مقالات رئيس التحرير

د. علي الجابري : لماذا إمتدت يد الارهاب الى السويد وما الحل

عملية الدهس الارهابية في العاصمة السويدية ستوكهولم لم تكن بالمفاجأة الكبيرة للسلطات الامنية في السويد التي كانت قد توقعت من خلال التقرير السنوي لجهاز الامن “سابو” إمكانية وقوع هجوم ارهابي في العاصمة ستوكهولم على أيدي ذئاب داعش المنفردة. بالاضافة الى إعلان رئيس المخابرات السويدية عن تراجع اعداد السويديين الملتحقين بتنظيم داعش في سوريا والعراق وعودة نصفهم الاخر (بحدود 150،  مقاتل مع داعش)  الى السويد بالتزامن مع تصاعد نسبة المتعاطفين مع التنظيم الارهابي بين اوساط المتطرفين في البلاد.

لكن المثير في هذه العملية انها نفذت من قبل مواطن يحمل جنسية أوزبكستان، واتضح من خلال التحقيقات وعمليات الاعتقال التي طالت آخرين معه ، ما يشير الى وجود خلية كاملة تعمل مع المشتبه به المذكور .. فقد ألقي القبض عليه في ضاحية ماشتا شمال العاصمة ، وكان قبل الهجوم بساعات في شقة سكنية أخرى جنوب العاصمة ، كما اعتقل شخص مساعد له في منطقة أخرى شمال غرب العاصمة، بينما يسكن في مكان لم يسجله لدى السلطات الرسمية وقدم عنواناً مغايراً لسكنه. 

ما حصل يشير الى وجود خلايا تعمل بشكل حقيقي وتخطط لتنفيذ عمليات ارهابية في السويد، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن ثغرات كبيرة في قوانين السويد وطبيعة تعامل الاجهزة الامنية مع الاشخاص المشكوك فيهم بالانتماء لجهات ارهابية. خاصة وان آخر الدلائل تشير ان المشتبه به الاول كان معروفاً لدى السلطات منذ عام 2015 حيث كانت تحوم الشكوك حوله بقيامه بعمليات تحويل مالية الى تنظيم داعش في سوريا.. لكن السلطات تقول انها لم تكن تملك الادلة الكافية.

المشكلة الحقيقية التي تواجه دول اوروبا ( والسويد في مقدمتها ) ان قوانينها لا تحاكم الارهابي الذي يقوم بعمليات متطرفة او جرائم قتل خارج البلاد او خارج اوروبا، طالما انه يلتزم بقوانين البلاد؟! ومؤخرا بدأت دول اوروبا تستشعر الخطر بسبب هذه الثغرة التي يستغلها الارهابيون الذين يقتلون الابرياء في سوريا والعراق ويعودون الى بلدانهم آمنين مطمئنين. حتى أن بعضهم كان يعود للعلاج من إصابة لحقت به خلال قتاله مع داعش ؟! وكان بعضهم الاخر يقاتل في صفوف التنظيمات الارهابية في سوريا والعراق، ويستمر بالحصول على المساعدات المالية الاجتماعية التي تمنحها الدولة للعاطلين عن العمل ؟!

إن جريمة ستوكهولم الارهابية رغم تشابهها في الطريقة مع حوادث الدهس التي حدثت في فرنسا والمانيا ولندن، الان ان الميزة الاهم فيها هو ان المنفذ لم يُـقتل ؟! وتم اعتقاله من قبل اجهزة الامن بسرعة كبيرة بتعاون المواطنين السويديين الذين أبلغوا السلطات بعد ساعات من الحادث .. وطالما ان المجرم تحت قبضة الاجهزة الامنية، فإنه من المؤكد ان كنزاً من المعلومات سيتوفر لدى اجهزة الامن عن طبيعة عمل اعضاء تنظيم داعش في اوروبا وكيفية تواصلهم مع قيادات التنظيم وآليات التجنيد وتلقي وارسال الاموال من والى سوريا والعراق، وكذلك الكشف عن الكثير من الذئاب المنفردة النائمة في اوروبا والتي تنتظر دورها في تنفيذ عمليات مماثلة.

لكن السؤال الاكبر الذي يؤرق أوروبا حالياً هو صعوبة السيطرة على تلك العمليات الاجرامية التي تنفذ بسيارات مسروقة قبل ساعات او دقائق معدودة من تنفيذ تلك العمليات الارهابية.؟ وفيما لو لم يتم الاسراع بتشديد القوانين بوجه كل من يحرض على الارهاب والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن يؤيد التنظيمات الارهابية قولا أو فعلاً ، فإن الخطر سيستمر ويتصاعد مع تراجع وهزيمة تنظيم داعش في سوريا والعراق، حيث سيعود المئات او الآلاف الى أوروبا من جديد حاملين معهم خبرات كبيرة في التفخيخ والتفجير والقتل بدم بارد ؟

 

 

 

* رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز

المقال منشور في موقع بوابة العين الاخبارية  إنقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى