آراء

عبدالله سلمان: محمد شياع السوداني وبناء عالم افتراضي

بثت احدى وسائل الاعلام العربية لقاءا مع محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء العراقي وما اثار استغراب جُل المتابعين للشأن السياسي العراقي هي البداية المتلكئة لفترة وجيزة من الاجابة على اسئلة المحاور ظنا من المتابع ان ثقل اثار الفشل المتراكم وردائة الاوضاع الاقتصادية وتدهور الخدمات وانحدارها لدرجة الانعدام وعدم قدرة السوداني على الايفاء بوعوده ومنها اول وعد له انه سيصلح القطاع الصحي بمقولته الشهيرة (الله لا ينطيه) وسقوط كل شعارات القوى المتنفذة المهيمنة على السلطة وغياب الثقة بين المواطن واجهزة الحكم وما تتبناه من اقوال وادعاءات اثبت الزمن دجلها وانحرافها عن جادة الحقيقة ، كل ذلك ممكن ان يكون سببا للبداية المتلكئة على الرغم من التحضير المسبق للاجابة على هكذا اسئلة ، وان غياب الحلول الواقعية وعدم قدرة الحكومات على الايفاء بالاستحقاقات المترتبة عليها بسبب طبيعة النظام المحاصصاتي الذي يلغي الدور المركزي لاي مسؤول في السلطة لجعل المسؤولية فضفاضة تُسهل عمليات الفساد الكبرى وتهريب اموال الشعب العراقي للخارج لصالح ايران ومصالحهم الشخصية والحزبية يدفع به لذلك. لكن وعلى حين غرة ذهب السوداني بمقدم البرنامج والمتابعين الى عالم افتراضي فيه عراق ليس له علاقة بالواقع السياسي والاقتصادي الذي نعيشه وقدم سردا من الاجوبة الغير منطقية مما جعله في ورطة ولغط سياسي امام المتابعين والجمهور العراقي الذي لم يتلمس من النظام السياسي مع استمرار وجوده سوى الخداع الذي يرسخ انعدام الثقة بين منظومة 2003 والشعب . واستعرض السوداني موقعه الرسمي خلاف على ما نصت عليه لوائح المنظومة السياسية التابع لها وهي انه رئيس لمجلس الوزراء وليس رئيس وزراء كامل الصلاحية كما هو معهود في دول العالم وهذا الوصف لا ينقص من شخصه وفق طبيعة النظام القائم . ولم يشرح ان قرارات مجلس الوزراء تاخذ بالتوافق وليس بقرار رئيس المجلس تبعا للنظام التوافقي بين اطراف العملية السياسية منذ نشاتها على يد بول بريمر.
بعيدا عن سلوكيات حكومات الاحتلال المتعاقبة فان السوداني لا يستطيع لجم وزير خارجيته الذي يعمل وفق برنامج حكومة كردستان وليس وفقا لمهام منصبة كوزير خارجية للعراق . فلقد اثار وزير خارجية العراق افتراضا ومن خلال سؤال صحفي مدعوم من الوزير عن الاستثمارات الروسية في كردستان في لقائه الصحفي مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف الذي رفض التعامل بهذه الطريقة واجاب اننا نتعامل مع المركز لكل مناطق العراق وبعدها طرح مشلكة الاقليم مع المركز امام امين عام الامم المتحدة الذي كان جوابه يساند لافروف ويعرف السوداني تماما ان نشاط وزير الخارجية خاضع لاجندة الاقليم وتسويق سياسته . كما انه تجاوز الوصف الذي اطلقه قيس الخزعلي على السوداني كونه مدير عام في الاطار وهو الوصف الاكثر دقة ويتماشى مع طبيعة التكليف والاشتراطات التي وضعها الاطار ونفذها السوداني متبجحا ان لا احد يفرض شروطه ! عليه . اما فيما يخص الوضع الاقتصادي تحدث عن سنغافورة افتراضا وليس العراق عندما وصف ان الاقتصاد العراقي قوي وان الفائض المالي جيد وهو الافضل في تاريخ العراق وهذا وصف اي محاسب في اي شركة وليس رئيس حكومة عليه ان يقارن قوة الاقتصاد بمقدار الخدمات العامة والصحية بشكل خاص والتعليم ونسبة البطالة مع مقارنة الدخل الحقيقي للمواطن وقدرته الشرائية التي تكاد تكون معدمة للاغلبية وليس بالارقام . ان اي اقتصاد في العالم لا يلبي حاجات المواطن في حياة كريمة يعتبر منهار وضعيف وفاسد .
وقد غرق السوداني في ازمة المياه بحديثة عن قدرة العراق في التفاوض مع تركيا وايران وهو خال الوفاض من اي وسائل الضغط الدبلوماسي والاقتصادي بواقع عدم قدرته التحكم في سياسات الاقليم الاقتصادية الاستثنائية المفتوحة وبدون اي اتفاق او علم للمركز مع تركيا وايران ولا يتمكن من معارضة قوى الاطار التي تبيع العراق لايران ولا تكترث للشعب العراقي ان عطش او جاع . اما عن القصف الذي تقوم به تركيا وايران لمواقع تابعه لمجاميع ارهابية غير عراقية تمارس نشاطها داخل الاراضي العراقية بدعم من قوى الاطار وحماية الاقليم لقد كان الصمت اجدى به من الاجابة التي يعرف خباياها المواطن العراقي .
اما الدور المحوري للعراق في المنطقة وسيادته فكان له الحصة الاكبر من التباهي الذي لا يمت للواقع بصلة حيث يعلم المواطن العراقي ان سياسة العراق الخارجية مرهونة بموافقة ايران عبر اطارها الذي عين السوداني وان قاءاني يدخل العراق بدون علم الحكومة ويلتقي بمن يشاء ويامر والسفيرة الامريكية كذلك تلتقي مع اي وزير . علما ان الدولة المحورية يكون جواز سفرها ذو قيمة على الاقل في دول الجوار التي يصعب على المواطن العراقي السفر لها باستثناء ايران لغرض تنشيط اقتصادها .
لقد كنا خلال 48 دقيقة في عالم افتراضي مع السوداني.

لقاء محمد شياع السوداني مع قناة العربية الحدث الذي بث في 5 اذار 2023

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل بالضرورة يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى