آراء

د. بهاء العاني: نحو مشروع عربي للردع والوحدة.. بين جراح الواقع ونداء المصير

في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات متسارعة وتحديات مصيرية ، تفرض هذه اللحظة التاريخية على الأمة العربية والإسلامية أن تقف صفاً واحداً ، مستلهمة من وقائع المعارك والأحداث الأخيرة ما يكشف أننا أمة فقدت تماسكها ، فباتت مفككة وضعيفة ، لا لندرة الإمكانيات ، بل بفعل التشتت الداخلي ، وتآمر بعضنا على بعض . لقد أفرزت هذه التحولات دروساً لا تحتمل التجاهل ، وأكدت أن المستقبل لا يبنى بالشعارات ولا بالتمنيات ، بل بالإرادة الصادقة والعمل المشترك .
أصبحنا الأضعف في المنطقة رغم أننا الأغنى في العالم ، لذلك تكالبت علينا الأمم لاستغلالنا ونهب ثرواتنا مستغلة ضعفنا وتآمرنا على بعضنا .
يصنعون الإرهاب من أولادنا ويمدونهم بأموالنا ، وفي النهاية يقولون إن الإرهاب صنيعتنا .
ومن هذا المنطلق ، فإن المرحلة تقتضي مصارحة شجاعة ومكاشفة صريحة بين الدول العربية وحتى الإسلامية ، عنوانها الاعتراف بالأخطاء وتغليب مصلحة الأمة على الخلافات والنزاعات الضيقة . آن الأوان لنبذ الأوهام والأطماع ، وفتح أبواب التصالح والتكامل ، ومؤازرة بعضنا البعض في وجه كل من حاول أو أراد تمزيقنا .
في هذا السياق ، لا بد من تفعيل دور جامعة الدول العربية بما يتجاوز البيانات والاجتماعات الشكلية ، إلى عمل مؤسسي جاد يهدف إلى تأسيس قوة ردع عربية مشتركة ، مدعومة علمياً وتقنياً ، تواكب التطورات العسكرية في المنطقة . لقد استطاعت إيران ، رغم الحصار ، تطوير ترسانة متطورة من الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة ، مما جعلها لاعباً لا يمكن تجاهله . فكيف لا تستطيع الدول العربية ، بثرواتها وخبراتها ، أن تنجز مشروعاً عربياً مماثلاً يضمن أمنها ويضع حداً لكل من تسول له نفسه الطمع بأراضيها ومقدراتها ؟
أصبحت الوحدة ليست حلماً طوباوياً ، بل ضرورة وجودية . إنها استحقاق تاريخي يتطلب تأسيس قوة عربية عسكرية مشتركة ، مدعومة إسلامياً وبأحدث الإمكانيات ، تذود عن كرامة الأمة وتصون سيادتها ، وتحول دون تكرار النكبات المتسلسلة التي عانى منها الجسد العربي .

إننا أمام مفترق طرق:
إما أن نرتقي إلى مستوى اللحظة ، ونحول الألم إلى دافع للصحوة ، والغضب إلى مشروع للانطلاق ،
أو نظل نراوح مكاننا ، تائهين في فراغ الخلافات ، بينما تسرق منا الأيام والأوطان .
إنها لحظة للارتقاء فوق الجراح ، والتاريخ لا ينتظر المترددين .

  • غزة ،غزة ، غزة، التي تنزف تحت وطأة آلة العدوان ، تنادي اليوم ضمير الأمة ولم يعد في الزمن متسع للتردد أو التخاذل .
    إن الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ، دعماً وصوتاً وفعلاً وقراراً ، هو واجب أخلاقي وقومي لا يخضع لموازنات سياسية أو مصالح آنية ، بل يستند إلى قاعدة راسخة من المسؤولية التاريخية والالتزام الإنساني .
  • ولا ننسى العمل على حل قضية السودان وتوحيدها بدلاً من تفكيكها وتدميرها، فمن له اليد بذلك من العرب عليه الكف والوقوف إلى جانب الشعب السوداني الجريح لتحقيق مصيره ، ليكون سنداً لإخوانه العرب.
  • السعي لحل قضية اليمن وتوحيدها ووقف نزيف الدم بين شعبها .
  • العمل على مساندة وتقوية وتسليح الجيش المصري الذي يحمل العروبة كلها في أنفاسه ، والذي بدأت تحاك له الفتن من أجل تدميره وإضعافه كما جرى للجيش العراقي والليبي والسوري . لأنه الجيش الوحيد المتبقي للأمة القادر على مجابهة إسرائيل والطامعين في بلداننا .
  • احتضان لبنان وسوريا والمغرب العربي كله ، لنكون أمة قوية تمتلك كل الإمكانيات لردع كل من تسول له نفسه الطمع في أمتنا .

إنها لحظة للارتقاء فوق الجراح ، والتاريخ لا ينتظر المترددين …
فلنكن كما يجب أن نكون:
أمة واحدة ، تصنع مجدها بدماء شهدائها ، وضمير أبنائها ، وعزم قادتها على العمل المشترك، … وإلى الأمام

زر الذهاب إلى الأعلى