د. بهاء العاني: ليس كل من يدعي السلام يمكنه أن يكون وسيطاً عادلاً

أين كنت يا ترامب ، وغزة تذبح من الوريد إلى الوريد ..؟
أين كانت “إنسانيتك” حين احترق الأطفال تحت القصف ، وجاعت العائلات ، وانقطعت الكهرباء والدواء والماء ..؟
لم نسمعك تطالب بوقف الحرب ، بل وقفتم كإدارة ، ودولة ، في وجه كل محاولة أممية لإيقاف شلال الدم في غزة .
بل تفاخر ممثلوك برفع الفيتو لحماية إسرائيل ، لأن الشعب الفلسطيني – كما تظنون – أعزل ، ويمكن سحقه بلا ثمن ..!
لكن اليوم، حين بدأت إسرائيل تتلقى الضربات ،
حين اهتزت صورة “جيشها الذي لا يقهر”،
وحين بدا أن الأمور قد تخرج عن السيطرة …
سمعناك تصرخ ، وتطالب بوقف الحرب ، وبحقن الدماء ..!
أي دماء تقصد ؟
دماء من؟
دماء الإسرائيليين فقط ؟
أما الفلسطينيون ، فلا بأس إن استمرت دماؤهم بالنزف ومنذ أكثر من 75 عاما ..؟
وها أنت اليوم ، تعود لتطرح نفسك
“صانع سلام”،
وتعلن:- “سأعقد اتفاقا بين إيران وإسرائيل ، كما فعلت مع الهند وباكستان .
لكن أين كان حماسك هذا حين تعلق الأمر بغزة ..؟
لماذا لم تسعى لاتفاق مشابه بين الفلسطينيين وإسرائيل ؟
هل كانت دماء غزة أقل وزناً عندك ؟
أم أنك كنت فقط تمهد الطريق لإسرائيل ، وتمنحها الوقت لتنهي مهمتها ؟
نعم ، لقد ذاق الصهاينة هذه المرة بعضاً مما أذاقوه للشعوب .
اليوم، إسرائيل تورطت بالفعل في صراع مباشر مع إيران ،
وصواريخ طهران باتت تطال عمق كل مدينة في الكيان ،
والشعب الإسرائيلي يعيش لحظات رعب غير مسبوقة ،
يهرول من ملجأ إلى آخر، لا يجد أماناً حتى في صمت الليل .
أما في غزة ، فرغم الجراح، يرقص الشهداء على وقع الموت ،
ويحمل الأحياء نعوش أحبتهم بصبر ، لأنهم يؤمنون بعدالة قضيتهم أكثر مما يخافون على حياتهم .
الآن، تهدد بحرب مفتوحة مع إيران .
فلتتحمل إسرائيل نتائج سياساتها ، ولتعرف أن القوة لا تبنى على دماء الآخرين إلى الأبد .
آن الأوان لسلام حقيقي ، ينصف المظلوم لا سلاماً يكافئ الظالم .
سلام يبنى على العدالة ، لا على فرض الأمر الواقع بالقوة .
النداء الأخير:-
نقولها بصوت واضح :-
ليس كل من يدعي السلام … يكون وسيطاً عادلاً .
- فمن لا يرى المذابح في غزة،
- ولا يسمع أنين الجوعى،
- ولا يهتم بالمحاصرين
( لا يستحق أن يتحدث بإسم الإنسانية )
وليعلم من يتقمص دور “الوسيط” أن السلام ليس عرضاً انتخابياً، ولا صفقةً تجارية…
بل هو ميزان الحق ، وإن غاب عن كفته العدل ، فهو زيف لا يولد إلا المزيد من النار .!
وما لم يكن السلام قائماً على العدل والكرامة ،
فلن يقبل به أحد …
فالشعوب التي تعودت على الجراح ، لا تساوم على حقها ، ولا تنكسر
أكاديمي عراقي