تميم حسن الساعدي: على انقاض العراق بريمر يعترف اخيرا

إن اعتراف السفير الأمريكي السابق في العراق، بول بريمر، المتأخر بأنه ارتكب خطأً عند إصدار قانون “اجتثاث البعث” يحمل دلالات وتفسيرات متعددة، ويمكن النظر إليه من عدة زوايا اولها إقرار بالمسؤولية عن نتائج كارثية
اعتراف بندم متاخر قد يعكس هذا الاعتراف شعورًا متأخرًا بالندم أو الإقرار بأن القرار كان له عواقب وخيمة وغير مقصودة على استقرار العراق.
وثانيهما تحمل جزء من المسؤولية التاريخية حيث يمثل الاعتراف خطوة نحو تحمل جزء من المسؤولية عن الفوضى وعدم الاستقرار والعنف الطائفي الذي أعقب الغزو الأمريكي للعراق، حيث يُنظر إلى قانون اجتثاث البعث كأحد الأسباب الرئيسية لتهميش قطاعات واسعة من المجتمع العراقي، خاصة من السنة الذين كانوا يشغلون مناصب عليا في الدولة والجيش.
ومن ناحية اخرى جاء الاعتراف المتأخر بمثابة فهم ولو بعد حين للأبعاد الاجتماعية والسياسية سيما إثباتها
القصور في فهم التركيبة العراقية اضافه إلى ان الاعتراف يشير إلى فهم متأخر من قبل بريمر وفريقه لطبيعة المجتمع العراقي المعقد، وولاءات أفراده، والتأثير الايجابي العميق لحزب البعث على الشعب ومؤسسات الدولة والمجتمع.
كذلك يثبت هذا الاعتراف التقدير الخاطئ لردود الفعل المحتملة الأمر الذي فرض على بريمر ولو متأخرًا الإدراك أن قرار اجتثاث البعث وغيره من قرارات الاحتلال أدى إلى ردود فعل عكسية، ناهيك عن دفع الوطنيين من الشعب العراقي وفي طليعتهم نخب من البعثيين السابقين إلى الانضمام إلى مقاومة الاحتلال بكل السبل التي كفلها القانون الدولي والامم المتحده
ان هذا الاعتراف يؤكد عدم إدراك المجرم بريمر لأهمية مشروع المصالحة الوطنية وقد يعكس الاعتراف فهمًا متأخرًا لأهمية تبني نهج أكثر شمولية ومصالحة وطنية في محاولة لاعادة بناء العراق بعد ان تم تدميره منذ نيسان ٢٠٠٣ بدلًا من سياسة الإقصاء والتهميش لحجم كبير من الكفاءات التي بناها العراق طيلة العقود التي سبقت الاحتلال
ان محاولة لتبرئة الذمة أو إعادة كتابة التاريخ وقد يكون الاعتراف محاولة من بريمر لتخفيف وطأة الانتقادات الشديدة التي وجهت إليه بسبب هذا القرار، خاصة مع استمرار تداعياته السلبية على العراق حتى اليوم.
تقديم رواية مختلفة: ربما يسعى بريمر من خلال هذا الاعتراف المتأخر إلى تقديم رواية مختلفة للأحداث، أو تبرير القرار في سياق الظروف الصعبة التي واجهها آنذاك، مع الإقرار بوجود خطأ في التنفيذ أو التقدير.
يحمل اعتراف بريمر طابعا رمزيا حتى لو جاء الاعتراف متأخرًا، حيث يمثل إقرارًا من شخصية محورية في تلك الفترة بوقوع خطأ جسيم.وقد يساهم هذا الاعتراف في فتح نقاش جديد حول مسؤولية قوى الاحتلال عن الأوضاع في العراق، وأهمية التعلم من الأخطاء الماضية لتجنب تكرارها في المستقبل.
على الرغم من أهميته الرمزية، فمن غير المرجح أن يكون للاعتراف المتأخر تأثير كبير على الواقع السياسي والاجتماعي الحالي في العراق، الذي لا يزال يعاني من تداعيات تلك القرارات.
ان اعتراف بريمر المتأخر يمثل إقرارًا واضحا بالمسؤولية عن قرار كارثي، وفهمًا متأخرًا للأبعاد الاجتماعية والسياسية للقضية، وربما محاولة لتبرئة الذمة. يحمل هذا الاعتراف دلالات رمزية مهمة وقد يفتح نقاشًا جديدًا حول الماضي، لكن تأثيره على الواقع الحالي في العراق يبقى محدودًا!
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز