مقالات رئيس التحرير

د. علي الجابري: هل خالفت المخابرات السويدية القانون؟

 

 

حادثتان تتعلقان بجرائم نظر فيها القضاء السويدي، كان فيهما تبايناً بين رأي القضاء وجهاز الامن "سابو"، وفي كلاهما كان القضاء يطلق سراح متهمين من أصول أجنبية، رغم ان الجريمة الاولى كانت تتعلق بقيام رجل بإحراق مسجد في مدينة مالمو جنوب البلاد، وكانت هناك ادلة كافية لادانته، فضلاً عن ان تنظيم داعش الارهابي تبنى العملية المذكورة بعد تنفيذها!! كذلك خلفية الرجل المتطرفة التي وثقها جهاز الامن.. لكن يبدو ان القضاء نظر الى القضية من باب جنائي فقط، واكتفى بإطلاق سراحه وفرض غرامة مالية عليه؟! وهذه واحدة من الاشكاليات التي سبق ان نوهت عنها في مقالات سابقة تتعلق بضرورة تعديل القوانين في السويد، لانها كتبت في زمن غير هذا الذي نعيش فيه، لم يكن فيه ارهاب ولا تطرف مستشرٍ في البلاد!!

 

في هذه القضية كان لجهاز الامن السويدي "سابو" كلمة أخرى ، ولاول مرة في تاريخ السويد يقوم جهاز الامن بالقبض على متهم بعد ان يطلق سراحه القضاء، واكد الجهاز ان هذا الرجل يشكل خطراً على أمن السويد ولا يجب ان يبقى في البلاد ، وتم طرده خارج البلاد.. لنكتشف لاحقاً ان الشخص المذكور هو نفسه الذي ألقي القبض عليه لاحقاً في الدنمارك، وكان يخطط لتنفيذ عملية إرهابية في "كوبنهاغن" بمساعدة آخرين، منذ ان كان يعيش في مالمو!! وتجري الان محاكمته في الدنمارك بتهمة ارهابية وليس جنائية كما فعل القانون السويدي ؟!

 

وهنا يبدو ان جهاز الامن كان محقاً في إصراره على القبض على الرجل وطرده من البلاد بعد ان قرر القضاء إطلاق سراحه، وكان يمكن ان يكون مهدداً فعلياً لامن البلاد فيما لو سمح له بالبقاء، ومرت جريمته مرور الكرام.

 

الواقعة الثانية كانت قبل أيام أيضا، عندما تدخل جهاز الامن السويدي مرة أخرى لاعتقال رجل متهم بالتخطيط لاعمال إرهابية في البلاد بعد ان اطلق القضاء سراحه، وهنا أكد المتحدث الاعلامي لجهاز الامن "أن من واجبنا حماية السويد من الاعمال الارهابية وحماية الديمقراطية"؟! وهو محق بهذا الكلام بناءاً على التجربة التي سبقتها، وقد أشار أيضاً الى إمتلاكهم معلومات تتعلق بالامن الوطني لا يعرفها المدعي العام ولا المحكمة التي أطلقت سراحه؟! وإستندوا الى قانون مراقبة الاجانب الذي يتيح إمكانية طرد أي شخص من الممكن أن يشكل تهديداً للبلاد وينفذ عملية إرهابية.

 

ان السويد مازالت مهددة بتنفيذ عمليات إرهابية جديدة ، مع تنامي اعداد الجماعات الارهابية او المتطرفة، في السنوات الاخيرة ، وتغلغل العديد من الارهابيين الدواعش بين صفوف اللاجئين الجدد ، فضلا عن الافكار المتطرفة التي تبثها بعض المراكز والمساجد المعروفة بالاسم للجميع!! وتشير التقارير الاستخبارية ان عدد المتطرفين العنيفين تجاوز الالفي شخص خلال الفترة الماضية، ما ينذر بمخاطر جمة، لابد من معالجتها بحزم.

وبالعودة الى عنوان المقال "هل خالفت المخابرات السويدية القانون"؟ أشدد ان ما حدث من تدخل لجهاز الامن في قرارات القضاء كان بمثابة الضربة الاستباقية للارهابيين الذين لابد ان تصلهم الرسالة جيداً .. وهي ان لا مكان لكم في السويد.. فقضايا الارهاب والتطرف لن تكون الدولة فيها متراخية كما تظنون، بالمقارنة مع ما يحدث من جرائم جنائية أخرى تتعلق بالجريمة المنظمة او المخدرات او غيرها.. 

وهذا هو ما تحتاجه السويد اليوم ان تكون حازمة تجاه كل اشكال التطرف.

 

 

 

 

*رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز

 

 

شاهد بالفيديو .. احذر من الكاميرات الخفية في غرف الفنادق .. 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى