مقالات رئيس التحرير

د. علي الجابري : هناك من يشتهي أن يكون عبداً؟!

أغلب العرب في أوروبا ، والسويد خاصة، عندما قدموا اول مرة هاربين من بطش حكوماتهم الديكتاتورية ، كانوا ينادون بحقوق الانسان والحرية وضرورة عدم تضييق الخناق على أصحاب الرأي الاخر.. وهذا الخطاب (المتنور) يُسعد الاوروبيين، ويدفعهم الى الاعتقاد بأن هؤلاء نموذج حر ومتقدم للانسان العربي الرافض للهيمنة وكل اشكال الديكتاتورية ( السياسية والدينية ) ؟!

بعد عقود تغيرت العديد من الانظمة العربية، واصبح المعارض بالامس حاكماً في بلاده اليوم، كما هو الحال مع العراق. لكن الطامة الكبرى ان اغلب "دعاة الحرية" الذي كانوا يدّعون القتال من اجل القضاء على الديكتاتورية بالامس ، تحولوا بقدرة قادر الى نسخة مشوهة من الديكتاتوريات، او الى مجاميع للجريمة المنظمة، التي تقتل وتستبيح اعراض الناس وتسلب مواردهم تحت علم الدولة ، وتستخدم مؤسسات وثروات الدولة لكبت الحريات ومحاربة المعارضين داخل وخارج بلدانهم ؟!

 

في زمن النظام العراقي السابق كان الحاكم ومن معه يعملون داخل الوطن والمعارض يعمل في خارجه .. لم يكن هناك وزيرا او مديراً او موظفاً في الدولة العراقية السابقة يعمل ويتقاضى راتباً في العراق بالاسم ، ويعيش في اوروبا على نفقة الدول التي لجأ اليها ، وفي الوقت نفسه يستمر في تقاضي رواتب حكومية أو "جهادية" ؟! كما يحدث مع "مناضلي الامس وحكام اليوم !!

هناك المئات من أتباع الحزب الحاكم في العراق (الدعوة الاسلامية) ورفاقهم في (المجلس الاعلى) ممن يتلاعبون بمقدرات العراق هم وحزبيهم ، ما زالوا يعيشون في السويد برواتب مزدوجة من البلدين ؟! لديهم رواتب ووظائف في العراق، ويواصلون تقاضي المساعدات من دوائر الخدمة الاجتماعية السويدية ؟! فلا هم لحقوا بحزبهم الحاكم هناك وخلّصوا العباد والبلاد من شرورهم وتحايلهم على القوانين، ولا هم "معارضون" يبحثون عن الحرية، او على الاقل لا يقفون بوجه اصحاب الكلمة الحرة ؟! ويدافعون بإستماتة عن أولياء نعمتهم ورؤساء أحزابهم في العراق ، وكأن الدفاع عن الباطل له ثمن يرمى لهم من فتات الموائد في بغداد المنهوبة ؟!

والمصيبة ان هذه الزمر التي تشتهي العبودية في بلدان الحرية كرست كل وقتها للمؤامرات والدسائس لمراقبة المعارضين لهم، وكتابة التقارير التجسسية لاحزابهم المجرمة في بغداد، محاولة منهم لاسكات اي صوت معارض سواء بالتهديد او بأفعال أخرى سنتواصل في كشفها تباعاً ؟ وكأنهم لم يكونوا معارضين يوماً ؟! بل وكأنهم ليسوا هم من من إتهموا النظام السابق بتصفية الاقلام والاصوات الحرة ؟! 

نحن لا نتحدث عن القتلة والمجرمين الذين يلوذون بحماية احزابهم الحاكمة في العراق، فهؤلاء يسخّرون القانون لحمايتهم وحماية أولياء نعمتهم الذين عاثوا فساداً واجراماً في العراق .. نحن نتحدث اليوم عن عصابات تلاحق كل صوت معارض باحث عن الحرية في السويد واوروبا .. وما يقوم به بعض الاقزام من حزبي الدعوة والمجلس الاعلى في السويد لاسكات صوت "يورو تايمز" لانها انتقدت "سيدهم" ذات مرة ؟! تراهم يكتبون التقارير ، ويعقدون المؤامرات تحت رعاية "دبلوماسي" في سفارة العراق ، ويهددون بمنع توزيع الصحيفة في ستوكهولم ، وكأنهم في العراق .. يظنون ان التهديد والبلطجة يجعلنا نتراجع عن خطنا المهني الذي لا يجامل متآمر ، ولا يهادن إرهابي، ولا يخلط الاورواق لحماية الفاسدين ؟!

يا من خنقتكم الحرية وإرتضيتم ان تكونوا عبيداً لسيدكم القابع في "خضراء" او "جادرية" بغداد .. لا تتوهموا انكم قادرون على ممارسة ارهابكم علينا .. وسنلاحقكم بكل الوسائل القانونية التي تحمي حرية الصحافة في اعرق البلدان الديمقراطية في العالم. ويكفي ما قمتم به من جرائم وسرقات من بلدكم الام ومن البلد الذي يأويكم منذ عقود، فخنتم العهد والامانة ، وخالفتم قوانينه واخلاقياته ، وتوهمتم ان "ربكم الاعلى" الذي يرسل لكم النعم من بغداد قادر على حمايتكم .. 

سنلاحقكم ونلاحق سيدكم صاحب مقولة "ما ننطيها" حتى ترضخوا لقوانين البلدان التي منحتكم الخبز والكرامة وتنكرتم لها من أجل السحت الحرام واموال الارتزاق التي ملأت بطونكم ؟!

 

 

 

* رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز 

زر الذهاب إلى الأعلى