د. عبدالرزاق محمد الدليمي: الصهاينة والخيار الشمشوني
تتحدث الاساطير عن شخصية اسمها شمشون الذي قبض على العمودين المتوسطين الذين كان البيت قائما عليهما واستند عليهما الواحد بيمينه وآخر بيساره وانحنى بقوة فسقط البيت على الأقطاب وعلى كل الشعب الذي فيه فكان الموتى الذين أماتهم جميعهم..ابتدأت بهذا المثال لاني ادرك ومثلي كثيرين من ان الكيان الصهيوني لن ينتهي من خارجه بل ان سر فنائه من داخله وجزء مهم من تلك القوة الداخلية التي ستنهي هذا الكيان مايقوم به شعبنا العربي الفلسطيني من تضحيات جسام لتقويض هذا الكيان المغتصب…وتشير ان قادة هذا الكيان مقتنعين اليوم اكثر من امس انهم سيلجئون مضطرين مندحرين في وقت قريب الى نفس ما فعله شمشون عندما اسقط البيت على نفسه وعلى الاخرين.
لاحلول مناسبة في الافق
اكدت هيئة البث “الاسرائيلية” بأن الاجتماع الذي عقد في منتصف شهر اب الماضي بين رئيس الحكومة “الاسرائيلية” نتنياهو ووزير خارجية اميركا بلينكن في تقليص الفجوات لن ينجح، ولم يحرز تقدما في شان الصفقة، وان اميركا و”اسرائيل” تتصرفان على اساس أنهما انتصرتا في الحرب ومن حقهما فرض شروطهما على الفلسطينيين في غزة، والانتقال الى جبهة لبنان وحساباتها المختلفة لاحقا ،وحسب نفس المصادر، فان اميركا و”اسرائيل” تريدان تغيير وجه المنطقة في ضوء التقدم الكبير مؤخرا لمحور المقاومة على كل الجبهات، وتريدان تغيير قواعد الاشتباك واللعبة والتحكم بزمام الامور، ولن يوقفا الحرب قبل القضاء على حماس واستسلامها وقتل قياداتها دون استثناء لاحد كما يعتقدان، واخراج عناصرها مع الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من غزة والضفة الى الجزائر، ووضع القطاع كله مع الضفة تحت إشراف القوات الدولية، ووافقت الامارات على المشاركة، وتريثت السعودية وقطر والبحرين بالقبول، على ان يلي ذلك تشكيل حكومة برئاسة سلام فياض مع احتفاظ اسرائيل بالإدارة الامنية الشاملة وبقاء جيشها على التقاطعات الأساسية، ثم يأتي الاعمار في المرحلة الاخيرة مقابل اعتراف عربي واسلامي شامل بوجود اسرائيل.
امريكا شريك اساسي في العدوان على فلسطين
منذ بداية العدوان الجديد على شعبنا في فلسطين طالبت الامم المتحدة وقفا فوريا لإطلاق النار لأسباب انسانية اضافة الى مطالب اخرى رفضت من دول العدوان امريكا وحلفائها ، أي انه ليس وقفا دائما لإطلاق النار. ومع ذلك لم تقبل به الولايات المتحدة لإن الكيان الصهيوني المؤمن بنظرية التفوق العنصري لا يقبل ان تفرض عليه جهة دولية كيف تتصرف قواته ، ولذلك قال المندوب الصهيوني في مجلس الأمن ” إن مشروع القرار منفصل عن الواقع” ، والواقع بالنسبة للصهاينة هو ما يرونه فقط”. كما إن الإدارات الأمريكية جمهورية كانت أم ديمقراطية هي أسيرة اللوبي الصهيوني المتمثل بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية ” AIPAC”، وتتخذ القرارات بشأن الصراع العربي-الإسرائيلي بناء على إملاءات الكيان الصهيوني عبر الآيباك. والولايات المتحدة لا تخشى على مصالحها في الدول العربية نتيجة هذا الدعم المطلق للكيان الصهيوني طالما أن العرب اعتادوا عليه وقبلوا به.
الانظمة العربية وصمت القبور
إن على الدول العربية استيعاب درس من المواقف الأمريكية التي تتخذ ضد كل مايتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني وكأن التاريخ يعيد نفسه عندما ذهب وفد عربي لمقابلة الرئيس جونسون في البيت الأبيض بعد هزيمة الخامس من حزيران يطلب منه المساعدة على كبح جماح اسرائيل، واستقبل جونسون الوفد وكان كلبه الى جانبه فوجه جونسون الحديث الى كلبه قائلا : ماذا أفعل تجاه جيران يواصلون إزعاج جارهم حتى اضطروه لإن يعطيهم علقة ساخنة ..لن تغير الولايات المتحدة من دعمها المطلق الكيان الصهيوني إلا إذا شعرت أن هناك ثمن ستدفعه من علاقاتها مع العرب، والولايات المتحدة بحاجة الى العرب اكثر بكثير من حاجة العرب لها.
عجزالامم المتحدة
نتذكر جيدا تلك الرسالة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الى مجلس الامن مستندا إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة مثّلت موقفاً شجاعاً منه، التي قوبلت برد غاضب من وزير خارجية الكيان الصهيوني الذي وصف ولاية غوتيريش بعد تفعيله المادة (99) من الميثاق بإنها “تهديد للسلم العالمي” وليس “حفظ السلم والأمن الدولي”. ثم جاء الفيتو الأمريكي ليجهض جهود غوتيريش، ويبدو ان غوتيريش خياران لم يختار قرار الحفاظ على ماء الوجه ويستقيل وذهب بأتجاه
خيار إكمال ولايته لغاية عام 2026 وهو مكسور الجناح ويلحق بركب الأمناء السابقين: بان كي مون الذي كان يعبر عن الأسف فقط ، وكوفي عنان وبطرس غالي اللذان صحا ضميرهما بعد خروجهما من المنصب!
الملالي يستفيدون من عدم ردهم على الصهاينة
كشف الرئيس الامريكي الاسبق المجرم بوش الابن ان العلاقة بين إسرائيل وإيران قويّة جداً ، أهمها التعاون بين «الموساد» وإيران على خلق مناخ ملائم للإرهاب في المنطقة ، ومن ثم وهو الأهم ، حماية حدود إسرائيل ومستوطناتها من هجمات المقاومة الفلسطينية ، كما حماية الجولان ، وهي التي سمحت لإيران -بعد الاستئذان- بإدخال قواتها وميليشياتها الى لبنان وسوريا ، ولولا الميليشيات الايرانية في جنوب لبنان، لكان وضع الامن في شمال إسرائيل غير مستقر ،ثم إنّ العلاقة الأهم بينهما هي انها تلبّي مصالح إسرائيل في عرقلة قيام دولة فلسطينية ، إلاّ وفق النظرة الاسرائيلية ، وليس وفق ما تراه السلطة الفلسطينية ،اضاف المجرم بوش ما يبدو ظاهرياً من خلافات بين إسرائيل وإيران غير صحيح ، فإيران ليست على خلاف إلاّ بشأن المفاعلات النووية لصناعة القنبلة الذرية ، كما أننا في الولايات المتحدة على خلاف معها بهذا الشأن ، رغم تعاونها معنا في كل الأمور الأخرى ، إذ ان الاتفاق المسبق معها كان بحضور إسرائيل قبل احتلال العراق وإن علاقة إسرائيل وإيران قديمة من خلال وسطاء إيرانيين ، ولولا هذه العلاقة لا أعتقد أنّ النظام الايراني في هذا الجو العدائي الذي يثيره في محيطه ، كان قادراً على الاستمرار ، لولا الدعم الاسرائيلي له في الدوائر الغربية …. لذلك فأن ملالي طهران سيستفيدون من هذه المسرحيات بالحصول على مكاسب مادية وسياسية كبيرة جدا.
خيار شمشون
ستستمر معاناة ومكابدة شعبنا في فلسطين بشكل عام وغزة وما حولها بشكل خاص لحين ان يصل الجهد الدبلوماسي الدولي الى نتائج تجبر نظام الفصل العنصري الصهيوني على الخضوع للقانون الدولي، وحتى نشهد انتفاضة الجماهير العربية وصحوة القادة العرب، وحتى يتصاعد الوعي العالمي بضرورة لجم النظام العنصري الصهيوني وانصاف شعب فلسطين، يبقى صمود شعب فلسطين وتبقى البندقية الفلسطينية وقذائف الياسين هي الفيصل وهذا ماسدفع بقوة لان يختار مجرموا الكيان الصهيوني خيار شمشون!
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز