أخبار

كيف يمكن للمدن حماية مواطنيها من هجمات السيارات؟

 

لندن- خاص

نشرت صحيفة الغارديان مقالا للكاتب جاسون بورك حمل عنوان كيف يمكن للمدن حماية مواطنيها من هجمات السيارات؟ جاء فيه: 

من المستحيل جعل المدن آمنة من الهجمات باستخدام المركبات بنسبة مئة في المئة، ولكن يمكن للسلطات أن تفعل الكثير للتخفيف من هذا التهديد.

هل يمكنك جعل المدينة آمنة ضد الإرهابيين الذين يستخدمون المركبات كأسلحة؟

الجواب القصير هو: لا، من الصعوبة توفير الحماية ضد إرهابيين يستخدمون العناصر اليومية المتوفرة لتنفيذ الهجمات.

ولكن يمكن للسلطات أن تفعل الكثير لتخفيف التهديد، على الأقل لبعض الأهداف الواضحة. فبعد فترة وجيزة، أعرب المسؤولون الاسبان عن اسفهم بعدم التحرك بشكل أسرع لتعزيز الإجراءات الأمنية على شارع لاس رامبلاس، الذي كان معبأ بالسياح في ظهيرة يوم صيفي مشمس، خاصة مع وقوع هجمات بالسيارات في أماكن أخرى في أوروبا في العام الماضي.

وقال رئيس بلدية نيس كريستيان استروسي انه سيلتقي نظرائه الاوروبيين الشهر القادم لبحث كيف يمكنهم تحسين الامن في مدنهم في اعقاب الهجوم الذي وقع يوم الخميس في برشلونة.

وقال استروسي إن 30 مليون يورو قد أنفقت على حماية المناطق المستهدفة المحتملة في المدينة من هجمات السيارات المحتملة منذ العام الماضي، وأن المدن بحاجة إلى المزيد من المال لمواجهة التهديدات الجديدة. وقال "لن نكسب هذه الحرب إذا اعتمدنا على قواعد السلام".

والدفاعات الأكثر وضوحا هي الحواجز التي تمنع المركبات إما من زيادة السرعة أو الاستمرار لمسافات طويلة، ويمكن أن تكون هذه المعالم مرئية للغاية، مثل الكتل الخرسانية او المعدنية الواضحة مثل تلك التي تم نصبها خارج مجلس البرلمان البريطاني في لندن، او المموهة كما هو الحال مع أواني الزهور الثقيلة والمنحوتات التي تظهر في الشوارع، ففي إستاد الإمارات لكرة القدم في ارسنال في شمال لندن، ينتصب مدفع عملاق يرمز الى شعار النادي وهو يعمل كحاجز في الوقت ذاته.

ومن الواضح أنه يمكن إعادة تصميم الشوارع ومنافذ الوصول لمنع المركبات من ان تتسارع وتصل إلى أهدافها، وقد تم ذلك في معظم أنحاء وسط لندن ولكن هذه التدابير يمكن أن توفر حماية جزئية، كما أثبتت الهجمات على ويستمنستر وبورو ماركت هذا العام.

في سوق كبير في منطقة إيست اند اوف لندن، اتخذ اصحاب المتاجر الأمن على عاتقهم، فقد اوقفوا شاحناتهم الخاصة قطريا على مداخل الشارع الكثيف للوقاية من المهاجمين المحتملين. وتجري حاليا مناقشات مع المجلس المحلي حول تركيب حواجز متحركة.

وبعد حادث برلين في عيد الميلاد العام الماضي عندما قاد مهاجم سيارته وسط حشد من المتسوقين، قال قائد شرطة العاصمة الالمانية، كلاوس كاندت، أنه مع هذا العدد الكبير من الأهداف المحتملة وتشمل حوالي 2500 سوق في ألمانيا في 60 المدينة، كان من المستحيل الحد من الخطر الى الصفر.

ثم ان هناك أهدافا محتملة خارج المركز: أماكن العبادة على سبيل المثال -كان هناك هجوم بمركبة ضد المصلين خارج مسجد فينسبري بارك في شمال لندن هذا العام-  أو مجموعة لانهائية تقريبا من المواقع الأخرى.

كما ان وقف هجمات الإرهابية باستخدام المركبات يختلف عن وقف الهجمات بالأسلحة الأخرى، اذ يعتمد على مزيج معقد وديناميكي من المخابرات، وإنفاذ القانون، والتوعية العامة، والعلاقات المجتمعية وغيرها من العناصر التي نمت خلال السنوات الأخيرة.

ومن العناصر التي تبحثها الأجهزة الأمنية فيها، هو كيفية التعامل مع المرحلة المباشرة بعد الاعتقالات، أو ضرب المهاجمين إستباقيا اي قبل ان كونوا مستعدين للهجوم.

مثل هذا الاسلوب أصبح يعتمد عليه بشكل متزايد، فقد جاء هجوم برشلونة في اعقاب انفجار هائل حدث بشكل عرضي في مقر خلية المهاجمين على بعد 120 ميلا الى الجنوب من المدينة حيث كانوا يخططون لتنفيذ هجمات بالقنابل، ثم تحركوا سريعا للانتقام بسرعة وكانت المركبات هي خير وسيلة لهم.

وأياً كانت أيديولوجية الارهابيين فقد كانوا يستعينون عادة بأحدث اساليب التكنولوجيا الجديدة، بدءا من الديناميت في ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى التلفزيون في الخمسينيات وطائرات الركاب في السبعينيات. ومن المثير للدهشة أن المجموعات استغرقت وقتا طويلا للعمل على إمكانات المركبات.

وقد يرجع بعض هذا التأخير إلى مخاوف استراتيجية ولاهوتية بشأن استهداف المدنيين العشوائي.

لكن في عام 2010، حثت مجلة "انسباير" على شبكة الإنترنت، التي أصدرها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الجهاديين على استهداف مواقع المشاة باستخدام المركبات من أجل "تحقيق أقصى قدر من المجازر". وشجع شريط فيديو دعائي أصدرته داعش في عام 2014 المتعاطفين معها من الفرنسيين الجماعة على استخدام السيارات لقتل المدنيين.

وجميع الهجمات الإرهابية المسلحة على مدى السنوات العشرين الماضية اعتمدت على مواد محلية الصنع، يتم تجهيزها في غضون ساعة وتكون قريبة من مقرات الارهابيين، وشكلت الهجمات الدراماتيكية المعقدة مثل هجمات 11 أيلول / سبتمبر شذوذا عن هذه القاعدة. وهذا الامر ينطبق على الهجمات في العراق وأفغانستان بقدر ما هو الحال بالنسبة لإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وكثيرا ما تتحدد الوسائل التي يستخدمها الإرهابيون بمدى توفرها في الاسواق المحلية، في الولايات المتحدة غالبا ما تستخدم الأسلحة النارية القوية، وفي أماكن أخرى، تستخدم أسلحة أخرى، ففي الصين ظهرت السكاكين في الهجمات الجماعية، ولكن المركبات في كل مكان بطبيعة الحال.

زر الذهاب إلى الأعلى