مقالات رئيس التحرير

د. علي الجابري : السويد تحترق .. فما نحن فاعلون؟

النكبة الكبيرة التي تمر بها السويد واليونان جراء إندلاع حرائق كبيرة في مساحات شاسعة من الغابات ، دفعت البلاد الى الاستعانة بدول أوروبية كثيرة ، منها ايطاليا والنرويج وفرنسا وبولندا، بعد فقدان السيطرة على الحرائق ، وعدم وجود طواقم كافية من فرق الانقاذ في البلاد.

هذه المأساة الانسانية دفعت الكثير من السويديين من أصول عربية، أو القادمين الجدد الى البلاد للتطوع والمساهمة مع فرق الانقاذ ، واغاثة المناطق والعائلات المنكوبة، وهي مبادرة جميلة تستحق الاحترام ، لانها تدل على الشعور بالمسؤولية الوطنية والانسانية.

وكانت المبادرة التي اطلقها مجموعة من التجار والناشطين العرب في مدينة مالمو لاغاثة المناطق المنكوبة بالمواد الغذائية والمستلزمات المنزلية ، نموذجا خيراً يستحق الدعم والاشادة، وجاءت في وقتها المناسب.

السويد الوطن الجميل الممتلئ إنسانية ، والذي كانت ابوابه مفتوحة للهاربين من براثن الديكتاتورية والقتل المجاني في بلادنا العربية لعقود طويلة ، يستحق ان نقدم له الكثير، وان نقف معه في هذه الازمة الانسانية التي يمكن ان يمر بها أي شعب.

إن تنادي مجموعة خيرة من ابناء الجالية العربية في مالمو  من اجل وطنهم الثاني الذي يعيشون فيه، يقدم رسالة عن الصورة الحقيقية والمثالية التي يجب ان تكون عليها الجالية العربية، ويقطع الطريق امام العنصريين الذي دأبوا على محاربة هذه الجالية، ووصفها بإنها غير منتجة ولم تقدم الى السويد ، الا الافعال الضارة؟!

علينا ان ندعم هذه المبادرات ونطورها ونشارك فيها من اجل مستقبلنا ومستقبل ابنائنا في هذا البلد الذي لم تميز قوانينه بين سويدي اصل وسويدي من اصول اجنبية، رغم محاولات بعض الاحزاب والقوى المتطرفة الإساءة بشكل مستمر للجالية العربية ، وابراز الفعل الفردي السئ على انه الصورة الحقيقية للجالية العربية.

هذه المبادرات تغير كثير من شكل الصورة النمطية للجالية العربية ، ويجب ان تستمر، ليعلم الجميع انا ابناء وطن واحد ، نشعر بألم الاخر ، ونتعاطف معه إنسانياً ، لا على طريقة ذاك المتطرف الذي يدعو المسلمين في السويد الى مقاطعة الانتخابات السويدية ويصفها ببلاد الكفر ، وهو يعيش في خيراتها، ويحمل جنسيتها؟!

 

شكرا لاصحاب مبادرة مالمو ونتمنى المزيد من المبادرات.

 

 

 

* رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى