آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: حكومات الدمى

أثارت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للعاصمة العراقية بغداد مؤخرًا ولقاؤه بالرئاسات الثلاث الكثير من اللغط والتساؤلات، وانقسمت الآراء حول خفاياها ما بين أن تكون خطوة أولى نحو التمهيد لاصطفاف جديد على مستوى العالم والمنطقة، واحتمال أن يتحوّل العراق إلى بوابة استثمارية واقتصادية جديدة لروسيا، التي تعيش عزلة مالية واستثمارية بسبب حربها على أوكرانيا والعقوبات الغربية.وعلى الرغم من أن العراق ما زال يُعاني من أزمات كثيرة، بدءا من انقسامه السياسي الداخلي وانتهاءً بالأزمة الاقتصادية وتذبذب عملته المحلية أمام الدولار، فإن امتلاكه الثروات الطبيعية من النفط والغاز جعله -بحسب مراقبين- محطّ أنظار الكثير من الدول، لاسيما أن العراق يقع ضمن من تُفكر روسيا بالاستفادة منهم عبر حلفائها في المنطقة على حساب أميركا.ويعود تاريخ التعاون العراقي مع الشركات الروسية إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الروسية في قطاع الطاقة بالعراق 13 مليار دولار، وفقًا للسفير الروسي السابق ببغداد ماكسيم ماكسيموف.
جاءت زيارة الوفد الروسي إلى بغداد بسبب العقوبات الغربية على موسكو ويُمكن التماس ثقل زيارة لافروف إلى بغداد من خلال ترؤسه وفدًا دبلوماسيا واقتصاديا واستثماريا رفيع المستوى، بالإضافة إلى شركات نفطية وغازية ومن قطاعات أخرى، في الوقت الذي تعيش فيه موسكو على وقع حصار دولي نتيجة العقوبات الغربية التي فُرضت عليها عقب اجتياحها أوكرانيا، الأمر الذي يعني -بحسب أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي- أن الزيارة جاءت بسبب العزلة المالية المفروضة على روسيا.
من حق روسيا السعي لفك الحصار المفروض عليها، والبحث عن الدولار وبيع الغاز لتجاوز العقوبات الدولية من خلال استغلال الحكومة العراقية الحالية التابعة للإطار التنسيقي الذي تدعمه طهران، حيث تجمع الأخيرة مصالح مشتركة مع موسكو لمواجهة الحصار واللجوء إلى السوق السوداء للحصول على الدولار.
في السياق، يبدو ان بعض من سياسيي الصدفه اعتقد ان العراق المحتل من قبل امريكا وبريطانيا يمكنه محاولة تخفيف الضغط على السياسة النقدية والحصول على الطاقة من خلال تنويع علاقاته الدولية وتدشين وساطات بين دول غربية وإقليمية، لاينكر احد اهمية العلاقة مع الجانب الروسي أساسية وإستراتيجية ومهمة للعراق من أجل خلق التوازن في حالة كونه بلد مستقل بارادته وسياساته المختلفه ،ورغم أن من مصلحة العراق التقارب مع الدب الروسي العراقي، الا ان واقع حال العراق وهو بلد محتل فأن مثل هذه المغامرة وفي هذا الوقت ربما فيه كثير من المخاطر في سياساته الخارجية سيما وان تعتبر من جهة الادارة الامريكية نوع من الاستفزاز وحتما سيثير غضب واشنطن التي ما تزال تضغط على الاطراف المرتبطة بملالي طهران الذين هيمنوا على حكومة السوداني العرجاء،وهذ مايعني بالضرورة زيادة تعرض العراق لضغوطٍ أكبر فيما يخص الدولار أو حتى احتمال تعرضه لعقوبات اقتصادية من واشنطن إذا ذهبت بغداد بعيدًا في العلاقات الدولية التقليدية مع روسيا وإنقاذ الأخيرة من الحصار الأميركي والأوروبي المفروض عليها ، علما أن العراق بوضعه الحالي كدولة محتلة من امريكا وبريطانيا غير مؤهل للدخول في مشاريع مع روسيا او غيرها كون ان القرار الحقيقي الملزم هو قرار امريكي 100%.
نعم روسيا تحاول بناء علاقات أفضل مع العراق وقلقة من إمكانية تصدير العراق للغاز، من محافظات شمال العراق إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا، لان ملف الطاقة تحوّل لورقة ضغط كبيرة بيد الروس ضد الدول الأوروبية والغربية. والحكومة الروسية لا تُريد أن تفقد هذه الميزة الإستراتيجية، وهذا ما يدفعها الى ارسال وزير خارجيتها المحنك الى العراق، حيث يتوقع الروس ان أي تعاون بين البلدين سيكون له بكل تأكيد آثار إيجابية في فكّ العزلة الروسية ماليًا واقتصاديًا،ولا يخرج عن كونه محاولة روسية للحفاظ على مصالحها واستثماراتها الاقتصادية في العراق التي ترجع بعض منها الى سبيعينيات القرن الماضي. مع التأكيد على استمرار عمل شركاتها العامة في قطاع النفط بالعراق، فضلا عن الشراكات الكبيرة التي تجمع موسكو وبغداد في مجال التسليح مع التأكيد ان لموسكو هواجس بشأن مستقبل علاقتها السياسية والاستثمارية في العراق، كما تبرز التحركات الأخيرة للحكومة العراقية بالتوجه نحو عقد شراكة إستراتيجية مع دول بارزة في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا، التي تسببت في هواجس اخرى لدى موسكو حول مستقبل علاقتها مع العراق.
الملفت في موضوع توقيت زيارة لافروف للعراق انها جاءت قريبة من الزيارة الفاشلة مسبقا التي قام بها وفد برئاسة وزير الخارجية في حكومة السوداني مع رئيس البنك المركزي العراقي الى واشنطن لمناقشة الهيمنة” الأميركية على الدولار والكثير من الملفات الاقتصادية الحساسة، فضلا عن العلاقات المرتبكة والمُتشابكة بين السيد امريكا والعبد حكومة السوداني والموضوع لايقف عند هذه الاشكالية بل ان واشنطن تنظر في اطار المشاكل المعقدة مع موسكو سيما الحساسية البالغة إذ تمتلك روسيا مصالح ونفوذا في العراق نابعا من عمق علاقتها مع طهران، بما قد يعني أن زيارة لافروف ما هي إلا تأكيد على علاقة موسكو مع العراق في الوقت الذي تعيش فيه روسيا أزمة الحرب والصراع مع الغرب في أوكرانيا.تريد روسيا من خلال هذه الزيارة أن تستمر في الحفاظ على سياستها الخارجية مع الدول المتأرجحة في علاقتها الخارجية بين الولايات المتحدة وبين خصومها مثل الصين وإيران.
ان هذه الزيارة للمسؤول الكبير الروسي لبغداد اضافت اعباء اخرى ومبررات انذرت بفشل زيارة وفد حكومة المنطقة الغبراء الى واشنطن ورافق ذلك الرسالة شديدة اللهجة التي بعثها ثلاث من اعضاء الكونكرس الامريكي (مايكل والتز ،كيفن هيرن ،جو ويلسون من الحزب الجمهوري) والتي تضمنت مجموعة من التسؤلات منها ما هي الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة لمنع وزارة النفط العراقية من الانخراط في تعاون تجاري مع وزارة البترول الإيرانية المصنفة من قبل الولايات المتحدة ، والميليشيات العراقية المحددة بما في ذلك عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله والكتائب؟ بن الإمام علي؟ما هي الإجراءات التي تتخذها وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي للتحقق من أن تحويلات الأوراق النقدية الأمريكية الحالية لا تفيد إيران ووكلائها بشكل مباشر أو غير مباشر ، بما في ذلك من خلال المبيعات النقدية للبنوك المركزية العراقية ودعم التحويلات المصرفية المقومة بالدولار؟ هل كان هناك تحديد قانوني لتحويلات الدولار بينما تواصل وزارة المالية العراقية دعم الميليشيات المتحالفة مع إيران مالياً ،بما في ذلك المنظمات التي تصنفها الولايات المتحدة على أنها إرهابية؟ ما هي الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة لمنع تعيين كبار المسؤولين العراقيين المنتسبين إلى منظمات إرهابية محددة ، بما في ذلك وزارة التعليم العالي العراقية ، ووزارة الكهرباء ، ووزارة الدفاع ، والمخابرات العراقية؟ ما الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة لتنفيذ بند قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2020 والذي يمنع وزارة الدفاع الأمريكية من تقديم الدعم لأي مؤسسة عراقية تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر فيلق بدر؟ كيف تغير هذا؟
نحن نسأل ذيول طهران في النظام الهجين في العراق بعد احتلاله ..لماذا كل هذه الهرولة وراء إرضاء إيران الشر ؟ لماذا تحرص هذه الثلل القذرة التابعة لطهران الشر والفساد والجريمة ان يستمروا باداء دور الدُمى بيد ملالي إيران المجرمين ؟ إن الشعب يعيش الفقر والعوز والمرض والبطالة وذيول إيران الذين استولوا على كل خير في العراق قد حرموا الشعب من حقّه في خيرات وطنه، وكان والمهم عندهم هو إشباع وإرضاء جارة الشر على حساب الشعب العراقي ..فلم يتركوا عملاً جباناً يدلُّ على السرقة والإحتيال إلاّ وعملوه في العراق ، ويستمرون باستخدام لعبة الدولار وارتفاعه وانخفاضه وسعر الصرف والفروقات وغيرها والتي استغلوها ليكملوا دورهم الإجرامي في اللعب بمقدّرات الشعب .. ويبعثون كل ما يرسل لهم من اموال النفط العراقي أمريكا لتهريبها الى ايران الشر.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى