العمل بـ”80 سنتاً” في الساعة .. إحدى نقاط خطة حكومة بافاريا حول اللجوء
أقرت الحكومة المحلية في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا خطة جديدة لتنظيم أوضاع اللاجئين واللجوء وصفها رئيس الحكومة بأنها ستكون "الحل" لأزمة اللجوء، فما هي نقاط هذه الخطة الجديدة المثيرة للجدل؟
"نريد أن نصبح قدوة في ألمانيا"، هذا ما قاله رئيس وزراء ولاية بافاريا جنوب ألمانيا، ماركوس زودر بعد أن تبنت حكومته خطة جديدة للجوء في الولاية يوم الثلاثاء (الخامس من حزيران/ يونيو 2018)، وأضاف زودر عقب اجتماع حكومته: "نريد أن نظهر للمواطنين أننا لا نأخذ مخاوفهم بجدية فقط، بل إننا نقوم بالتغيير واتخاذ القرارات"، مشيراً إلى سعيهم لتخفيف ما أسماه بـ"إحباط اللجوء" لدى المواطنين الألمان و"المتضررين".
وتتضمن الخطة الجديدة للجوء في ولاية بافاريا عدة نقاط مثيرة للجدل تنتقدها منظمات حقوقية وإنسانية بشدة، وهذه النقاط هي:
لا إعانات مالية!
بحسب الخطة الجديدة لن يتلقى طالبو اللجوء أي مساعدة نقدية وإنما ستكون كل المساعدات عينية "عندما يكون ذلك ممكناً قانونياً" حسبما قال زودر. والذي أضاف: "عندما يعرف الناس منذ البداية أنه ليس لديهم فرصة في الحصول على حق اللجوء، يجب على المرء ألا يمنحهم حافزاً على شكل راتب لجوء".
زيادة فرص العمل بـ (80 سنتا)
وتتضمن الخطة زيادة فرص العمل "غير الربحي" لطالبي اللجوء، والذي يتم فيه منحهم (80 سنتاً) عن كل ساعة عمل.
وبالإضافة إلى 3 آلاف فرصة عمل قائمة من هذا النوع، تنص الخطة على توفير 5 آلاف فرصة عمل أخرى.
ورغم إقرار زودر أن هذا العدد مازال غير كافٍ، إلا أنه أكد سعي حكومته لتوفير المزيد من فرص العمل من هذا النوع، وأضاف: "من يستطيع العمل، فعليه القيام بالخدمة"، محذراً من إمكانية تخفيض المساعدات المقدمة لطالبي اللجوء في حال رفضهم القيام بهذا العمل.
شرطة حدودية بافارية
وتشمل الخطة تأسيس شرطة حدودية بافاريا، حيث من المقرر، وفقها، إنشاء مقر جديد للشرطة في مدينة باساو الحدودية ليكون مسؤولاً عن أمن شريط حدودي يبلغ طوله 30 كيلومترا مع كل من التشيك والنمسا. ومن المخطط أن يصل عدد أفراد الشرطة في تلك المنطقة إلى ألف شرطي بحلول عام 2023.
الشرطة الألمانية تقوم بضبط الشاحنات لمنع الهجرة غير القانونية
رحلات بافارية
بحسب الخطة الجديدة فإن الحكومة البافارية ستقوم بنفسها بتنظيم رحلات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلبات لجوئهم وذلك اعتباراً من آب/ أغسطس. ما يعني أن بافاريا لن تنتظر بعد ذلك تنظيم رحلات الطيران والذي هو حتى الآن مسؤولية الحكومة الاتحادية حصراً.
وحول تنظيم بافاريا رحلات الترحيل بنفسها قال زودر: "هكذا يمكن تنظيم عمليات الترحيل بشكل أكثر فعالية وتحقيقاً للهدف المرجو".
زيادة نقاط الاحتجاز
من المقرر وفقاً للخطة الجديدة زيادة عدد نقاط الاحتجاز، وهي الأماكن التي يوضع فيها طالبو اللجوء المرفوضين قبل ترحيلهم، ويبلغ عدد هذه النقاط 131 نقطة في بافاريا. حيث تنص الخطة على بناء مركز احتجاز جديد في مدينة باساو الحدودية بحلول عام 2022، يضم 200 نقطة احتجاز، بالإضافة إلى مركز آخر في مدينة هوف يضم 150 نقطة احتجاز.
مراكز "الإرساء"
وتتضمن خطة ولاية بافاريا الخاصة بتعديل وتشديد سياسة اللجوء، إنشاء "مراكز الإرساء" التي تؤيدها حتى الآن ولايتان أخريتان، وهما ساكسونيا وزارلاند، وتعارضها ولايات أخرى.
ومراكز الإرساء هي مراكز تنوي الحكومة الاتحادية إنشاءها في الولايات، بحيث يبقى فيها طالبو اللجوء حتى البت بطلبات لجوئهم، مع إلزام الذين تُرفض طلبات لجوئهم على البقاء فيها حتى يتم ترحيلهم، بشرط أن تكون أقصى مدة إقامة في تلك المراكز سنة ونصف.
وما يفرّق مراكز الإرساء عن مراكز الإيواء الحالية أنه سيتواجد فيها موظفو جميع الدوائر الألمانية التي لها دور في عملية اللجوء، كدائرة الأجانب والمكتب الاتحادي للهجرة واللجوء بالإضافة إلى حقوقيين وقضاة. ومن المقرر إنشاء أول مركز في أيلول/ سبتمبر من هذا العام.
وحسبما صرح به رئيس وزراء بافاريا فإن ولايته تريد تعديل آلية عمل المراكز الموجودة الآن، وتحويلها إلى مراكز "إرساء"، ولا تنوي إقامة مراكز "إرساء" جديدة.
تشجيع العودة الطوعية
بالإضافة إلى برامج تشجيع العودة الطوعية الموجودة الآن، تخصص الخطة الجديدة مبلغ 500 ألف يورو إضافية لهذا الغرض. وقال رئيس الوزراء البافاري عن ذلك: "عوضاً عن الحوافز المالية المقدمة لطالبي اللجوء من الضروري وجود برامج تساعد الناس على العودة إلى بلدانهم".
تم ترحيل بعض طالبي اللجوء المرفوضين بالرغم من اعتناقهم للمسيحية
عقبات قانونية وحقوقية؟
لكن تطبيق العديد من نقاط الخطة الجديدة يصطدم بعقبات قانونية وحقوقية بحسب منظمات وخبراء. حيث انتقد مجلس اللاجئين في بافاريا الخطة الجديدة مؤكداً أنها "ليست سوى محاولة شعبوية لاستعادة الأغلبية في الانتخابات القادمة، والمقرر إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر عام 2018.
وذكر المجلس في بيان له إن بعض النقاط في القانون الجديد "ليست متعارضة فقط مع أفكار الاتحاد الأوروبي، وإنما انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف".
وأشار المجلس إلى أن استبدال المساعدات النقدية لطالبي اللجوء بالعينية، مثلاً، ينتهك الحق الدستوري في "الحد الأدنى للكفاف الذي ضمن كرامة الإنسان".
كما أن الترحيل القسري لطالبي اللجوء، حسبما قال المجلس، يتناقض مع قانون اللجوء الذي ينص على عدم إعادتهم إلى دول قد يتم اضطهادهم فيها.
وقال المحامي هوبرت هاينهولد من منظمة "بروأزول" المدافعة عن حقوق اللاجئين للقناة الألمانية الأولى إن بافاريا قد لا تكون قادرة على القيام بعمليات الترحيل في الحالات التي لا توافق فيها الدولة التي أتى منها طالب اللجوء على استقباله مثلاً. وفي هذه الأحوال ستضطر الولاية انتظار تنسيق الحكومة الاتحادية مع تلك الدولة قبل قدرتها على ترحيل أولئك اللاجئين.
كما أن الخبير القانوني د. أولريش بيكر من معهد ماكس بلانك قال للقناة الألمانية الأولى إن الشرطة الاتحادية قد لا تقوم بتسليم الشرطة المحلية في بافاريا مسؤولية حماية الحدود.
وطالب مجلس اللاجئين في بافاريا رئيس الوزراء ماركوس زودر بـ"التوقف عن هجماته المعادية للإنسانية"، و"عدم القيام بحملات انتخابية على حساب اللاجئين".
ومنذ موجة اللجوء "المليونية" إلى ألمانيا عام 2015 لا يخفي الحزب المسيحي الاجتماعي الحاكم في بافاريا، الذي ينتمي إليه زودر، رغبته بجعل الولاية التي يحكمها، مكاناً أقل جذباً لطالبي اللجوء في ألمانيا، لتكون "قدوة" للولايات الأخرى، سائراً على خطى الجارة النمسا والدول الأوروبية الأخرى التي شددت من قوانين اللجوء بعد عام 2015، عندما وصل إلى أوروبا حوالي مليون طالب لجوء.