هنا اوروبا

لوموند: 2024 من بين أسوأ الأعوام في تاريخ فرنسا

اختتم عام 2024 بأسوأ حصيلة سياسية في  فرنسا منذ عقود، بحسب صحيفة “لوموند”.

وشهدت البلاد حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار السياسي المؤسسي، لا سيما مع تعيين أربعة رؤساء حكومات متعاقبين – وهو رقم قياسي لم يُسجل منذ عام 1934.

أضف إلى ذلك برلمانا عاجزا عن تمرير القوانين الأساسية، وغياب موازنة معتمدة، تبدو الجمهورية الخامسة وكأنها على شفا الانهيار.

وقالت الصحيفة: “بدأ هذا التدهور السياسي بقرار مثير للجدل من الرئيس إيمانويل ماكرون في يناير، عندما استغنى عن رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، وهي خطوة أدت إلى سلسلة من الاضطرابات”.

وبينت أنه “رغم نجاحات مثل استضافة الألعاب الأولمبية في باريس وإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام، وهما رمزان للقدرة السياسية، إلا أن هذه الإنجازات تخفي وراءها “حقل أنقاض” سياسي وتشريعي”.

وتابعت: “كما أن عددا من القوانين الهامة، مثل قانون التوجيه الزراعي وقانون إنهاء الحياة، لا تزال متوقفة في البرلمان، في حين تعجز الحكومة، التي تفتقر إلى الأغلبية البرلمانية، عن تحديد مسار واضح للمضي قدماً”.

أزمة نظام ومسؤولية غائبة

وأكد التقرير، أن الأزمة السياسية الحالية تعكس غياباً عاماً للمسؤولية، فالرئيس يلقي باللوم على الناخبين الذين أفرزوا برلماناً منقسماً”.

وأشارت إلى أن “الأحزاب السياسية تركز على مصالحها الذاتية، وترفض التعاون مع حكومة ضعيفة”.

ولفتت إلى أن “هذا الوضع أدى إلى شلل مؤسسي زادت حدته بعد حل الجمعية الوطنية، الذي فاقم التوترات بدلاً من حلها”.

وأصدرت النقابات الرئيسية ومنظمات أرباب العمل في 17 ديسمبر، بياناً مشتركاً حذرت فيه من “خطر أزمة اقتصادية ذات عواقب اجتماعية وخيمة”.

ودعت إلى الحوار من أجل استعادة الاستقرار والوضوح والهدوء، إلا أن هذه الدعوات إلى تغليب المصلحة العامة تصطدم بحسابات سياسية قصيرة المدى، مما يترك فرنسا في مأزق عميق، وفق الصحيفة.

البلاد في جمود سياسي

وأشار تقرير “لوموند” إلى أن البلاد أصبحت في حالة جمود سياسي، حيث تعمقت الأزمة بعد قرارات اتخذت في توقيت غير ملائم.

“من بين أبرز تلك القرارات، حل البرلمان الذي أفضى إلى انقسامات أكبر، وعجز الحكومة عن تمرير ميزانية الدولة، ما ترك فرنسا بلا رؤية واضحة”.

وأوضح أن الأحزاب السياسية، بدلاً من العمل على حلول مشتركة، تفضل انتظار انتخابات 2027، في محاولة لتجنب أي تفاعل مع سلطة ضعيفة.

ووسط هذا المشهد، يبرز غياب الثقة بين المؤسسات وبين المواطنين.

تساؤلات حول مؤسسات الجمهورية الخامسة

وشدد على أن “حالة الانهيار الراهنة أثارت تساؤلات عميقة حول صلاحية مؤسسات الجمهورية الخامسة”.

وأردف: “بينما كان يشاد باستقرارها في الماضي، تبدو اليوم متجاوزة وضعيفة على ثلاثة مستويات: رئيس جمهورية يُنظر إليه على أنه عاجز، وبرلمان منقسم ومشلول، ورئيس وزراء مهدد باستمرار بسحب الثقة”.

 بدورها، وصفت الصحافة الدولية، مثل صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج الألمانية، هذا الوضع بـ”احتضار الجمهورية الخامسة”، مشيرة إلى تآكل إرث شارل ديغول.

 وكتبت الصحيفة: “مالية عامة مستقرة وسياسة متماسكة: كل ذلك يبدو جزءاً من الماضي”.

هل يمكن للبلاد أن تستعيد توازنها؟

في ظل انتظار البلاد لاستحقاقات انتخابية جديدة – ربما انتخابات تشريعية حال حدوث حل آخر للجمعية الوطنية – يدعو المؤرخ باتريك بوشيرون إلى البحث عن الحلول خارج نطاق السياسة التقليدية.

 ويرى بوشيرون أن المجتمع المدني يمكن أن يلعب دوراً محورياً، مستشهداً بصموده في أزمات سابقة، مثل الهجمات الإرهابية عام 2015.

وخلص التقرير بالقول إن المشهد قاتم: طبقة سياسية في حالة انهيار، ومؤسسات في حالة تآكل.

وتساءل: “هل تستطيع فرنسا الخروج من هذه الحلقة المفرغة، أم أننا نشهد نهاية دورة تاريخية؟”.

زر الذهاب إلى الأعلى