نزار العوصجي: دوافع مقاطعة الأنتخابات

مقاطعة الأنتخابات النيابية في العراق لم تأتي من فراغ ، بل أنها قرار شعبي يستند إلى عدة عوامل :
أولها : عدم ثقة الشعب بالعملية السياسية التي جاء بها المحتل البغيض برمتها ، كونها جريمة ترتكبها مجموعة من العصابات ( ولا نقول أحزاب كما يدعون ) تبث السموم المشبعة بالحقد على الانسانية بشكل عام والأمة العربية بشكل خاص ، هي دخيلة على مجتمعاتنا ولا تنتمي للعراق ، لا من قريب ولا من بعيد ، لأنها امتداد للفكر الفارسي ، وتدين بالعمالة والولاء المطلق للعدو المجوسي ..
وثانيها : ان القائمين عليها ( قياداتها ) الذين كانوا يطلقون على انفسهم تسمية المعارضة للنظام الوطني ، لا يعدوا كونهم مجموعة من اللصوص ، والمهربين وقطاع الطرق ، والقتلة والمجرمين وتجار المخدرات ..
لقد اثبتوا بالفعل أنهم مرتزقة لا يمتلكون أدنى مقومات الغيرة والشرف ، غايتهم الاساسية ترتكز الى نقطتين رئيسيتين ..
الأولى : سرقة ونهب المال العام والخاص ..
والثانية : تدمير تاريخ وحاضر ومستقبل العراق بشتى الوسائل الوحشية والبربرية ..
لقد نجحوا في ذلك بامتياز بعد ان سرقوا واهدروا ما يزيد عن الفي مليار دولار ، ( وهذا المعلن فقط وما خفي كان اعظم ) ، بالاضافة الى تنفيذ الأوامر الصادرة لهم بدقة متناهية لتدمير كل ما من شأنه ادامة حياة الشعب ، وهذا ما لمسناه في جميع المحافظات والمدن العراقية بدون استثناء ، وتحطيم البنية التحتية بالكامل ..
كنا نعي من الوهلة الأولى ان هؤلاء المرتزقة ليسوا برجال دولة يمكن الاعتماد عليهم في بناء الوطن ، كما انهم ليسوا بسياسيين بالمعنى الصحيح ، يمتلكون القدرة على النهوض بالمهام المطلوبة ، ومعالجة الخلل الحاصل جراء الاحتلال من قبل قوى الشر الباغية ، وها هم اليوم يثبتون ذلك بجدارة على مرأى ومسمع العالم بأسره ، بعد ان أصبحوا اضحوكة هذا الزمن ، حيث تتناقل سفاهاتهم وكالات الأنباء والفضائيات حول العالم ، لتحكي قصة صراعاتهم ، والرغبة العارمة في الاستيلاء على السلطة ، ولتحكي معاناة وطن تمتد حضارته الى سبعة الاف سنة قبل الميلاد اسمه العراق ، وطن عرف بقادته الذين اسسوا للعلم والقانون والبناء ، وسنوا الكتابة ليعلموا البشرية معاني الرقي والثقافة ، ليتحول في غفلة من الزمن الى مغارة للصوص والمارقين وتجار المخدرات ، يختبئون فيه ليتقاسموا غنائمهم التي استحوذوا عليها بالباطل ..
ان المقاطعة الواسعة للأنتخابات تجسدت في ارادة الجماهير الواعية ، التي عبرت عن رفضها للواقع المزري الذي يخيم على العراق والعراقيين ، فتحولت الى خسارة بطعم الفوز للمغيبين عن الوعي ، الذين يتبجحون انهم شاركوا في تحقيقه ..
الأنتخابات لا تعدوا عن كونها مهزلة ، تضاف الى سلسلة المهازل التي عاش في كنفها العراقيين ، على مدى أثنان وعشرون عاماً ، لتضيف زمناً أخر قد يمتد الى اربعة سنوات عجاف اخرى ..
زمن لن يختلف عن سابقه في سوء الادارة ، وهدر الثروات ، وغبن للحقوق ، زمن جعلنا وسط حالة من عدم الاستقرار ، اشبه ما نكون في دوامة لاتهدأ ، منذ الاحتلال البغيض للعراق في 2003 ولحد الان ..
دوامة اشبه بالاعصار الذي لايهدأ ، يتلاعب بنا ويدمر حياتنا يشوه ماضينا ويهدد مستقبلنا ..
فكان لابد للشعب من ان يقول كلمته ويعبر عن عدم قناعته بعملية سياسية اقل ما يمكن ان توصف بها ، انها نتاج أحتلال بغيض اقدمت عليه قوى الشر بالتحالف مع اعداء الامة العربية من صهاينة وفرس مجوس ..
عملية عقيمة ومخاض عسير .. تمخضت فولدت فأراً ( ان صح القول ) ..
ورغم كل هذا لازال البسطاء من ( قصيري النظر ) الذين يأملون خيراً ، ويمنون النفس بما هو افضل ، فالامل هو السبيل الوحيد ، بل السلوى لمعانتهم التي امتدت طويلاً ، واكثر بكثير مما يجب ، واصبح الغد المنشود بعيداً جداً ، واصبحت الحرية والديمقراطية الموعودة ، اشبه بالحلم الجميل الذي لايلبث ان يتبدد مع بزوغ فجر الحقيقة المرة ..
اناس حالمون ليس الا ، لا يقدمون ولا يؤخرون ، لا يحركون ساكناً ولا يسكنون متحركاً ، ينتظرون كلمة فيها بصيص أمل ينطق بها ( السيد ) صاحب السماحة ، الذي نصب نفسه على انه وكيل رب العزة على الارض ..
كلمة تغير مجرى الحياة على البسيطة وما حولها من وجهة نظر الحالمون ، التائهون ، المغيبون ..
عليكم ان تفهموا اننا امام تحدي صعب ، وصعب للغاية ، بل انه الاصعب على الاطلاق ، سيجلب علينا الويل والدمار ان لم نفهم ، عندها لا ينفع النحيب والندم ..
لذا نقول : لا ترتجون خيراً من مثل هؤلاء ، وذكرونا ان اختلفت الحالة عن ما قلنا او بلغنا ، وها نحن نشهد الله انا قد بلغناكم بذلك ، وعاتبونا ان كنا مخطئين ..
لتلك الأسباب وغيرها التي لا مجال لحصرها في مقال ، قرر الشرفاء من أبناء الوطن عدم المشاركة في جريمة تدمير العراق .
أبعد كل هذا هل لا زال هنالك من يسأل لماذا قاطعنا الانتخابات ؟؟؟
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز