د. بندر عباس اللامي: “عبد” لأمريكا و”ذيل” لايران.. هكذا صفع هادي العامري الحلبوسي!

يعد تصريح هادي العامري بأن “الحرس الثوري الإيراني هو من صنع الحلبوسي” تصريحًا بالغ الدلالة والخطورة في آنٍ واحد، لأنه يكشف عن أمرين جوهريين:
الاول هو تفكك التحالفات الشيعية-السنية التقليدية فهذا التصريح يصدر من أحد أبرز قادة الإطار التنسيقي الموالي لإيران، ويدين به شخصية سنّية بارزة كانت حتى وقت قريب جزءاً من الطبقة السياسية المتحالفة مع الإطار كما ان استخدام العامري لفظ “صنعه الحرس الثوري” يُظهر أن العلاقة بين إيران وبعض الأطراف السنيّة لم تكن مجرد تقاطع مصالح، بل كانت علاقة تبعية وتأطير سياسي.وبذلك، يكشف العامري عن آلية صناعة الزعامات السنيّة الموالية للمحور الإيراني، بما ينسف ادعاءات الاستقلالية التي كان يروجها أمثال الحلبوسي.
اما الأمر الثاني فأن هذا التصريح وبهذا الوقت يكشف ان هناك صراع أجنحة داخل المحور الإيراني نفسه ومن المفارقات أن العامري نفسه محسوب على النفوذ الإيراني، وبالتالي فإن هجومه العنيف على “منتج إيراني” آخر يكشف عن أزمة داخل هذا المحور.قد يكون هذا التصريح انعكاسًا لصراع نفوذ داخلي بين أجنحة الحرس الثوري وأجنحة أخرى داخل العراق، وقد يدلّ على أن إيران لم تعد قادرة على ضبط توازن القوى بين أدواتها المختلفة
الحلبوسي في ميزان ذيول ايران
إذا سلطنا الضوء على شخصية الحلبوسي وحللناها وفقا لما ورد من وصف بأنه “عبد لأمريكا وذيل لإيران” فربما يتطابق هذا الوصف مع ما يراه كثيرون في الشارع العراقي من أن الحلبوسي تاجر نفوذ لا يملك مبدأً سياسياً واضحاً، بل يتنقل بين المحاور حسب مصلحته ويعزز هذا الطعن المزدوج (من طرف محسوب على إيران) صورة الحلبوسي كشخصية فقدت الغطاء الخارجي والدعم الداخلي، وبدأت تنهار تدريجياً.
ان الملفت بهذ التصريح هو التوقيت الذي جاء بسياقه والدلالة السياسية الواضحة له
فالتصريح يأتي في وقت يُعاد فيه ترتيب أوراق السلطة داخل العراق، خاصة بعد إضعاف الحلبوسي سياسياً وعزله من رئاسة البرلمان.وهذا النوع من الخطاب يُستخدم أحياناً لتبرير الانقضاض على الشخصيات التي انتهى دورها أو تمردت على صانعيها.
جاءت تصريحات العامري ليست فقط طعناً بالحلبوسي، بل اعترافاً ضمنياً بفشل العملية السياسية في إنتاج قيادات وطنية مستقلة، وكشف صريح لطبيعة العلاقات المشبوهة التي تحكم صناعة الزعامات في العراق. كما أنها تنذر بمزيد من الانقسامات داخل معسكرات النفوذ الإقليمي، وتؤكد أن البلاد رهينة لتقاطع أجندات لا تعير سيادة العراق أي احترام.
سيما وان تأكيد هادي العامري بأن الحرس الثوري الإيراني هو من “صنع” محمد الحلبوسي. ويصفه بـ”العبد لأمريكا والذيل لإيران”، يحمل في طياته اتهامات خطيرة ويستدعي تحليلاً دقيقاً.
تصريح العامري للحلبوسي يعني اتهامه بالتبعية ويهدف العامري من خلال هذا القول إلى وصم الحلبوسي بالتبعية المطلقة لقوى خارجية، سواء كانت إيران أو أمريكا. هذه التهمة تهدف إلى نزع الشرعية عن الحلبوسي وتصويره كشخص لا يمثل الإرادة الوطنية العراقية. ناهيك عن تشويه السمعة فاستخدام ألفاظ مثل “ساقط” و”نذل” و”عبد” و”ذيل” يعكس محاولة واضحة لتشويه سمعة الحلبوسي وتحقيره أمام الرأي العام، وهي تكتيكات شائعة في الصراعات السياسية.
كما يوضح التصريح بما لايقبل الشك أن هناك تزايد بالصراع على النفوذ وقد يكون هذا التصريح جزءاً من صراع أوسع على النفوذ والسلطة في العراق. فالعامري، كشخصية معروف بعمالتها لملالي طهران وهو عضو في قوى الإطار التنسيقي المقربة من إيران، يسعى على الأرجح لإضعاف خصومه السياسيين.
والعامري يهدف من هذا التصريح إلى تحريك الشارع العراقي ضد الحلبوسي، وإثارة الشكوك حول ولائه للعراق.
ويمكننا أن ننظر إلى مزاعم “صناعة” الحلبوسي من قبل الحرس الثوري الإيراني في سياق تشكيل الحكومات والتحالفات في العراق.لاسيما الدور الإيراني في العراق وهنا لا يمكن إنكار النفوذ الإيراني في العراق، خاصة من خلال دعمها للميليشيات المسلحة والأحزاب السياسية العميله لايران وهذا النفوذ يمتد ليشمل تشكيل الحكومات والتحالفات. فإيران تسعى لضمان وجود شخصيات وتيارات موالية لها في مراكز القرار لضمان مصالحها الإقليمية.
كذلك قد تكون هناك مصالح متقاطعة بين إيران وبعض القوى السنية التي يمثلها الحلبوسي. فإيران قد تجد في شخصيات معينة القدرة على تحقيق توازن سياسي يخدم مصالحها، حتى لو لم يكونوا تابعين لها بشكل مباشر. هذا لا يعني بالضرورة “صناعة” الحلبوسي، بل قد يكون دعماً لتحالفات معينة.
ان اتهام الحلبوسي بأنه “عبد لأمريكا” يتناقض ظاهرياً مع كونه “ذيلاً لإيران”. هذا التناقض قد يشير إلى محاولة العامري لتوجيه اتهامات متعددة لزعزعة صورة الحلبوسي من كل الجوانب. ومع ذلك، يمكن تفسير هذا التناقض بأن الحلبوسي يحاول تحقيق توازن في علاقاته الخارجية، أو أن العامري يرى في الحلبوسي شخصية متقلبة الولاء تسعى لخدمة مصالحها الخاصة من خلال التقارب مع أطراف مختلفة.
ان وصف الحلبوسي بـ”العبد لأمريكا وذيل لإيران” هو اتهام سياسي حاد يهدف إلى تجريده من أي شرعية أو استقلالية. خصوصا في ظل الواقع السياسي العراقي المعقد، والشخصيات السياسية التي غالباً ما تسعى لنسج علاقات مع قوى إقليمية ودولية متعددة لتحقيق مصالحها السياسية والشخصية، ومصالح الكتل التي يمثلونها.
ولا ننسى هنا الشارع إلى أن السياسيين العراقيون، بمن فيهم الحلبوسي، يعملون كل مافي وسعهم للحصول على الدعم من قوى إقليمية ودولية مختلفة لتعزيز مواقعهم. هذا الدعم يمكن أن يكون سياسياً، مالياً، أو حتى عسكرياً في بعض الحالات.
واذا تفحصنا شخصية الحلبوسي فربما واقول ربما قد يكون مثل كثيرين من امثاله يمارس “فن الممكن” في السياسة، من خلال الحفاظ على قنوات تواصل وعلاقات مع أطراف مختلفة (إيران وأمريكا) لضمان بقائه في السلطة أو تحقيق مكاسب سياسية لكتلته.
كما لاتغيب من اذهاننا أن سياسي الصدفه عادة مايتبادلون الاتهامات ومثل هذه الاتهامات بالتبعية ليست جديدة في المشهد السياسي العراقي، وغالباً ما توجه من قبل الخصوم السياسيين لبعضهم البعض والأكيد أن غالبيتهم ليس بعيدا عن التبعية لهذا الطرف او ذاك
المهم هنا ان تصريح هادي العامري عن الحلبوسي يعكس صراعاً سياسياً محتدماً في العراق، وباستخدامه لغة حادة جدا بهدف تشويه سمعة الخصوم السياسيين. فبينما لا يمكن إنكار النفوذ الإيراني في العراق وتأثيره على تشكيل الحكومات، فإن وصف الحلبوسي بأنه صناعة” لقوة خارجية أو “عبد” لها، هو اتهام سياسي بامتياز يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية في خضم الصراع على السلطة ولننتظر ماذا سيكون جواب الحلبوسي على هذه التهم المسيئة والمذله له،
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز