آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: عشرون عاما والعراق من سيئ إلى أسوأ

رغم مرور 20 سنة على اكبر جرائم العصر عندما احتلت امريكا وبريطانيا ومن تحالف معهما باحتلال العراق، تحت ذرائع كاذبة منها وجود “أسلحة دمار شامل”، وهي الحجة التي استخدمتها كلتا الدولتين لتبرير ذلك الغزو حينها مازال العالم في حيرة في قبول اي من المبررات والذرائع التي ادعتهما الحكومتين ساقتها وطبلت لها وسائل الاعلام الغربية (سيما الامريكية والبريطانية)
أكد احد المسؤلين في المخابرات الامريكية قبيل الغزو كانت قضية أسلحة الدمار الشامل ثانوية مقارنة برغبتهم في الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين. يقول رويدا “كنا سنغزو العراق، حتى ولو كان ما بحوزة صدام هو مجرد رابط مطاطي ومشبك ورق.. كنا سنقول إنه سيستخدم هذه الأشياء لفقء عينك”.
اصبح العمل الإعلامي المرافق للغزو الأميركي البريطاني للعراق من أهم الحالات الدراسية في كليات الإعلام في جامعات العالم وفي المؤسسات الإعلامية المحلية والعالمية، حيث زج للمرة الأولى فيها الفضائيات والإنترنت إلى جانب الصحافة ووكالات الأنباء والإذاعة والتلفزيون المحلية في حرب كبيرة أقرب إلى العالمية واشغلت جميع الناس تقريبا

ان الكشف عن الواقع الإعلامي الغربي الجديد الذي يحركه كبار المؤسسات الإعلامية والمالية حيث استخدام الدعاية و التظليل الإعلامي الذي تسبب في ضرب استقرار ووحدة الشعوب العربية والإسلامية متخذين في ذلك دولة العراق نموذجا، وسنحاول في مداخلتنا الاحاطة بالطريقة والكيفية التي تعاملت بها وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها للاحتلال الأمريكي للعراق .
علما ان الحروب لم ولن تقوم بمعزل عن توظيف الإعلام والدعاية والحرب النفسية، لحشد الرأي العام ورفع معنويات الجيوش، ومواجهة العدو وتحطيمه، سيما في هذا العصر الذي يتميز أساسا بالاتصالات والمعلوماتية التي تتحول برمتها إلى الإعلام والدعاية .

قرود بدائية شبه مسلحة تحكم العراق

على ذمة شبكة اخبار العراق وغيرها أنقل الخبر التالي بالنص ((اكد النائب عن مليشيا العصائب علي تركي الخميس على تأجيل مشروع المقاومة الاسلامية الى ظهور المهدي؟!،وقال النائب في حديث صحفي ان الامام خامنئي عقد اجتماع مع المهدي الغائب،ليلة رمضان وطلب منه تاجيل مشروع المقاومة الاسلامية في تحرير القدس حتى ظهوره واضاف النائب ان خامنئي طلب من حماة الاعراض في الحشد الشعبي بقاء القوات الامريكية وحلف الناتو في العراق لحين تحسن الوضع الامني وازالة خطر التهديد تجاه النظام الاسلامي في طهران))؟!!!. تخيلوا بهذه العقلية يقاد العراق المحتل منذ عشرين عاما،بلد الحضارات ومنارة العلم ومصنع العلماء.
تأسيسا على مانقلته اعلاه يبدو واضحا ان استيلاء هذا النوع من الجهلة على مقاليد السلطة في العراق اعطى المبرر للصحفي الامريكي المنبوذ في شبكة فوكس نيوز توكر كارلسون ليصف العراقيين بـ “القرود البدائية” ، بحسب ما ورد في التسجيلات التي نشرتها منظمة غير ربحية تطلق على نفسها اسم “مراقب للتضليل المحافظ في وسائل الإعلام الأمريكية” ، بحسب ما ورد أشار كارلسون للعراقيين على أنهم “قرود بدائية شبه مسلحة” وقال إنهم “لا يستخدمون ورق التواليت أو الشوك”.

تفويض AUMF واحتلال العراق
ومنذ مطلع العقد الماضي، استفاد مختلف الرؤساء الأميركيين من التفويض الصادر من قبل الكونغرس الأميركي عام 2002، المعروف اختصاراً (AUMF)وهو القرار المشترك للسماح باستخدام القوات المسلحة للولايات المتحدة ضد المسؤولين عن الهجمات الأخيرة التي شنت ضد الولايات المتحدة 2001 … والذي أتاح لإدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، غزو العراق، تحت ذريعة الدفاع عن الأمن القومي للولايات المتحدة ضد التهديد المزعوم الكاذب بادعاء ان االعراق كان يشكّل خطوره على امريكا……من الصورة العامة، تمثّل في أنّ الاحتلال الأميركي أسس لمعادلات سياسية قلقة في العراق، ارتكزت على معايير طائفية وقومية ومذهبية، ساهمت في إيجاد مناخات سياسية متأزمة ومتشنّجة على الدوام، سادتها الصراعات الحادة على مواقع السلطة والهيمنة والنفوذ، وأريد لها أن تكون بشكل أو بآخر بمثابة أرضيات لتمرير أجندات ومشاريع التفتيت والتقسيم، وفق ما طرحه الرئيس الأميركي الحالي جوزيف بايدن، قبل بضعة أعوام حينما كان يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، وكذلك ما تناولته ونظرت إليه العديد من مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية الأميركية طيلة الأعوام التي أعقبت احتلال العراق، وحتى قبل ذلك الوقت.
أدت المغامرات العسكرية الأميركية المستمرة إلى تزايد حدة المشاعر المعادية للولايات المتحدة، وتنامي جهود التعبئة لدى المجموعات الإرهابية، التي تزايدت أعدادها اليوم بمقدار أربعة أضعاف عما كانت عليه في عام 2001،أن المغامرة الباهظة التكاليف خلال العقدين الأخيرين أسهمت فقط في تضخيم وتوسيع حجم المنظمات الإرهابية بدلاً من اقتلاعها وبمناسبة مرور عشرين عاما على احتلال العراق ، فإن على الإدارة الامريكية والكونغرس في نهاية المطاف أن يعترفا بأن تلك المغامرة بالغة الثمن ضد الإرهاب قد فشلت، ويجب أن يعيدوا تقييم جرائمهم ويبدؤا بتصحيح المسار الآن واول خطوه هي إلغاء قانون( (AUMF
وقد يكون العراق من بين أكثر الدول التي تضرّرت من جرّاء السياسات الأميركية-الغربية، سواء قبل الاحتلال او خلال المرحلة التي أعقبته. ولم يعد بإمكان أي كان أن ينكر الكوارث والمآسي الحاصلة بسبب تلك السياسات، أو حتى يقلّل من حجم تداعياتها وإرهاصاتها الآنية والمستقبلية. والتي ربما تكون قد فاقت الكوارث والمآسي التي خلّفتها الحربان العالميتان الأولى ، والثانية.
لقد اسهمت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بدق اخر مسمار في نعش الامم المتحدة ،عندما غزوا العراق دون وجه حق او مبررات واقاموا بعد احتلاله نظام احتكاري قمعي استبدادي عدواني حينما مكّنتا ثلل من المتحزبين اللاسلامين الفاسدين المجرمين القتلة ومن معهم ومهّدت الطريق لهم لتصفية خصومهم وشن الصراعات الداخلية والخارجية، وإقحام العراق في دوامة المآسي والكوارث الإنسانية الكبرى، وبذلك اصبح واضحا ان الدولتين المارقتين امريكا وبريطانيا اسست هذا النظام حيث بدا من خلاله أنهما لا تريدان لهذا البلد ولا لأبنائه الخير او التمتّع بالاستقرار والازدهار والأمان، حاله حال أغلب دول وشعوب العالم والمنطقة، وإلا لماذا انفتحت أبواب الفوضى بكل أشكالها وصورها بعد الاحتلال مباشرة، وعلى مرأى ومسمع الحشود العسكرية الأميركية التي سيطرت على أرض العراق وسمائه بالكامل. إن امريكا وبريطانيا بالتخادم مع نظام طهران اسسوا في الواقع حقبة جديدة سوداء في تاريخ العراق، حفلت وماتزال بالكثير من الإجرام الأميركي البريطاني الفارسي .

نظام لايعترف بأرادة الشعب العراقي
لم يعد خافيا على احد من ان الشعب العراقي وتحديدا الشباب الواعي منه بات مدركا ان لاحل امامه الا التغيير الثوري رغم ان كلفة هذا التغيير في هذه المرة ستكون عالية حيث يظهر واضحا ان السلطة الفاسدة ومن يقف خلفها لا تقيم وزنا او اهتماما بما يريده العراقيين حيث اثبتت تجربة عشرين عاما عجافا من الاحتلال وهيمنة هذه الثلل المارقة ان لافائدة ترتجى او يستجاب لها من خلال الاحتجاجات التي رافقة عمر الاحتلال منذ نيسان 2003 وحتى الان فالاسباب الموجبة لاستمرار الاحتجاجات والاساليب القمعية التي مورست ضد المحتجين تدفع بالعراقيين المخلصين لان يرفعوا من وتيرة احتجاجاتهم وثورتهم ضد الاحتلال وذيوله …حيث اصبح الفساد و”فشل” سياسات الحكومات المتعاقبة، وأصابع نظام إيران.اكثر وضوحا بل الادهى ان سياسي الصدفه لايعترفون بما اوصلوا اليه البلاد والعباد من كوارث ولسان حالهم يقول ان بعض العراقيين لاتعجبه هذه السياسة او تلك ويحتج في لحظة غضب ثم يهدأ ويرجع الى صوابه …هكذا هو تقييم زعماء المافيا في النام القائم في العراق ونسوا هؤلاء الدخلاء على السياسة والوطن أن الاحتجاجات ستستمر وتتصاعد طالما تزداد تراكمات الفساد واالعمالة والتدخل الفارسي البغيض واستمرار هيمنة الأحزاب والكتل المتهالكة وماينتج عنها من حكومات فاشلة. بالإضافة إلى الميليشيات التي استنزفت الميزانيات، واخرها تمرير مجلس النواب اللاعراقي قانون سانت ليغو سيئ الصيت والمحتوى كل ذلك يمثَّل ضغوطاً سياسية واقتصادية ولوجستية على شعب العراق، الذي استهانت به إيران، فكان لا بد أن تحدث الاحتجاجات ويقول الشعب كلمته .

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى