ألمانيا- “لم الشمل” يُفشل جهود تشكيل حكومة ويقود إلى خيارات معقدة
ألقى سياسيو حزب الخضر باللائمة على الحزب الليبرالي في فشل المفاوضات مع حزبي الاتحاد المسيحي من أجل تشكيل حكومة جديدة. وقال جيم أوزديمير رئيس حزب الخضر في مؤتمر صحفي في برلين في ساعة مبكرة من صباح اليوم الإثنين (20 نوفمبر/ تشرين الثاني) "إن غياب الاستعداد لدى الحزب الليبرالي لتشكيل (ائتلاف) لم يأت وليد الليلة".
أمَّا راينهارد بوتيكوفر الرئيس الأسبق لحزب الخضر فوجه انتقادات حادة لكريستيان ليندنر رئيس الحزب الليبرالي، الذي انسحب من المشاورات. وكتب بوتيكوفر على "تويتر" إن ليندنر "اختار طريقته في الانفعال الشعبوي بدلا من (تبني) مسؤولية تجاه سياسة الدولة".
وكان ليندنر قد أعلن فشل المفاوضات مع دخول الساعة الأولى من يوم الإثنين وقال للصحافيين في برلين إن من "الأفضل للمرء أن لا يحكم، عوضاً من أن يحكم بطريقة سيئة".
لم الشمل حجر العثرة الرئيسي!
كانت الأحزاب المتفاوضة تسعى لتشكيل ما يعرف بائتلاف "جامايكا"، لكن كانت هناك نقاط خلافات أفشلت المفاوضات بعد أربعة أسابيع شهدت ماراثوني تفاوض، أحدهما أمس الأحد استمر 12 ساعة والآخر كان الخميس الماضي واستمر 15 ساعة.
نقاط الخلاف معروفة منذ اليوم الأول من التفاوض وهي: التغير المناخي، واستخدام الفحم كمصدر للطاقة، وإلغاء ضريبة التضامن، ثم القضية الأهم، ألا وهي قضية اللجوء والهجرة. ورغم ذلك دخلت الأحزاب المفاوضات وقال موقع "تسايت" الألماني إن المفاوضات جرت في نقاط كثيرة بمبدأ "الشيء مقابل الشيء"، ولذلك كانت عملية تقديم تنازل في مجال معين تمتد إلى مجال آخر، لتصل في النهاية كلها إلى "لم شمل الأسرة" بالنسبة للاجئين. وتابع موقع "تسايت" أنه "لو كان حدث اتفاق في هذا المجال (لم الشمل) لكان من الممكن وبسرعة حدوث إجماع في مسئلتي المناخ والضرائب".
وكان حزب الخضر قد اقترب من القبول بمقترح الاتحاد المسيحي الديمقراطي بتحديد عدد 200 ألف مهاجر سنويا لألمانيا، مقابل عدم تعطيل لم الشمل بالنسبة لعائلات اللاجئين لفترة أطول، لكن الحزب الليبرالي شدد في شروط لم الشمل، مطالبا بتمديد منعه لمدة عامين آخرين حتى يتم إصدار قانون للهجرة.
كريستيان ليندنر، رئيس الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) انسحب من مفاوضات تشكيل حكومة مع المسيحيين والخضر
ماذا بعد فشل المفاوضات؟
ترى إنس بول، رئيسة التحرير بمؤسسة دويتشه فيله (DW) أنه من غير المعلوم ماذا سيحدث بعد ذلك وتضيف "إن كل شيء ممكن، بداية من تشكيل حكومة أقلية وحتى إجراء انتخابات جديدة".
وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي شكل مع حزبي الاتحاد المسيحي حكومة "ائتلاف كبير" في الدورات التشريعية الثلاثة الماضية، منذ عام 2005، قد رفض بعد الانتخابات الأخيرة الدخول في ائتلاف كبير من جديد. ويوم الجمعة الماضية استبعدت أندريا نالس، رئيسة الكتلة البرلمانية للحزب في البوندستاغ، الدخول في تحالف جديد مع المسيحيين. كما كتب صباح اليوم الإثنين نائب رئيس الحزب، رالف شتيغنر، على موقع "تويتر" يقول "إن فشل مفاوضات جامايكا، لم يغير شيئا بالنسبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي".
بينما لم يستبعد السياسي المسيحي ستانيسلاف تيليش، رئيس ولاية ساكسونيا، إمكانية تشكيل ائتلاف حكومي كبير من جديد، وقال "يمكن أن تكون هناك محادثات داخل الحزب الاشتراكي، فقد كان هناك في البداية نقاش داخل الحزب عما إذا كان رفض محادثات ائتلاف مع الاتحاد المسيحي مسألة صائبة".
وفي حالة أصر الحزب الاشتراكي على موقفه؛ فبإمكان المستشارة ميركل أن تشكل حكومة أقلية مكونة من حزبي الاتحاد المسيحي (الديمقراطي والبافاري) والحزب الليبرالي. لكنها ستكون محتاجة لأصوات المعارضة عند التصويت على أي قرار لأنها ستفتقد 29 صوتا لتحقيق الأغلبية.
كما يمكن للمستشارة أن تشكل حكومة أقلية أيضا بالتحالف مع حزب الخضر، لكن ستكون مشكلة الأصوات أكبر منها مع الليبراليين. كما أن السياسي يورغن تريتين، القيادي بحزب الخضر، استبعد تشكيل مثل هذه الحكومة قائلا إن "ألمانيا يجب أن تحكم من قبل حكومة مستقرة، ولذلك تحتاج (تلك الحكومة) أغلبية في البرلمان".
الطريق الأخير هو إجراء انتخابات جديدة، وهو ما دعا إليه أيضا حزب "اليسار". فبعد فشل مفاوضات جامايكا، صرحت كاتيا كيبينغ، الرئيسة المشاركة للحزب، لصحيفة "بيرلينر تسايتونغ" إن إجراء انتخابات جديدة "ستكون النتيجة الديمقراطية الملائمة".
الدستور الألماني يسمح بإجراء انتخابات جديدة في حالتين اثنتين، غير أن الأمر سيكون معقدا، وقد أعلنت ميركل بعيد فشل المفاوضات أنها ستلتقي اليوم مع الرئيس الألماني، وقالت "سنرى كيف ستتطور الأمور".
ص.ش