آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: صناعة اللا ديمقراطية في العراق

يعتقد البعض ان ما افزرته انتخابات العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) في العراق أكثر أهمية مما توحي به نتائجها الفورية. تشير بعض الحقائق والديناميكيات الدقيقة المحيطة بالانتخابات إلى اتجاهات وإمكانيات مثيرة للاهتمام ، أكثر من التوسع الذي شكلته العناوين الرئيسية لسلطة مقتدى الصدر في مجلس النواب العراقي ، أو الخسائر التي تكبدها المرشحون الذين يمثلون الميليشيات المدعومة من نظام طهران

قد يبدو الأمر متناقضًا في البداية ، لان هذه الانتخابات لايمكن أن توفر الظروف لتحقيق انتعاش مستقبلي في مشاركة الناخبين،لا سيما وان احزاب السلطة التي خرج الناس ضدها استطاعت ان تلتف على النتائج وتدخل طرف اساسي في تقرير شكل الحكومة القادمة، إن الإقبال  في الانتخابات في العراقالضعيف جدا من الناخبين ، يؤكد بيانات الاقتراع السابقة التي أشارت إلى تآكل الثقة بل غيابها في العملية الانتخابية في العراق منذ الاحتلال بسبب تأثير الأحزاب والميليشيات القوية.

 من المفهوم أن أوجه القصور في كل الانتخابات منذ 2005، إلى جانب العنف والارهاب المستمر ضد النشطاء السياسيين ، والذين يمثلون حركة تشرين الاحتجاجية وحلفائها ، دفعت بغالبية الشعب ، وخاصة الشباب ، إلى البقاء في منازلهم ومع ذلك ، يتوهم بعض الحالمين ان الانتخابات البرلمانية الاخيرة مختلفة مقارنة الانتخابات السابقة في عام 2018. 

لقد حشدت دولتا الاحتلال امريكا وبريطانيا الدعم الدولي والجهود لانتاج انتخابات قد تبدو دعائيا سليمة من الناحية الفنية لانقاذ النظام المتهرئ الذي اسسوه في العراق بعد ان احتلوه وطبلوا وزمروا انها خالية من المخالفات واسعة النطاق ، المشتبه بها ، ومزاعم التستر التي شوهت مسرحيات الانتخابات والديمقراطية المزعومة.

استمرار مسلسل الاكاذيب

على الرغم من الادعاء بوجود تحسن بالجانب الفني في التصويت الاخير ، إلا أنه امتلأ بكم من العيوب، حيث برزت الثغرات المحرجة في البيانات في الأيام منذ 10 تشرين الاول ، فقد تم مضاعفة عدد الناخبين بأكثر من 50 مليونًا، إذا وضعنا ذلك جانباً ، فإن عدم وجود مزاعم ذات مصداقية عن احتيال واسع النطاق قد يقطع شوطًا طويلاً نحو استعادة الثقة ، على الأقل فيما يتعلق بإدارة يوم الانتخابات ومنع التزوير ، شريطة وجود رقابة قوية مستمرة ومشاركة من قبل المجتمع المدني العراقي والمجتمع الدولي

التزوير سيد الموقف

يظل التزوير والتلاعب قبل الانتخابات وما بعدها التحدي الأكبر أمام إنشاء عملية انتخابية ذات مصداقية كاملة يمكن للعراقيين قبولها بكل إخلاص. فالأحزاب التي مكنها الاحتلال الهيمنة على السلطات منذ 2003 رغم انها غير مؤهلة للتنافس في الانتخابات لو اتبعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات القانون، فعلى سبيل المثال يحظر الدستور الملغوم الذي مرروه  والقوانين التي اطلقوها على الأحزاب السياسية أن يكون لها مليشيات ومنظمات عسكرية أو شبه عسكرية – وهي عقبة قانونية لم تمنع الجماعات المسلحة ، بما في ذلك تلك الخاضعة لعقوبات أمريكية بسبب الإرهاب ، من ترشيح اسماء مطلوبة للقضاء العراقي والفوز بمقاعد. إن صخب الميليشيات المدعومة من نظام طهران يؤكد الآن حقيقة أن مصداقية مايسمى بالديمقراطية العراقية لا تعتمد على الاستقرار قصير المدى الذي يتحقق من خلال المحاصصة العرقية والطائفية، حيث نظام تقاسم السلطة والمغانم  الذي أصبح جوهر السياسة في العراق منذ احتلاله 2003 ، ولكن على سيادة القانون وإبعاد الأسلحة عن السياسة.

لغة السلاح سيدة الموقف 

بالنظر إلى قوتهم المليشياوية القسرية ، فإن محاولة منع أي من هؤلاء المخالفين من الدخول الى بوابة الحكومة المتصارع عليها سيكون أمرًا خطيرًا، حتى ولو اقترح بعضهم رسم خطوط واضحة بين السياسيين والعسكريين  ببطء وحذر الا ان جميع الأطراف تريد فرض ارادتها بالقوة في عملية التنافس للسيطرة على وزارات الدولة ومؤسساتها بشكل مزري وهو امر يجب أن يكون لمن يدعون انفسهم اصلاحيون عراقيون والاهم المجتمع الدولي الذي يحتاج ان يكون أكثر صراحة وصرامة

بشأن التهديدات بالعنف والترهيب المستمر ممن فقدوا مقاعدهم تنذر بالخطر ، فمن المرجح أن يتم حل التوتر من خلال التنازلات حول ما هو على المحك بالنسبة لهم، تقليديا ، كانت هذه التعيينات الوزارية والوصول إلى الأموال العامة القابلة للاستغلال ، مثل مبلغ 2.3 مليار دولار السنوي المخصص لقوات الحشد الشعبي – وهو بند في الميزانية يشك العديد من العراقيين ، من الناس العاديين إلى رؤساء الوزراء ، في أنه يُستخدم حشو جيوب قادة الميليشيات.

الصدر يفوز ولكن!

على الرغم من فوز تيارالصدر بـ 74 مقعدًا في المجلس التشريعي المكون من 329 مقعدًا ، فما زال مرجحا أن تغليب عملية تشكيل حكومة معوقة أخرى تمليها القواعد المعتادة لتقاسم السلطة،فالعملية السياسية الت اسسها الاحتلال ولدت وهي تحمل تناقضاتها الحادة غير قابلة الحلول الا بالغائها بألكامل ، لا يوجد صانع ملوك في السياسة العراقية.

نظام طهران كالعادة لاعب اساسي

كما عودنا نظام طهران ان يحسم الامور لما يخدم مصالحة المتزايدة في العراق المنهوب المحتل،حيث ذكرت المعلومات ان وفد إيراني يضمّ شخصيات قيادية بارزة من الحرس الثوري، وكذلك شخصيات دبلوماسية، يجري حالياً زيارة إلى العاصمة بغداد لغرض تقريب وجهات النظر بين التيار والإطار في ما يخصّ الكتلة الكبرى، فضلاً عن مناقشة شكل الحكومة العراقية الجديدة ،الوفد الإيراني عقد لقاءات عديدة مع الأطراف المعنية بتشكيل الكتلة الكبرى، من أجل تقريب وجهات النظر بين الطرفين، والدفع نحو تشكيل كتلة كبرى بين التيار والإطار”، لافتة إلى أن الوفد الإيراني يدفع باتجاه تشكيل حكومة توافقية تشارك فيها مختلف القوى السياسية دون تهميش أي طرف، وهذا ما يرفضه زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدرالمعلومات كما أكدت أن  الوفد الإيراني يعمل حالياً من أجل عقد اجتماع يضمّ “التيار الصدري” وقيادات الإطار للوصول إلى اتفاق نهائي حول الكتلة الكبرى، وكذلك شكل الحكومة العراقية الجديدة موضوعة الخلافات بين احزاب السلطة الغاشمة.

لاوجود للوطن او المواطن

منذ احتلال العراق، تم شطب مصطلحين بشكل واقعي وهما الوطن والمواطن ،حيث لم ولن يرد هذين المصطلحين في اجندات الاحزاب ،التي سلطها الاحتلال على العراقيين منذ ان تنعموا بسرقة وتدمير وقتل وتهجير وتغييب العراقيين،فلم نسمع او نقرأ ان مسؤلا اوحزبا خرج علينا وفي جعبته مطالب ملحة غير تأمين حصصهم من الوزارات والمناصب وووو ،اما مطالب الشعب وثوراته وانتفاضاته وتضحياته بدماء الالاف من خيرة شبابه ناهيك عن اضعاف هذه الاعداد من الذين عوقوا وجرحوا وتم اعتقالهم في السجون السرية ،وبعد كل المسرحيات والاستغلال الدعائي الغبي لما قيل انها انتخابات ديمقراطية لاختيار ممثلي الشعب،جاءت النتائج كعادة كل مسرحيات سلطات الاحتلال ،بأعادة انتاج وتدوير نفس القوى التي خرج ضدها الشعب وادعوا ان اجراء الانتخابات المبكرة؟!!كانت تلبية لما طالب به الشعب،ولكن الشعب والوطن كانا مغيبين بالكامل..ولا وجود لهما في قاموس الاحتلال وذيولة…..هل سمعتم يوما ان المحتل يعطي او يمنح الشعب الذي احتله حرية او ديمقراطية فكيف بدول مارقة ارهابية قال قادتها جهارا انهم لم يحتلوا العراق كي يمنحوه الحرية والديمقراطية…واصبح واضحا انهم جاؤا لتدميره وسرقة ثرواته ووجدوا من ينفذ هذه الاهداف بخيانة وعمالة وحرفية عالية.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى