آراء

د. محمد القيسي: قراءة سريعة.. حرب إسرائيل وايران بعد الضربة الأمريكية

ملاحظة : كتب هذا المقال قبل الهجوم الايراني على قاعدة العيديد في قطر

بعد الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة لأهم ثلاث مواقع للمنشأت النووية في ايران ، اعتقد انه لم تعد هناك قيمة للمفاوضات النووية، فالولايات المتحدة دخلت تلك المفاوضات بهدف تحجيم أو القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وقد اعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن تدمير البرنامج النووي الإيراني والقضاء عليه كلياً، وعليه فأن المنطق يقول ما الفائدة من الحاجة للمفاوضات بعد تدمير ذلك البرنامج؟.
ومن جهة اخرى فأن الولايات المتحدة وإسرائيل فقدتا مبررات الحرب والهجوم على إيران لجهة تدمير منشآتها النووية والقضاء على برامجها بالحصول على السلاح النووي ، وبإعلان ترامب القضاء على ذلك البرنامج لم تعد توجد أية مبررات وأسباب مقنعة أو حجج للقيام بأي هجمات الاّ إذا تحول الهدف إلى اضعاف النظام في إيران إلى الدرجة التي تؤدي إلى انهياراته وبالتالي زواله سوءا بمساعدات الأمريكان واسرائيل ومعهم من يرتبط بهم من معارضة إيرانية في الخارج أو على أيدي الشعب الإيراني إذا تمكن من انتفاضة تؤججها اسباب الوجع مما لحقه من خراب ودمار .
لكن لابد من الاشارة ان مقدار الاضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني لم يتضح فيما إذا فعلا تم تدميره بالكامل ولم يعد له اية اهمية أم انه تضرر حزئيا بما يمكن ان يعاد اصلاحه ، ومع مرور الوقت و عدم التمكن من اتضاح مدى حجم تلك الاضرار مع مسارعة الأمريكان في إعلان القضاء عليه فأنه يضع الأدارة الأمريكية في ورطة سياسية وعسكرية .
لكن من جانب ايران فأن تلك الضربة على منشأتها النووية تمنحها الحجة والمبرر الكافي للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وقد يترتب على ذلك إعلان إيران انها دولة نووية تمتلك سلاح نوويا في أي وقت ممكن إذا كانت الاضرار برامجها غير جوهرية وتمكنت من اعادة إعمار منشأته .
وكذلك ان ما حدث سوف يؤدي الى توسيع رقعة الضربات الإيرانية لإسرائيل، وربما تشمل مفاعل ديمونا في إسرائيل وفق مبدأ المقابلة بالمثل ، خصوصا مع ملاحظة الضعف في الدفاعات الجوية الاسرائيلية بسبب نقص الذخيرة والصواريخ ذات الكلفة العالية وطول الوقت الوقت اللازم لتصنيعها ، الاّ إذا تدخلت الولايات المتحدة بكل ثقلها في هذه الحرب ، التي ستكون كلفتها كبيرة و، جميعا يعرف ان الادارة الأمريكية الحالية برئاسة ترامب حريصة جدا على عدم انفاق مواردها في حروب تستنزف اقتصادها حتى لو فضلت توكيل أمر ايران كليا إلى إسرائيل فهذا مكلف لها ايضا ، وعلى الأرجح انها ستمارس مختلف الضغوط المباشرة او غير المباشرة على ايران من خلال الحلفاء الأوروبين والاصدقاء وكذلك روسيا والصين وحتى العرب لجرها إلى طاولة مفاوضات ( حتى وان كانت خاوية المحتوى بعد ما أعلنته على القضاء على البرنامج النووي ) ولكن من اجل ايقاف هذه الحرب واحتمال توسعها والإضرار التي قد تنجم عنها و تلحقها بالمنطقة التي تضخ في الأسواق العالمي ثلثي حاجته للنفط و كذلك الغاز ، فضلا عن موضوع ادخال مضيق هرمز وقناة السويس في ساحة الصراع وتأثير ذلك على التجارة العالمية والاقتصاد الدولي . ولابد ان نشير إلى ما أوردته وكالة رويترز اليوم نقلا عن مسؤولين أمريكان ان الولايات المتحدة تبحث عن حل دبلوماسي مع ايران .

واعتقد ان ايران ستقبل بالمفاوضات إذا ما تم إغرائها بانه سيتم رفع العقوبات الاقتصادية عنها جزءاً او كلاً او بالتدريج.

وحتى اسرائيل يمكن ان تستفيد من المفاوضات بعد ان دمرت الكثير من قدرات ايران العسكرية وكذلك لكي تتجنب حرب الاستنزاف وهي في حالة من اكثر من سنتين ، وفي كل الأحوال إذا أوقفت هذه الحرب من خلال المفاوضات والدبلوماسية فأن النظام في ايران سيخرج منها ضعيفا من جميع النواحي ويبقى الأمر متروك لشعب ايران لمعالجة جراحه واختياراته ازاء مستقبل النظام الحاكم .

زر الذهاب إلى الأعلى