الأرض السورية ، من دير الزور ، من البوكمال ، من ريف حلب ، من ضاحية دمشق ، ارتفعت راية سوريا الوطنية ، وسُمِع صوت الشعب السوري لأول مرة منذ عقود ، بلا حرس ثوري ولا زينبيون ولا عصائب ،
سوريا تحررت من بشار الأسد ومن مشروع الاحتلال الإيراني ، صفحة جديدة كُتبت بالدماء ، لكن بحبر الكرامة ..
الخاتمة :
ما بعد سقوط إيران ليس كما قبله ، فالمعادلة تتغيّر ، والخارطة تُعاد رسمها ، والأقنعة تسقط ، من خسر بوصلته الوطنية ، وارتهن لأجندة طهران ، سيدفع الثمن غاليًا ، أما الشعوب فقد آن لها أن تتحرر من عبودية المشاريع الخارجية ، لتستعيد قرارها ، ومجدها ، وسيادتها ..
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز