د. عبدالرزاق محمد الدليمي: العراق ليس مثل سوريا او غيرها
ابتداءا لا اريد في هذه الوقفة ان امحو نزعة التفاؤل والامل لدى العراقيين التي يعيشونها بعد ماحصل من تطورات وتغيرات دراماتيكية في المنطقة واكثرها مسرة هي نهاية النظام الطائفي العنصري الكارثي في سوريا والدلالات التي انطلق منها كثيرين وبنوا عليها مثل احتمالية حدوث شيئ مشابه في العراق الذي يعاني من اوضاع اسوء من ما كان يعيشه ابناء جلدتنا في سورية….منطلقا من فرضية اساسية ان العراق ليس مثل اية دولة اخرى لانه بلد محتل من امريكا وبريطانيا وكل الذي حصل منذ نيسان 2003 وسيحصل في العراق هو اما بتخطيط الاحتلال او بموافقتهم ولذلك لن يحصل بالعراق شيئ مشابه لما حصل في سوريا مثلا.
أن الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 كان بوابة لتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة كما ان تغيير النظام في العراق فتح المجال أمام إيران للسيطرة عليه سياسيًا واقتصاديا وعسكريًا و هناك فجوة بين نظام الحكم والوضع الشعبي لاسيما بعد انتهت فترة تجاوزت العقدين من الزمن ولم ينتج عنها اي مشروع سياسي او تحسن او تغيير في عقلية ثلة الحكم بعدما اثبتوا انهم مجرد لصوص ومجرمين ولاؤهم لايران والامريكان.
ربما يكون الوضع الكارثي الذي يعيشه العراق مختلف عن بقية دول الاقليم بسبب ان النظام المفروض على العراقيين تم صناعته بالكامل من قبل الاحتلال الامريكي البريطاني بالتوافق مع ملالي طهران،لذلك لاحظنا (اقلها لحد الان) ان اسرائيل رغم اطلاق يدها على جميع من تعتقدهم معادين لها بالغارات والاغتيالات ووو الا انها لحد الان لم تقوم بأي عمل ضد المليشيات الايرانية في العراق رغم ما تقوم به هذه المليشيات من اعمال عدائية احيانا ضدها،وربما تفسير ذلك ان امريكا لا تسمح لاسرائيل ان تستهدف اي شيئ بالعراق لانه خاضع لها بالمطلق رغم ان الامريكيين يضغطون على ما يسمى برئيس الوزراء وهو شخصية ضعيفة ومسلوبة الارادة وهو نتاج ومرشح هذه المليشيات العميلة لتفكيكها وتسليم سلاحها للدولة!!! ناهيك عن ان امريكا ترتبط باتفاقية الاطار الستراتيجي التي تتعهد بموجبها حماية هذا النظام الهزيل الهجين الذي اسسته لخدمتها في العراق المحتل؟!! علما امريكا على مايبدو تؤكد على قرار حل الحشد الشعبي سيئ الصيت والمحتوى وافراغ مقرات الاحزاب التابعة لايران وابعادها عن نشاطاتها الاقتصادية التي اضرت بالاقتصاد العراقي، واعادة ترتيب وتنظيم العلاقات مع ملالي طهران بشكل ينهي تبعية العراق اقتصاديا وسياسيا وامنيا لنظام الملالي ..اضافة الى عدم تدخل العراق بالشؤون السورية لاي سبب او مبرر
تعلم الثلة الفاسدة العميلة الطائفية في العراق أنَ ألتغيير الذي حصل في سوريا سيؤثر بشكل مباشر على وجودهم في السلطة علما ان من استلموا الحكم في سوريا يناقضون العملاء في العراق في كل توجهاتهم ، حيث تحول النظام في سوريا من وصفه نظاما علويا طائفيا واداة استراتيجية لإيران، الى نظام يناهض السياسة الايرانية الطائفية وهذا يعني ان النظام الجديد سيعيد صياغة مواقفه وسياساته وتحالفاته الإقليمية، لان ماحدث في سوريا شكلا ومضمونا جاء في اطار عملية تشارك فيها قوى دولية واقليمية لتحجيم دور ملالي طهران في اقليميا ودوليا واعادة وضع هذا النظام المزعج المستفز لجيرانه الى وضعه وحجمه الطبيعي وتأسيسا على ذلك اصبحت ثلة العبيد في المنطقة الخضراء تنظر إلى التغيير الايجابي في سوريا على انه تهديدا بكل المقاييس لوجودهم واستمرارهم بأغتصاب السلطة والحكم في العراق، وهم يعلمون اكثر من غيرهم رغبة العراقيين الملحة للتخلص منهم…… ومع ذلك فأنا شخصيا لا اتوقع من الامريكيين والبريطانيين انهم يحدثون التغيير الذي يشفي غليل العراقيين ويضمد جراحاتهم التي جاءت جميعها نتيجة سياسات الدول التي احتلت العراق وكانت السبب الرئيسي لتمكين هذه الثلة من المرتزقة والحثالات التي نفذت كل مخططات الاحتلال وعادت بالعراق الى عصر ماقبل الصناعة.
ان جل ما يمكن ان يحدث في احسن الاحوال هو عمليات ترقيع لن تشبع من جوع العراقيين ولن تروي من عطشهم منطلقين من الزام الجميع بالدستور الذي كتبوه وبالعملية السياسية التي اسسوها وسيقلمون اظافر بعض المليشيات بما لايمكنهم التجاوزعلى اسيادهم الصهاينة ويدمجون البقية تحت مسمى القوات المسلحة وبما لايلغي هويتها الطائفية وسيسمحون بمشاركة نسبية من بعض الاسماء العراقية النظيفة ووو.
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز