السياحة العلاجية في ألمانيا.. دخل هائل يساهم فيه مرضى عرب
كم عدد السياح، الذين يقصدون ألمانيا سنوياً من أجل السياحة العلاجية
ينس يوجتشاك: يقصد ألمانيا سنوياً بين 230 ألف و 250 ألف مريض من 177 بلداً مختلفاً من أجل تلقي الخدمات العلاجية، سواء العلاج الخارجي (دون إقامة) أو العلاج السريري (بإقامة) في مرافق الرعاية الصحية الألمانية. وقد تم استقبال ما يزيد عن 100 ألف مريض للعلاج السريري في المستشفيات الألمانية. وهناك اختلافات بين إقامة المستشفى المخطط لها وغير المخطط لها. كما يتم تسجيل الضيوف الأجانب الذين يمرضون أثناء إجازتهم أثناء رحلة عمل أو عبور ألمانيا أيضاً كمرضى أجانب من قبل المستشفيات.
هل يمكن تقدير نسبة المرضى، الذين لا يذهبون صدفة للعيادات الطبية أو المستشفيات الألمانية، وإنما يخططون بالفعل للعلاج في ألمانيا؟
لسوء الحظ، لا توجد لدينا أرقام موثوقة. لكن التقديرات تشير إلى نحو 40 إلى 45 في المئة من المرضى، جاءوا بشكل مخطط له من أجل العلاج في ألمانيا.
ماهي البلدان التي يأتي منها المرضى بالأساس؟
يأتي معظم المرضى من البلدان المجاورة مثل بولندا، هولندا أو فرنسا. بالأخص المرضى في المناطق الحدودية يستفيدون من خيارات العلاج خارج بلدانهم. في المقابل لدينا أيضاً الكثير من المرضى من روسيا واتحاد الدول المستقلة (مكون من 12 جمهورية سوفيتية سابقة) ودول الخليج العربي، إذ تعد ألمانيا منذ سنوات مقصد العديد من المرضى من الإمارات العربية المتحدة والسعودية والكويت.
تعد هذه العيادة في فيسبادن واحدة من العيادات الأكثر شعبية بين المرضى الأجانب منذ سنوات
هل حدثت تغيرات في السنوات الأخيرة بالنسبة للبلدان، التي يأتي منها المرضى؟
هناك تغير باستمرار. أما بالنسبة للسوق غير الأوروبية، فقد هيمنت الدول العربية على قطاع السياحة العلاجية لما يقرب من عشر سنوات. حيث يكون الطلب من هذه البلدان متقلباً نسبياً. ولكن عندما يكون هناك أي تغيير سياسي أو اقتصادي، عادة ما يكون له تأثير بليغ على الطلب. ولهذا يمكن أن ينخفض عدد المرضى من سنة إلى أخرى.
في السنوات الأخيرة كانت روسيا السوق المهيمنة. حيث يقصد ألمانيا المزيد والمزيد من المرضى من روسيا واتحاد الدول المستقلة لتلقي العلاج. ولكن هذا الأمر تغير مع بداية الصراع الروسي الأوكراني. حيث كان لعقوبات الاتحاد الأوروبي تأثير كبير على الطلب. إذ تراجعت نسبة المرضى الروس بأكثر من 30 في المئة في عام 2015. إضافة إلى ذلك، هناك بالطبع الظروف الاقتصادية السيئة مثل انهيار الروبل الروسي أو انخفاض سعر النفط، وبطبيعة الحال ألقت هذه التغيرات بظلالها على الطلب.
ماذا تعني السياحة العلاجية بالنسبة للاقتصاد؟ وما هو حجم الأموال في هذا المجال؟
نحن نقدرأنه بفضل المرضى الأجانب هناك أكثر من 1.2 مليار يورو عائدات إضافية للمستشفيات الألمانية. وتأتي هذه الأموال من اقتصادات وطنية أخرى وليس من إعادة توزيع الأموال المحلية. إنها أموال إضافية يستفيد منها نظام الرعاية الصحية لدينا. ويمكن للمستشفيات تشغيل موظفين إضافيين، ويمكنها أيضاً شراء معدات جديدة وما شابه ذلك، مما يجلب فائدة مباشرة أيضاً للمرضى الألمان. وإضافة إلى مبلغ الـ1.2 مليار يورو، يدخل على الأقل مبلغ مشابه أيضا مجالات صناعة السياحة والإسكان والتجارة.
ماهي العيادات التي يتوجه لها المرضى؟ هل للعيادات الخاصة نصيب الأسد من هذا النشاط الاقتصادي؟
بالتأكيد تستفيد العيادات الخاصة كذلك. بالأخص العيادات الخاصة التي توفر للمرضى خدمات النقاهة والاستجمام. ولكن المستفيد الأول هي المستشفيات الجامعية ومستشفيات المدن الكبرى، مثل مستشفى جامعة فرايبورغ أومستشفى "فيفانتيس" في برلين. وهي العناوين الأكثر جذباً للزبائن الأجانب.
هل هناك أي عيادات أو أي مدن تحظى بشعبية خاصة لدى المرضى الأجانب؟
تحظى المدن، التي تتوفر فيها مستشفيات جامعية بشعبية كبيرة، مثل ميونيخ، ومنطقة كولونيا- بون- دوسلدورف أو برلين. وتعد منطقة الراين-ماين وكذلك هامبورغ مناطق جذب أيضاً.
هل هناك علاجات أو مجالات طبية معينة تلقى رواجاً بين المرضى الأجانب وتلعب دوراً مهماً في ازدهار مجال السياحة العلاجية في ألمانيا؟
مبدئاً هي نفس العلاجات، التي يتلقاها المرضى الألمان. والتخصصات الأكثر طلباً في كثير من الأحيان هي جراحة العظام، طب الباطنة، أمراض القلب، والجراحة. ولكن إذا نظرنا إلى أسواق بلدان محددة، فإن ذلك سيختلف. ويهيمن المرضى من منطقة اتحاد الدول المستقلة بالأساس على علاجات الأورام. ويرجع ذلك إلى الأضرار الناجمة عن كارثةانفجار المفاعل النووي "تشيرنوبيل". حيث يأتي من هناك المرضى بشكل متزايد إلى ألمانيا لعلاج الأورام.
وترجع زيارة المرضى من دول الخليج لألمانيا لطلب العلاج إلى انتشار سوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة هناك. ويخلق هذا ارتفاعاً في الطلب على علاجات أمراض التمثيل الغذائي، فضلاً عن غيرها من التخصصات المرتبطة بها مثل أمراض القلب، واضطرابات العضلات والعظام، واضطرابات العين، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها .. إضافة إلى تخصصات غير متطورة أو غير متوفرة في البلدان الأصلية. وهنا يمكن ذكر تخصص طب الأعصاب للأطفال أوطب التأهيل .
***يينس يوجتشاك، باحث في مجال السياحة العلاجية منذ 15 عاماً، بجامعة "بون راين زيغ".
أجرى الحوار ماتياس فون هاين/ إ.م