آراء

د. حسن السوداني : الصناعة الثقافية

يتوهم البعض ان الصناعة الثقافية يمكن ان يتسلل لها بعض الذين لا يجيدون حل لغزها! نعم يحدث هذا كثيرا وبعدد فقاعات الصابون التي يطلقها طفل يبحث عن دهشة التكوين الاولى, غير انه يصاب بالخيبة لسرعة انفجار تلك الفقاعات التي تبدو ملونة تحت اشعة الشمس! 

ففي احصائية نشرت العام الماضي ان عدد الصحف والمجلات التي صدرت في العراق بعد عام 2003  تجاوزت 200 صحيفة ومجلة اختفى منها العدد الاكبر وما زال البعض الاخر يعاني بشدة من اجل الاستمرار!! كما صدرت الكثير من التجارب في المنافي الاوربية والامريكية وثقها الدكتور فائق بطي في كتابه (الصحافة العراقية في المنفى) ولم يتبق من كل تلك الاشارات الا عدد لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة!!

فالعبرة ليست بالانطلاقة الاولى بل في مواصلة المشوار حتى الافق البعيد, اسوق هذه المقدمة وانا اتصفح اعداد صحيفة اليوروتايمز ال21 التي  صدر اولها في اواخر عام 2016 وسيحمل العدد الذي تنشر فيه هذه المقالة العدد 22.

بمعنى اخر ان الصحيفة حافظت على نسق صدورها الشهري رغم كل الصعوبات التي يخبرها من يعمل في اصدار المطبوعات ثم اتساع رقعة توزيعها في البلاد الاوربية وتناولها اخبار المهاجرين في العديد من تلك البلدان جعل منها نقطة متابعة للكثير منهم غير ان الحدث الابرز الذي شهدته الصحيفة هو عقدها لمؤتمر مكافحة الارهاب واصدارها عدد خاص عن ذلك المؤتمر الذي اثيرت فيه الكثير من القضايا المسكوت عنها سياسيا وامنيا!!

ورغم ان الصحيفة اريد لها ان تنزلق في حروب (الديكة) وتنسى هدفها الانيق الذي اختطته مبكرا الا انها ابت الانجراف الى تلك المعارك واستمرت  كسهم يعرف اين يستقر في نهاية المطاف.

الصناعة الثقافية في المهجر او المنفى او المغتربات العربية تفتقد الى المختص الذي يعرف اين يضع خبزته في تنور الاحداث  لذلك استقرت عشرات التجارب التي ظهرت في تلك المغتربات كحصى كبيرة في بئر النسيان  بعد ان انخفظ منسوب الحماسة لدى من فكر باطلاقها!  وما يثير القلق حقا ان ما يصدر من منتجات الصناعة الثقافية اليوم لا يرتقي الى العدد المتزايد (للفارين) العرب من جحيم بلداننا التي يزدهر فيها الخراب ويتنامى بشكل مضظرد.

 وهنا لابد من طرح السؤال الاهم : هل اليوروتايمز  صناعة ثقافية حقيقية ام لا؟

نعم ايها السادة يمكننا ان نقول انها تحمل سمات الصناعة الثقافية التي تديرها عقول تعرف ماذا تريد وتقدر حجم المسؤولية التي تقع على عاتق المختصين في البلاد الاوربية التي يتنامى فيها اليمين المتطرف كحشرة الدوباس في عنق المجتمعات الاوربية وباتت تحفر وتنخر  بانياب وافكار مستوردة!! ورغم ان جهد صحيفة واحدة لن يوقف المد الاصفر الا انها على اقل التقديرات تشكل شاخصا يخشاه الذين في نفوسهم مرض!! 

فكم نحن بامس الحاجة اليوم لجهد صحفي وصناعة ثقافية ودراسات جادة ومراكز بحوث متخصصة تعنى باهم القضايا الملحة في عالم المنفيين وتكون لهم صوتا جهورا وهي ترفع شعار ( حرية الصحافة حدودها السماء).وكم نحن بحاجة ان يصمت من له هواية وضع العصي في العجلات وان يخفظ الكسالى من شخيرهم ويفيقوا قليلا قبل ان تتسرب مياه البحر المالحة الى اسرتهم وحينها لات حين مناص!

زر الذهاب إلى الأعلى