منوعات

“لا تكن لطيفا أكثر من اللازم”… 9 أخطاء مؤذية لنا وللآخرين

يسعى جميع الآباء إلى تنشئة أبنائهم على القيم والأخلاق الفاضلة، لكن للأسف من بين هذه القيم أن يكون الطفل لطيفا مع الجميع وأن يراعي مشاعر الآخرين، حتى أن بعض الآباء يمدحون الطفل كلما رأوا منه علامات اللطف الزائد.

يرى "ديوك روبنسون"، مؤلف كتاب " too nice for your own good" أن التحلي باللطف الزائد عن الحد في التعامل مع الآخرين من شأنه إهدار الكثير من حقوقنا المشروعة في الحياة، بل والأسوأ من ذلك هو أن لطفنا الزائد يفسد نوايانا الحسنة التي تقف وراء تصرفاتنا فيسيء الآخرون فهمنا إلى حد الشعور بالإهانة في بعض الأحيان.

وفيما يلي نعرض 9 أخطاء عرضها كتاب "too nice for your own good" والذي تمت ترجمته إلى العربية تحت عنوان " لا تكن لطيفا اكثر من الازم  "، يوضح فيها روبنسون 9 تصرفات شائعة جدا نمارسها في حياتنا اليومية دون أن ندري أثرها البالغ في هضم حقوقنا وإفساد علاقتنا بالآخرين.

 

1- محاولة أن تكون كاملا

يسعى اللطفاء دومًا إلى إعطاء الآخرين صورة مشرفة عن أنفسهم متناسين أننا بشر وأن العمل البشري دائما من سماته النقصان، وهو ما يحمل اللطفاء فوق طاقاتهم، لذا يدعوهم روبنسون إلى التفكير قليلا في أي مهمة قبل القبول بتنفيذها، والاتفاق مع من يوجهون لهم الانتقاد إن كان النقد في محله، ومن المفيد هنا أن يتجنب الإنسان التعامل مع الأشخاص الذين يوهمونه بأنه مثاليا.

وعرض الكتاب في هذه النقطة ثلاث خطوات للتواصل مع الآخرين، أولا: التصرف بما يناسب كل علاقة، فلا يصح معاملة الزوجة كمعاملة رئيس العمل والعكس صحيح، ثانيا: تقبل الفشل والاعتذار إن اكتشفت ذلك، ثالثا: إن رفض الآخرون الاعتذار يمكنك أن توضح لهم ببساطة أنك كنت تهتم لشأنهم لكن لا حيلة لك الآن.

2-القيام بالتزامات أكبر من طاقتك

ينشأ الكثير من الأطفال مع فكرة الأمل الكبير الذي يضعه الآباء عليهم، ما يدفعهم إلى تحمل ما لايطيقونه من أجل إثبات أنهم جديرين بتوقعات ذويهم، وعندما يكبرون يتحول الأمر إلى عادة لتحمل الأعباء الإضافية فقط لإثبات جدارتهم، وللأسباب التي تحدثنا عنها في النقطة السابقة، وحدد الكتاب خطوات عملية لتفادي الوقوع في هذا الفخ.

أولا يجب الرفض القاطع للمهام التي لا تناسبك ولا تمتلك الوقت للقيام بها بل وربما التي لا تستمتع بها أيضًا لأنها ستشكل عبئا عليك، كما أنه لا يجب الموافقة على قبول مهمة ما إلا بعد الوقوف على كافة تفاصيلها، ثانيا: عند قبول مهمة ما كن على استعداد للتخلي عن أحد التزاماتك في سبيل تلك المهمة، وأن تضع في حسبانك وقتا للمقاطعة والطوارئ، وأخيرا لا تتخجل من طلب مساعدة الآخرين عند الحاجة.

3-عدم قول ما تريد

يجد من تجاوز لطفهم الحد المطلوب، حرجا كبيرا في العديد من المواقف الاجتماعية لقول أو طلب ما يريدونه من الآخرين، لذا دعا روبنسون من يعاني تلك الحالة إلى التمرن على الخطوات التالية:

عند الرغبة في شيء من أحد حاول أن تخبره بجمل إيجابية وغير متزمتة مثل "أحب منك أن.."، إن شعرت بالخوف من ذلك لامانع من أن تصارح محدثك بخوفك من أن يراك لحوحا أو متسلطًا، إن لم تكن متأكدا من حقك في هذا الطلب عليك أولا أن تستفسر وأن تجمع المعلومات اللازمة لطمأنتك، عند مقاومة الآخرين حقوقك المشروعة لا ما نع من الإصرار بتكرار الطلب بصيغ مختلفة، وعندما تجد الآخرين هم من يخضون التحدث معك بما يريدوه حاول ان تزيل ذلك الخوف.

4-كبت الغضب

يظن اللطفاء أن التعبير عن غضبهم خطأ، ويخشون من إظهار مشاعر الاستياء أمام الآخرين ظنًا منهم أن ذلك سيحافظ على صورتهم المثالية في أعين الناس، إلا أن الحقيقة هي عكس ذلك تمامًا فالتعبير عن الغضب يمكن إن تم وفقًا لضوابط معينة أن يسهم في تحسين علاقتك بالناس، والأهم أنه سيزيل ما بداخلك من صراع بين كبت حرارة الغضب في داخلك أو خسارة علاقاتك.

وينصح روبنسون اللطفاء بالتعبير عن غضبهم قبل أي شيء لمن أساؤا وليس لأشخاص آخرين، مثلما يحدث عندما يوقع رئيسك في العمل عقوبة عليك وتكبت غضبك حتى عودتك إلى المنزل ثم تفرغه في وجه زوجتك، ثانيا يجب أن تخبر المسيء إليك بما تشعر، وذلك بأن تعبر عن استياءك من فعلته وليس من شخصه، وأخيرا توضح له ما تريده منه لإزالة غضبك.

5-التعقل لحظة الاندفاع

ويقصد المؤلف بهذه النقطة ألا يتصرف الشخص اللطيف بشكل مناسب عندما يتعرض للهجوم من قبل الآخرين، وينصح روبنسون اللطفاء بالتعامل في مثل هذه المواقف عن طريق أخذ بعض الوقت لحصول التوازن اللازم قبل الرد، ثم محاولة النظر للأمور من منظوره حتى تتفهم سبب غضبه، وهذا لا يعني أنك ستوافقه على ما يقول بحقك ولكنها محاولة للوصول إلى أرض مشتركة وإشعاره بأن مشاعره تحترم.

تؤدي الخطوات السابقة إلى تهيئة الشخص المهاجم إلى الاستماع إلى رد الشخص اللطيف، حينها يمكن إخبارهم بأنك ترفض معاملتك بطريقة سيئة ويمكنك حينها توضيح وجهة نظرك في الأمر.

6-الكذب البسيط

يواجه اللطفاء مشكلة كبيرة عندما يقفون أمام خيارين: إما قول الحقيقة التي قد تكون جارحة لمحدثهم، أو أن يؤثروا المجاملة اللطيفة وقمع رغبتهم في المصارحة، مثلما يحدث عندما تسألك زوجتك عن رأيك في صنف جديد من الطعام أعدته خصيصا لك.

ينصح هنا بالتفكير في المشكلة على أنها مشكلتك أنت وليست مشكلة من تريد مصارحته بالحقيقة، فأنت من تخشى أن تخيب ظن الآخرين ومصارحتهم بعيوبهم، ثم تبدأ بالحديث معربا عن احترامك للشخص وتقديرك له ولمجهوده الذي بذله، ثم تخبره بأنك تخشى أن تجرحه لكنك في الوقت ذاته تكره ألا تكون غير أمين، ثم تصارحه بالعيب أو المشكلة التي تريد إخباره بها.

7-إسداء النصح

يميل اللطفاء بطبعهم إلى الإسراع لإسداء النصح للآخرين، وعلى الرغم من أنهم يفعلون ذلك بنوايا حسنة، إلا أن هذا السلوك يعد مؤذيا للغاية للآخرين في كثير من الأحيان، فالإشراع لإسداء النص يحمل معاني التقليل من شان الآخرين، وتصدير لهم فكرة أننا نسيطر على حياتهم بشكل أو بآخر لأننا أكثر منهم كفاءة.

وبدلا من إسداء النصح يمكنك اتباع التالي، التمرن على الابتعاد عن مشاكل الآخرين وعدم استشعار أنها مشاكلك الشخصية، يمكنك إلقاء عليهم أسئلة تلفت نظرهم لما لديهم من خيارات، قدم لهم معلومات قائمة على خبراتك الشخصية وشهادات الآخرين، ليتم كل ذلك دون أن توجههم بشكل مباشر، ما سيترك أثرا طيبا في نفوسهم.

8- إنقاذ الآخرين

ضرب روبنسون مثلا لمن يسلكك طريق الإدمان، فإن كان له صديق "لطيف أكثر من اللازم، فسيهرع إلى محاولة إنقاذه من هذا الطريق، وفي الواقع فإننا نضرهم أكثر مما نفيدهم بمحاولة إنقاذهم بالطرق التقليدية، إذ تؤدي المحاولات لإخراج المدمن من دوامة إدمانه إلى مزيد من انغماسه فيها، ثم يبدأ الأثر السلبي على من يحاول الإنقاذ بأن يتأثر نفسيا بفشله في المهمة،كما يحرم من نريد إنقاذه من التطور الطبيعي لشخصيته اللازم لمساعدة نفسه.

وعرض الكتاب بديلا للمحاولات التقليدية لإنقاذ المدمنين، وهو الحديث إليهم بشكل عام عن خطورة سلوك الإدمان، ويكون ذلك في مرحلة مبكرة من الإدمان، بعدها يجب منحهم الثقة في أنفسهم وأن تطلب منهم أن يغفروا لأنفسهم هذا الخطأ، تشجيعهم على التعرف على خجلهم من هذا الخطأ ومقاومته، وأخيرا طلب مساعدة المختصين للتدخل عند الطوارئ.

9- حماية من يشعرون بالحزن

ضرب الكاتب مثلا في هذه النقطة عندما يتوفى والد أحد أصدقائك، فتسرع إلى محاولة التخفيف عنه بالطرق المعروفة إلا أنه يؤكد خطأ التصرفات التالية: التظاهر بالقوة وتجاهل ذكر الموت، والثرثرة في مواضيع أخرى غير مهمة، ومحاولة إبهاج صاحب الفاجعة، وإعطائه النصائح، واقتراح عليهم طلب منك المساعدة في أي وقت إن احتاجوا لأي شيء.

والتصرف الصحيح في تلك الحالات هو أن تظهر التعاطف الصادق مع ألمه ومصابه، أن تشعره بحضورك إلى جواره ومساندته بصدق، التطوع لمساعدته في أي من المهام التي تستطيع بالفعل القيام بها بدلا من أن تعرض ذلك شفهيا فقط، وأن تشجعه على التحدث عن مصابه إن كان ذلك سيشعره بالراحة.

 

 

sputnik

زر الذهاب إلى الأعلى