ارتفاع حاد في معدلات التنمر الإلكتروني بين الشباب في فرنسا

يورو تايمز / باريس
شهدت فرنسا خلال العام الماضي ارتفاعًا مقلقًا في معدلات التنمر والتحرش الإلكتروني بين فئة الشباب، وفقًا لتقارير إعلامية ودراسات حديثة. وتشير بيانات جديدة نشرتها قناة BFMTV إلى أن 37 في المئة من الشباب الفرنسي أكدوا تعرضهم لشكل من أشكال التنمر أو التنمر الإلكتروني خلال العام 2025، وهو ارتفاع كبير مقارنة بالعام السابق.
وبحسب التقرير، فإن الظاهرة أصبحت أكثر انتشارًا في ظل الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة بين المراهقين والشباب. كما أظهرت الإحصاءات أن أشكال التنمر تتنوع بين الإهانات العلنية عبر الإنترنت، نشر الصور أو المعلومات الشخصية دون إذن، والتحرش عبر الرسائل الخاصة.
وتتطابق هذه النتائج مع اتجاهات أوسع رصدتها دراسات سابقة داخل أوروبا. فقد أظهر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية أن ما يقرب من 15 في المئة من المراهقين في الفئة العمرية بين 11 و15 عامًا في أوروبا قد تعرضوا للتنمر الإلكتروني، فيما تشير دراسات محلية إلى أن نحو 23 في المئة من الأطفال الفرنسيين واجهوا تحرشًا إلكترونيًا في عام 2024، بينما ارتفعت النسبة إلى قرابة 60 في المئة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا.
ويرى خبراء علم الاجتماع أن هذه الأرقام تعكس تغير طبيعة العلاقات الاجتماعية بين المراهقين، حيث بات الفضاء الرقمي امتدادًا للحياة اليومية بكل ما فيها من مخاطر. ويؤكد المختصون أن التنمر الإلكتروني يترك آثارًا نفسية عميقة قد تؤدي إلى القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية وحتى الانتحار في بعض الحالات.
من جهتها، أعلنت وزارة التربية والتعليم الفرنسية أنها تعمل على تعزيز برامج التوعية الرقمية في المدارس، إلى جانب حملات لمكافحة التنمر الإلكتروني على الإنترنت، بالتعاون مع مؤسسات متخصصة ومنظمات أهلية. كما شددت الوزارة على أن المدارس أصبحت مطالبة بإبلاغ السلطات المختصة عن أي حالات تنمر إلكتروني يتم رصدها بين الطلاب.
ويحذر خبراء الأمن الرقمي من أن المنصات الإلكترونية الحديثة — مثل “سناب شات” و”تيك توك” و”إكس” — توفر بيئة خصبة لتكرار هذه الممارسات، خصوصًا في ظل سهولة إنشاء حسابات مجهولة الهوية وصعوبة تتبع أصحابها.
ويرى المراقبون أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تعاونًا واسعًا بين المؤسسات التعليمية والأسر وشركات التكنولوجيا، من أجل توفير آليات حماية فعالة وتشريعات أشد صرامة، لوقف ما وصفوه بـ”الوباء الاجتماعي الجديد” الذي يهدد سلامة الجيل الرقمي في فرنسا.
