آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: السوداني بين تحديات الخارج واستحقاقات الداخل

واضح جدا ان النظام الذي اوجدته دول الاحتلال امريكا وبريطانيا بالتنسيق والتوافق المصلحي مع نظام ملالي طهران من نيسان 2003 يعيش على الازمات المفتعلة التي دمرت العراق الا انها تصب في مصلحة الاحتلال وتعتاش عليها ذيوله من الاحزاب والشخوص الذين رهنوا انفسهم ذيولا لكل ما هو أجنبي، يتم تدويرهم بالحكومات المتعاقبة الفاشلة حيث ينتشر الفساد والتخلف في نواحي الحياة،وكلما جاءت حكومة لعنت التي سبقتها مع العلم انهم جميعا ينتمون لذات الداء السرطاني الذي زرعته امريكا وبريطانيا وملالي طهران.
رسميا تم فرض السوداني لتشكيل الحكومة الجديدة من قبل الرئيس الغائب في 13 تشرين الاول 2022 ومنحها البرلمان الثقة في 27 من الشهر نفسه، والسوداني كان في حزب الدعوة وقدمه الخزعلي الى بقية كوارث الإطارغير أنه سرعان ما أتضح أن اختياره كان محل صراع شديد على المناصب والمغانم بين قيادات الإطار. ومنذ تسلمة المنصب تفرض عليه قوى الاطار المتصارعة على المغانم لتعيين أكثر من 10 آلاف منصب لما يعرف باسم الدرجات الخاصة .بين وكلاء الوزراء والمستشارون، والمدراء العامون دون ان يكون لعنصر الكفاءة والخبرة والوطنية حضور في تعيينهم ويجب ان تقسم على الكتل التي شاركت في الحكومة وفق معادلة ايهم الاقوى ومن منهم الضعيف
وتضم هذه المواقع رئاسة الهيئات المستقلة التي تفوق اعدادها الـ25 هيئة والدرجات الرفيعة في الوزارات والمواقع الامنية مثل المخابرات والحشد التابع للملالي .
كما اتخذ بعد ايام من توليه رئاسة الحكومة قرارات وصفت بانها عملية تطهير حين اعفى مجموعة من المسؤولين الكبار والمستشارين غالبيتهم الساحقة من الشيعة المتحفظين على سياسات ايران والرافضين لتدخلها في الشؤون الداخلية لبلدهم. حيث بدأ باستبدالهم باخرين مقربين او موالين لها. وهؤلاء يُطلق عليهم العراقيون تسمية “الولائيون”.
ويبدو ان السوداني يخضع بالكامل تحت هيمنة المالكي رغم ان حزب الدعوة استحوذ على اهم الوزارات في الحكومة ومنها وزارة النفط التي كانت حكرا على عمار الحكيم فقد فرض المالكي تعيين اربعة مستشارين للسوداني غالبيتهم اعضاء في حزب “المالكي”، وموالين له.
كان ذلك محل استغراب بقبول السوداني لترشيحات المالكي لمستشاريه وجميعهم من “الدعوجية” كما وهو ما يؤكد انه اصبح اداة معلنة بيد زعيم الحزب على الرغم من تأكيداته بأنه لم يعد عضوا في الحزب بعد انسلاخه عنه قبل سنوات.
ارضاءا لملالي طهران وعملاؤها قرر السوداني إعفاء محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف المحسوب على جماعة الصدر من منصبه، وكلف علي محسن العلاق بإدارة البنك بالوكالة، الذي كان شغل هذا المنصب ابان حكومة المالكي، فيما يعتبر وزير الداخلية عبد الامير الشمري من المقربين للاخير.واعاد تكليف العلاق في منصب محافظ البنك المركزي العراقي تذكيرا للعراقيين بحادثة تلف سبعة مليارات دينار عراقي (5 ملايين دولار) عام 2018 حيث ارتبط اسمه بتلك الحادثة عندما تسربت مياه الأمطار إلى داخل البنك وتضررت الأوراق النقدية بنسبة 100%
البرنامج الحكومي الميت
السوداني ئأنه شأن من سبقوه اراد ان يسوق برنامجه الحكومي المزعوم دعائيا وهو ومن يقف خلفه يعلمون استحالة تنفيذ هذا البرنامج في واقع متخلف مرير كان السبب في حصوله نفس المرجعيات التي رشحت السوداني وليس من مصلحتها او مصالح دول الاحتلال تغييره؛ وهذا يعني ازدياد تعقد البيئة السياسية، وتهالك البنية التحتية، والتفشي الافقي والعمودي للفساد والمحسوبية وضعف في امكانيات وصلاحيات اي رئيس وزراء عن تنفيذ إلاصلاحات المزعومة.
إن حصان السوداني لايمكنه في سنة واحدة او سنوات تنفيذ ولو جزء يسير من هذا البرنامج الطويل والمركب، لذلك سيتجه لتنفيذ بعض الاجراءات لاغراض دعائية هذا مايفسر لنا لقاءاته المتكررة مع عدد من الاعلاميين والصحفيين وقبول طلباتهم التي غلب عليها الجانب المصلحي الشخصي ونحن لسنا ضدها اذاكانت مستحقة.
واضح جدا ان الاطار خططوا لكوارث اخرى سيستغل فيها السوداني بارادته او بدونها فالمأزق الحقيقي سيكون في التنفيذ، بسبب الحاجة للإنفاق المالي الكبير، وبدون رقابة على هذا الإنفاق.فالسوداني سينفق اكثر من مبلغ 40 مليار خلال عام، على زيادة جيوش الموظفين واغلبهم سيكونوا من حصة الاحزاب الفاسدة لاستخدامهم في الانتخابات اللاحقة (كما فعلها المالكي في ولايتيه الارثيتين عندما عين مئات الالاف وتم استغلالهم بالتهديد والوعيد او بغيرهما من الاساليب الملتوية غير الشريفة بأعطاء اصواتهم للمالكي وحزبه وهذا مايفسر لمن لايعلم ان للمالكي في كل الانتخابات حصة تكاد ان تكون ثابتة) هذا عدا اعداد كبيرة من الفضائيين هذا سيكون مرتع كبير للفساد، سيما وان حكوة السوداني بسبب تركيبتها من الاطراف التي تقود الفساد لن تتمكن من مراقبته، كما ان العراق المحتل غير مؤهل لهذا القدر من الإنفاق .
تبرز الموازنة المالية للعام 2023، كأحد التحديات أمام حكومة السوداني، رغم مرور اكثر من شهرين على تقديمها لمجلس النواب، حيث تتجدد مخاوف السيناريو المتمثل في احتمال توقف صرف رواتب الموظفين، في حال عدم إقرارها.علما، ان حكومة السوداني تتربع على خزائن العراق بأكبر احتياطات مالية في تاريخها، مع قفزة أسعار النفط، ومتوقع انها كانت اكثر 100 مليار بنهاية العام 2022.

اما المصائب الاخرى التي تورط بها فهي علاقات حكومته مع ملالي طهران وتركيا وامريكا فاراضي العراق منذ احتلاله اصبحت مستباحة فحتى من كان يرتعد خوفا من اسم العراق اصبح يتطاول عليه ناهيك عن تتصاعد وتيرة الهجمات والضربات الجوية والصاروخية الإيرانية والتركية على الحدود وفي عمق الأراضي العراقية، رغم المواقف الرسمية والشعبية العراقية الرافضة لها.

فالوضع خطير والاعتداءات التركية والإيرانية تتصاعد بقوة، ما يجعل الحكومة الجديدة برئاسة السوداني، محرجة جدا أمام الشعب العراقي، وما يزيد هذا الحرج أن تشكيل هذه الحكومة من القوى المحسوبة على نظام إيران.
ان الأخطر هنا هو التلويح التركي وكذلك الإيراني الدائم بالاجتياح البري الواسع للأراضي العراقية، وتغاضي امريكا دولة الاحتلال الاولى عنهما رغم انها المسؤلة عن حماية العراق ولا نعتقد ان حكومة السودانيقادرة على التحرك سريعا لدرء هذا الخطر الداهم، رغم انها المسؤولة الأولى امام الشعب العراقي وفي حال تمدد إيران وتركيا داخل الجغرافيا العراقية سيتفجر غضب شعبي واسع بالعراق، كون الموضوع يمتد لقضم أجزاء واسعة من الأراضي العراقية،والسؤال هنا هل ستستطيع حكومة وصفت بحكومة الدمى مواجهة اتساع نطاق التهديدات الإيرانية والتركية المتزايدة لوحدة وسلامة التراب الوطني العراقي. حيث بات واضحا ان كلتا الدولتين تصدران أزماتهما الداخلية للعراق.
اما العلاقات العراقية الأمريكية فهي الاخرى اخذت منحى تصاعدياً يؤشر لحالة فيها شكوك وهواجس على المستوى الاستراتيجي، وشكلت صدمة ليس لإيران حسب بل لعملائها وتحديدا الاطار فموضوع ترقيع مسرحية الدولار وعدم رغبة دولة الاحتلال الامريكي التعامل مع اشخاص محسوبين على مليشيات ارهابية ومطالبة ثلاث من الكونكرس الامريكي للرئيس بايدن بالاجابة عن مجموعة تساؤلات تشمل في جوهرها الرغبة في محاسبة المالكي واخرين…ثم الاملاءات الامريكية شديدة اللهجة الواجبة التنفيذ التي نقلها السوداني الى جماعة الاطار وكل هذا خلافا لما كانت يتوقعه ملالي إيران بعد وصول محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء وعلى سبيل المثال لا الحصرلاحظنا
التحولات على أرض الواقع فالقوى المعترضة بالأمس على مد الأنبوب النفطي بين البصرة والأردن عبر العقبة ابدت الموافقة والتقبل له فنظام ملالي إيران يعيش صدمة كبيرة بعد أن كان يعول كثيراً على القوى المسؤولة عن وصول السوداني لمنصة الحكم حيث بدأت تصف بعض منها بالإطار التطبيعي وليس التنسيقي

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى