مقالات رئيس التحرير

د. علي الجابري : عراقيو السويد .. بين الانتخابات البرلمانية السويدية والعراقية

يشهد العام الحالي إنتخابات الدورة البرلمانية الجديدة في العراق والسويد، ولا يفصل بينهما سوى أشهر.

في السويد تعد الجالية العراقية، ثاني أكبر جالية بعد الفنلندية ، ورغم اني لا أمتلك أرقاماً دقيقة حول عدد العراقيين في السويد، إلا انهم يتجاوزون ال(250) ألفاً، وهم وفقاً لما أكده رئيس وزراء السويد "ستيفان لوفين"، خلال زيارته الاخيرة الى العراق، يشكلون نسبة (2) في المئة من سكان البلاد، وهناك نسبة كبيرة منهم حاصلين على الجنسية السويدية ويتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة.

لكن المثير للاهتمام والاستغراب في الوقت نفسه أنك لا تكاد تستمع لأي نقاش بين العراقيين في السويد حول الانتخابات البرلمانية السويدية، وأن نسبة كبيرة منهم لا يعرفون الاحزاب السويدية ولا يدركون من منها الصالح، ومن المتطرف والعنصري، الذي يسعى الى محاربة الاجانب في السويد في كل برامجه الانتخابية ؟! 

والبعض الآخر يعرف الحزب الحاكم (الاشتراكي الديمقراطي) الذي يطلق عليه هنا في السويد (حزب السوسيال) وهناك من ذهب لانتخابه سابقاً لانه يظن ان هذا الحزب هو الذي يقدم المعونات الاجتماعية الشهرية للعاطلين عن العمل إنطلاقاً من إسمه "السوسيال" ؟!!

والطامة الكبرى الاخرى ان الكثير ممن يعرفون الحزب العنصري في السويد ، صاحب الشعارات المعادية للاجانب، تجدهم يؤيدون هذا الحزب بمجرد حصولهم على الجنسية السويدية ، أو حصول بعضهم على الأقامة فقط ؟! وعندما تقول له ان هذا الحزب عنصري ومعاد للاجانب، يجيب ان هذا هو المطلوب ؟! نريد ان تتوقف الهجرة واللجوء ؟! وكأنه من آل "سفينسون" أو من قبيلة "إيريكسون" الكرام ؟! أو قادم من القمر أو كوكب زحل وليس من الشرق الاوسط ؟!

ولا تكاد جلسة بين عراقيين او ثلاثة إلا وتجد محورها الاساس "الانتخابات العراقية" ومن المؤهل ومن سينتخب أو يقاطع ؟

سألت أحدهم : هل لديك رغبة بالعودة الى العراق ؟ قال : لا مستحيل.. العراق لن تقوم له قائمة ، ولن أضحي بمستقبل أولادي الذين إعتادوا على الحياة الحرة الكريمة هنا .. قلت : إذن مالي أراك تهتم بإنتخابات العراق ولا تتحدث عن إنتخابات السويد التي تعيش فيها منذ عقود أنت وأبناءك الذين ولدوا هنا ؟ قال : ببساطة لاني لا أعرف الاحزاب السويدية ومن منها الافضل !! ولا أعرف من هو رئيس البرلمان ومن هو "عباس البياتي" او "عالية نصيف" السويديان ؟!

غريب أمر كثير من عرب السويد .. يعيشون في هذه البلاد ويخططون للبقاء فيها هم واولادهم واحفادهم، لكنهم لا يشاركون في صنع مستقبلهم من خلال إختيار الحزب الافضل لهم في السويد، ويتركون الخيار للآخرين، الذين بدأ بعضهم برفع أسهم الحزب العنصري المعادي لهم ؟! وفي الوقت نفسه يتقاتلون ويتنافسون ويتجادلون من أجل المشاركة في الانتخابات العراقية أو من أجل مقاطعتها، مع أن أغلبهم يدركون جيداً ان إنتخابات العراق لن تأت بجديد، ولن تنتج إلا تغييراً محدوداً في الوجوه، ومع أن الكثير منهم مؤمن بإن الانتخابات العراقية تشهد تزويراً من قبل أحزاب السلطة الحاكمة ؟!

ومع أن الإنتخابات البرلمانية السويدية نزيهة وشفافة وترسم مستقبل كل من يعيش على هذه الارض، الا ان الكثير من العراقيين والعرب، ما زالوا يعدون العدة للمشاركة في إنتخابات وطنهم الام ، تاركين لغيرهم تقرير مصيرهم ومصير أبنائهم في السويد؟! ولذلك تجد ان الجالية التركية او جاليات اجنبية أخرى تمكنت من تقديم أعضاء للبرلمان ووزراء ومسؤولين كبار، بينما الجالية العربية منشغلة بآخر نتائج إنتخابات الوطن الام ، وصراعات دينية وأيديولوجية لا تغن ولا تسمن من جوع ؟!

 

 

 

* رئيس تحرير "يورو تايمز" وإتحاد الصحفيين العرب في السويد

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى