آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: ما هي خيارات الغرب للتعامل مع ملالي طهران؟

واضح ان للولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا، امام خيارات صعبة في تعاملهم مع النظام في إيران بالطريقة نفسها التي حدثت مع نظام القذافي في ليبيا باعتبارها قضية معقدة ومتعددة الأبعاد. حيث تواجههم عدة جوانب يجب النظر فيها أهمها:
الاستقرار الإقليمي: تغيير نظام إيران بالقوة قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى في منطقة الشرق الأوسط. إيران تلعب دورًا محوريًا في السياسة الإقليمية، ولها تأثيرات قوية في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن. فقدان هذا التوازن يمكن أن يؤدي إلى انتشار الفوضى، وزيادة التوترات الطائفية، وصعود جماعات متطرفة.
النفوذ الإيراني في المنطقة : إيران تعتبر قوة إقليمية رئيسية، والحفاظ على هذا النفوذ يعد جزءًا من سياسة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. في حين أن إيران تُعتبر تهديدًا من قبل بعض الدول الغربية بسبب برنامجها النووي ودعمها لمجموعات متشددة، فإن الإطاحة بالنظام قد يخلق فراغًا يؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة، ربما يصعب السيطرة عليها.
البديل المحتمل: في حالة الإطاحة بالنظام الإيراني، من غير الواضح من سيكون البديل. قد يؤدي ذلك إلى صعود جماعات متطرفة أو إلى فوضى سياسية قد لا تكون في مصلحة الولايات المتحدة أو أوروبا. كما أن هناك خطرًا من تصاعد النفوذ الروسي أو الصيني في المنطقة إذا انهار النظام الإيراني.
الاعتبارات النووية: إيران تمتلك برنامجًا نوويًا مثيرًا للقلق بالنسبة للغرب. لكن الحرب أو الإطاحة بالنظام قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني، خصوصًا في ما يتعلق بالمخاطر المرتبطة بالأسلحة النووية. وبالتالي، فإن إدارة هذا الملف بطريقة سلمية وبالتفاوض قد تكون أكثر منطقية من استخدام القوة.
العلاقات مع حلفاء المنطقة: العديد من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة (مثل السعودية وإسرائيل) يفضلون تغيير النظام الإيراني، لكن هذا التغيير يجب أن يتم بعناية لتجنب حدوث تحولات غير مرغوب فيها في الأمن الإقليمي،بينما قد ترى بعض الدول الغربية تغيير النظام في إيران كخيار مرغوب فيه للتعامل مع التحديات المرتبطة بهذا البلد، فإن عواقب ذلك قد تكون غير متوقعة ومعقدة.

المخاطر المحتملة:
قد يؤدي انهيار النظام الإيراني إلى فراغ في السلطة، مما يخلق بيئة مواتية للجماعات المتطرفة والإرهابية.
إيران دولة كبيرة ومؤثرة في المنطقة، وعدم الاستقرار فيها قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط بأكمله.
قد يؤدي انهيار النظام إلى انتشار الأسلحة النووية والمواد الخطرة الأخرى.
الفوائد المحتملة:
قد يؤدي تغيير النظام إلى إقامة نظام أكثر ديمقراطية واستقراراً في إيران.
قد يؤدي ذلك إلى الحد من نفوذ إيران في المنطقة، وتقليل دعمها للجماعات المسلحة.
قد يؤدي ذلك إلى تحسين العلاقات بين إيران والغرب.
من وجهة نظر أخرى:
يرى البعض أن النظام الإيراني يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي، وأن تغييره هو الحل الوحيد لضمان الاستقرار.
ويشيرون إلى أن النظام الإيراني يدعم الإرهاب، ويسعى لامتلاك أسلحة نووية، ويتدخل في شؤون الدول الأخرى.
ويعتقدون أن تغيير النظام يمكن أن يتم من خلال العقوبات الاقتصادية، والضغوط الدبلوماسية، ودعم المعارضة الإيرانية.
في النهاية:
يعتمد تحديد ما إذا كان تغيير النظام في إيران يصب في مصلحة الولايات المتحدة والغرب على تقييم المخاطر والفوائد المحتملة.
لا يوجد إجماع واضح حول هذه القضية، وهناك آراء مختلفة بين المحللين والسياسيين.
عند مناقشة “البديل” في سياق تغيير الأنظمة، خاصة في حالة إيران، من المهم النظر إلى مجموعة متنوعة من السيناريوهات المحتملة، كل منها يحمل مجموعة المخاطر والفرص الخاصة به:
الانتقال الديمقراطي:
يتضمن هذا السيناريو تحولًا سلميًا إلى نظام ديمقراطي من خلال انتخابات حرة ونزيهة.
يتطلب هذا السيناريو وجود معارضة موحدة وقوية، ومؤسسات مدنية قوية، واستعداد النظام الحالي للتخلي عن السلطة.
من الصعب التنبؤ بمدى نجاح هذا السيناريو في إيران، نظرًا للطبيعة المعقدة للسياسة الإيرانية.
تغيير النظام من الخارج:
يتضمن هذا السيناريو تدخلًا عسكريًا أجنبيًا للإطاحة بالنظام الحالي.
يحمل هذا السيناريو مخاطر عالية، بما في ذلك زعزعة الاستقرار الإقليمي، وإراقة الدماء، وظهور فراغ في السلطة.
التدخل العسكري الغربي في العراق وليبيا يُعتبران مثالين على هذه المخاطر.
تغيير النظام من الداخل (الانتفاضات الشعبية):
يتضمن هذا السيناريو انتفاضة شعبية واسعة النطاق تؤدي إلى الإطاحة بالنظام الحالي.
يتطلب هذا السيناريو مستوى عالٍ من التنظيم والتنسيق بين الجماعات المعارضة.
أمثلة تاريخية مثل الربيع العربي تظهر إمكانية هذا السيناريو، ولكنها تُظهر أيضا الصعوبات في تحقيق انتقال سلمي ومستقر.
الفراغ السياسي:
يعتبر هذا السيناريو من أخطر السيناريوهات. حيث يؤدي إنهيار النظام دون وجود بديل منظم إلى فراغ سياسي، قد يؤدي إلى حروب أهلية وإنتشار للجماعات الإرهابية، كما قد يؤدي إلى تدخلات إقليمية.
إصلاح النظام من الداخل:
يعتمد هذا السيناريو على تغيير النظام من داخله، من خلال إصلاحات سياسية واقتصادية تدريجية.
قد يشمل ذلك تخفيف القيود على الحريات السياسية، ومكافحة الفساد، وتحسين العلاقات مع الغرب.
من المهم ملاحظة أن كل سيناريو له مجموعته الخاصة من التحديات والمخاطر. ويعتمد احتمال نجاح أي سيناريو على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك طبيعة النظام الحالي، وقوة المعارضة، والظروف الإقليمية والدولية.
في ضوء ماورد أعلاه مازلنا نعتقد بصعوبة لجوء الولايات المتحدة وحليفاتها لخيارات مثلما فعلوا مع نظام معمر القذافي !

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى