آراء

نزار العوصجي: لكلّ شيء ثمن ، وكلما عزّ المراد ارتفع ثمنه

في حديث متلفز للرئيس الأمريكي دونالد ترامب نشر على وسائل الأعلام تحدث فيه بمنتهى الصراحة قائلاً :
“الكثير من الدول لا تعاملنا كحلفاء ، ويجب عليهم دفع أموال مقابل حمايتهم” !!!

بدءاً علينا ان نعرف ما المقصود بالحلفاء الذين أشار اليهم ترامب ، وما هو مفهوم الحلفاء ؟
فمعنی الحليف : كل شيء لزم شيئا لم يفارقه ..
ومعنى الحلف : المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق ..
وتسمية الحلفاء : مصطلح يطلق على مجموعة الدول التي تتحالف مع بعضها البعض ..
ففي الحرب العالمية الأولى تحالفت مجموعة من الدول لمحاربة دول القوى المركزية Central Powers ، وهي ( ألمانيا والنمسا المجر وتركيا ) وأيضا في الحرب العالمية الثانية ضد دول المحور وهي ( ألمانيا إيطاليا اليابان ) ..
ومن المعلومات المتوفرة عن بداية تجمع دول الحلفاء ، إن كانت القوى الرئيسية المتحالفة في الحرب العالمية الأولى هي المملكة المتحدة لبريطانيا وفرنسا والإمبراطورية الروسية ..
وقد وثق التحالف رسمياً بمعاهدة لندن في 5 سبتمبر 1914، والدول التي شاركت لاحقا بالحلفاء ، بسبب ارتباطات بمعاهدات مع إحدى الدول الثلاث المشاركة مثل البرتغال واليابان عبر علاقتهما مع بريطانيا وإيطاليا بموجب معاهدة لندن عام 1915.. انضمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدول الحلفاء عام 1917 ضد “القوى المركزية”. ( ألمانيا والنمسا والمجر وتركيا ) ..
لم يكن يطلق على الولايات المتحدة دول حلفاء Allied powers ، بل أطلق عليها دول منتسبة Associated Powers ، حيث أصر رئيس الولايات المتحدة في ذلك الوقت “توماس وودرو ويلسون ” على هذا التمييز باسم “الدول المرتبطة أو المساعدة” للحفاظ على حرية أمريكا ..
وفي مؤتمر باريس للسلام ، أعرب قادة الحلفاء عن رغبتهم في بناء عالم ما بعد الحرب يحمي نفسه من صراعات مستقبلية مماثلة للأضرار التي وقعت بسبب الحرب العالمية الأولى ، لكن معاهدة فرساي الموقعة في 28 يونيو 1919، لم تحقق الأهداف المرجوة منها ..
فمع الزمن ، تعاظمت الكراهية لمعاهدة فرساي والقائمين عليها من قبل ألمانيا ، مما كان سبب من أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية ..

وفي الشطر الثاني من حديث الرئيس دونالد ترامب أكد فيه ، يجب على الدول دفع أموال مقابل حمايتهم ، وهذا يعني ان العلاقات الدولية من وجهة نظره هي عملية تجارية بحته ، او بالأحرى صفقة مبنية على مبدء العرض والطلب ، حيث يعد قانون العرض والطلب نظرية أقتصادية تشرح العلاقة بين العرض والطلب والكيفية التي تؤثر بها هذه العلاقة على أسعار السلع والخدمات ، فعندما يتجاوز العرض الطلب على السلع والخدمات ، تنخفض الأسعار ، وعندما يتجاوز الطلب المعروض من السلع تميل الأسعار إلى الارتفاع ..
كما إن مصطلح العمليات التجارية واسع ويشمل الكثير من الأمور ، التي تشير جميعها إلى مختلف الأنشطة التي يمكن من خلالها الأستمرار بكسب المال ، من خلال العمليات التجارية التي تقوم بها هذه الجهة أو تلك ، وتحسين قدراتها في المساومة التي تحقق أعلى قدر من الربحية ..

بالمختصر المفيد فان حديث الرئيس دونالد ترامب يعني ان لكل شيء ثمن ، فثمن الحرية للتخلص من سطوة المتسلطين ، هو بعض القيود المادية والهبات ، وثمن أستقامة المتسلط ليكف أذاه عن الأخرين ( إي الضغط عليه لكي يستقيم ) ، هو بعض الحرمان والتضييق ، وثمن الكرامة التي يطالب بها المضطهدين ، بعض الاضطهاد في نواحي أخرى ، وثمن الجاه لقليلي الجاه ، بعض العداء من الوجهاء أصحاب الجاه ، وثمن الثراء بغض النظر عن الوسيلة ، بعض الحسد ممن لا يستسيغون الوسيلة ، وثمن السلامة ، بعض الأذى لمن يقف حائلاً دونها ، وثمن الشهوة ، بعض التعب للوصول اليها ، وثمن الزعامة ، كل المزعجات حتى وان طالت الشعوب ..

من أهم الأوامر التي أصدرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدول العالم :

  1. يجب على الدنمارك التنازل عن غرينلاند للولايات المتحدة .
  2. ينبغي على كندا أن تصبح الولاية الحادية والخمسين الأمريكية .
  3. يتوجب على جمهورية بنما أن تسلم قناة بنما لأمريكا .
  4. على السعودية استثمار تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي .
  5. على الأردن ومصر استقبال سكان غزة .
  6. يجب على إسرائيل توسيع أراضيها .
  7. يتعين على دول الناتو زيادة الإنفاق العسكري إلى 2% من ناتجها القومي .
  8. ينبغي على أوبك زيادة إنتاج النفط لإضعاف روسيا .
  9. يجب على ألمانيا واليابان دفع المليارات مقابل وجود القوات الأمريكية على أراضيهما .
  10. يتعين على الصين زيادة وارداتها من الولايات المتحدة ..
    تعتبر هذه الأوامر من أبرز ما أصدره ترامب تجاه دول العالم ، ويستند في ثقته إلى كونه رئيس القوة العظمى الأولى عالمياً عسكرياً واقتصادياً ..
    إن الغطرسة والتفاخر بالقوة وفرض القرارات على الدول والشعوب دون أي دبلوماسية أو لباقة يمكن أن تؤجج الأوضاع وتؤدي إلى انزلاقات خطيرة قد تفضي إلى الأنهيار الكامل ..

هذا الأمر يدفعنا الى الولوج أكثر في مفردات صفقة القرن بمنظورها الأمريكي ، فلقد ذكر التلفزيون الأميركي “أي بي سي” المعروف بواسع اطلاعه على اخبار البيت الأبيض عبر المحلل السياسي فيه ستيفن كيوورد ، كذلك ذكرت وسائل أميركية عديدة تفاصيل صفقة القرن بكامل الدقة وتنفيذ الخطة ، ان الرئيس ترامب وافق مع إسرائيل والسعودية على اكمال صفقة القرن والبدء بتنفيذ المرحلة الرابعة وهي توطين الفلسطينيين في الدول العربية ، مقابل دفع مئات المليارات لانعاش اقتصاد هذه الدول ، واجبارها على توطين الفلسطينيين النازحين والمشردين لديها ، بعدما قطع الرئيس ترامب تمويل الولايات المتحدة لمنظمة الاونروا المختصة باللاجئين الفلسطينيين ، وكل المنظمات الدولية التي تقدم خدمات للنازحين الفلسطينيين المشردين ..

من هنا لابد لنا من وقفة دقيقة لتحليل ما سيترشح عن هذه السياسات الغير متوازنة ، كونها أحادية التوجه ، تصب في مصلحة أمريكا وحلفائها الصهاينة فقط ، والتركيز على ما ستؤول إليه الحال من فوضى وعدم أستقرار ، فيما أذا مضى الرئيس ترامب في تنفيذ هذه القرارات المتشنجة ، لاسيما ما يتعلق بالمنطقة.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى