هنا السويد

لماذا غير أردوغان موقفه من انضمام السويد إلى الناتو؟

بعد أن أعطت تركيا الضوء الأخضر لانضمام السويد لحلف ناتو، ودعوتها إلى إحياء مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي على العضوية، تواجه تركيا بتساؤلات عن التحول في موقفها، رغم علاقاتها الوثيقة مع روسيا، لكن الخبراء يقولون إن هذه الخطوة هي ببساطة عمل ديبلوماسي، يحقق لتركيا ما كانت تطالب به منذ أعوام.  

في نهاية المطاف أخذت تركيا ما أرادته من المسألة السويدية.وكتبت صحيفة “ديلي صباح” التركية  أن الرئيس رجب طيب أردوغان فاجأ الكثيرين من  السذج الديبلوماسيين الذين يجهلون تاريخ تركيا في السعي إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، عندما أعلن أن أنقرة يمكن أن تقبل بانضمام السويد إلى حلف ناتو، إذا  مهد الاتحاد الأوروبي الطريق أمام  لانضمام بلاده والمتوقف منذ وقت طويل. وفعلاً أوفى أردوغان بوعده عندما أعلن الأمين العام لناتو ينس ستولتنبرغ بعد لقاء مع أردوغان الإثنين، أن تركيا قد تصادق على عضوية السويد في الحلف.      

تحول من آسيا إلى الغرب

واعتبر كلام أردوغان، في الوقت الذي تقيم فيه تركيا علاقات وطيدة مع روسيا خصم ناتو في هذه اللحظة، تحولاً في محور تركيا من آسيا إلى الغرب. لكن الخبراء لاحظوا أن الأمر ببساطة جزء من طموح تركيا لإعادة تنشيط العلاقات الخاملة مع مزيد من الدول.   

وقال محمد أوزكان المؤلف والخبير في السياسة الخارجية الذي يعمل حالياً في معهد الحرب المشتركة وجامعة الدفاع الوطني التركية، إنه صحيح أن تركيا فتحت صفحة جديدة في العلاقات مع الغرب بعد انتخابات 28 مايو (أيار) التي فاز فيها أردوغان بولاية أخرى، لكن أنقرة سعت إلى ذلك باعتباره حقيقة قائمة. وأضاف في تصريح للصباح “في نهاية المطاف أخذت تركيا ما أرادته من المسألة السويدية وهي الآن تؤسس علاقات جديدة مع الغرب. هذه الخطوة لا تعني أن تركيا تحولت إلى تبني سياسة ذات توجه غربي. ولطالما انتهجت تركيا سياسة متوازنة”.

رفع العقوبات

واتُفق في الاجتماع الثلاثي بين أردوغان، وستولتنبرع، ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، على العمل لرفع العقوبات وإزالة العقبات من أمام التجارة والاستثمارات الدفاعية بين الحلفاء.

وتعهدت ستوكهولم لتركيا بالامتناع عن دعم تنظيمات إرهابية مثل حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردي ومجموعة غولن، بعد حصولها على عضوية ناتو، وبإنشاء آلية أمنية ثنائية بين أنقرة وستوكهولم. وحسب ستولتنبرغ فإن ناتو سيكلف منسقاً خاصاً بشؤون مكافحة الإرهاب للمرة الأولى في تاريخه.   

ولاحظ أوزكان أن الموقف “المناهض لأردوغان” في الغرب في السنوات الماضية مهد الطريق أمام الشعور بأن تركيا  غيرت محورها “إلى الشرق”، ولكن في الحقيقة “تركيا تسعى إلى توازن. إنها لا تريد أن تكون جزءاً من الغرب، ولكن ترغب في علاقة صحية وأكثر عقلانية ومستدامة معه”. واعتبر أن من الخطأ المساواة بين القبول بعضوية السويد في ناتو وقطع العلاقات مع روسيا. وأضاف “على العكس،  ثمة حاجة إلى علاقات أكثر عقلانية مع الشرق. إن العلاقات المتنامية لتركيا مع الشرق ينظر إليها أنها خطوة مناهضة للغرب، لكن هذا خطأ. إن قبول عضوية السويد في ناتو تعني مواصلة علاقة صحية مع الغرب دون قطع كامل للعلاقات مع الشرق.  تركيا ستكون في مأزق أساسي في سياستها الخارجية، بدفعها إلى زاوية يجب أن تختار فيها بين الغرب والشرق. إن تركيا لا تريد ذلك”.  

الاتحاد الأوروبي

ووفق محمد أكيف كيرجي أستاذ التاريخ في جامعة بيلكنت وعضو المجلس الرئاسي للأمن والسياسة الخارجية، فإن تركيا تستحق أصلاً وضعاً في الاتحاد الأوروبي، بصرف النظر عن قبولها عضوية السويد في ناتو.

وقال إن “تركيا جزء من الآلية الأمنية للاتحاد الأوروبي وتساهم فيها، لكن حرمانها من العضوية الكاملة، عار على الاتحاد. إن العلاقات بين الاتحاد وتركيا يجب أن تتقدم بضع خطوات أكثر. وقد أصاب أردوغان عندما قال إن عضوية الاتحاد الأوروبي ليست شرطاً، لكنه ببساطة تذكير بالمكان الذي تستحقه تركيا”.     
وتأمل تركيا الآن في إحياء مجموعة الإصلاح في الاتحاد الأوروبي بعد موافقة أنقرة على انضمام السويد إلى ناتو، في الوقت الذي تسعى تركيا إلى مرحلة جديدة من العلاقات المتحسنة مع الغرب.    

24

زر الذهاب إلى الأعلى