آراء

د. محمد القيسي: عـن التغيـيـر القـادم فـي العـراق على يـد الامـريكـان!

الرئيس الامريكي القادم دونالد ترامب وضمن حملته الانتخابية، قال انه سينهي الحروب ولا يريد لامريكا ان تحارب، بل يريد ان يعزز اقتصادها بكل الطرق، ومؤخرا اطلق تهديداته لعدد من الدول في مناطق الصراعات الحالية، وانه سيكون هناك رد فيه الحجيم !!. 

الكثيرون فهموا ان هذه التهديدات تنطلي على حروب عسكرية  وقتال، والحقيقة ان حرب ترامب هي حرب اقتصادية بحتة سيعاقب بها دولا كثيرة لكي يحقق المكاسب الاقتصادية لامريكا.. في المنطقة العربية مثلاً، فان دول الخليج الغنية ستكون على قائمة الاستهداف ، ومتوقع جدا ان العراق سيدخل في قائمة الدولة المستهدفة ، وبقراءة بسيطة وسريعة في عقلية ترامب ، أجد انه واضح في تصريحاته عبر السنين واقواله المتكررة، ان امريكا انفقت اموالاً طائلة من اجل العراق واستقراره وخاصة في محاربة تنظيم داعش، كما اشار عدة مرات الى أن الولايات المتحدة الامريكية هي من جاءت بحكام العراق الحاليين، وسلمتهم هذا البلد الغني بكل مقدراته، وقد استفادوا من ذلك وسرقوا ونهبوا مئات المليارات وضعوها في جيبوهم.

نعم ترامب سيستهدف العراق ، لكن ليس باجراءات ليس عسكرية كما تصور البعض ان هناك تغيير قادم في العراق لانهاء هذا النظام الفاسد، وانه هناك مجاميع تم تدريبها لدخول العراق وما الى اخره من الاوهام والفبركات التي تسّوق هذه الايام.

انا اقول العكس من ذلك وانفي وجوده ما يتم تداوله تماماً ، فالولايات المتحدة الامريكية لا تريد تغيير هذا النظام المحاصصاتي التي اوجدته وفبركت له نظام المحاصصة والتوافق ، وقد نشأ جيل عراقي متكامل تربى على  المحاصصة  الطائفية في كل المجالات، وهناك الكثير من العراقيين لا تعجبه هذه الرؤيا ويصر على وجود تغيير قادم للنظام الحالي في العراق  ، لكني سأبقى ملتزما بها الرأي واحترم مواقف الاخرين. 

وبحسب عقلية ترامب وسياسته فأنه يريد اموالاً واستقراراً وحساباً اقتصادياً لمن لا يدفع ، وسيكون الاستهداف على الاكثر باختيار روؤس معينة من كبار الفاسدين بان يسلموا اموالاً لامريكا، وأن يكون هناك حداً اعلى من الارصدة المالية التي يمكن يتوفرون عليها بما لا يقبل لهم تجازرها .. فعقلية ترامب لا تتقبل للغير ان ينهبوا او يغتنوا وامريكا تتحمل كلفة الاستقرار الامني لانظمتهم ودولهم.

ومع هذه الاجراءات اذا ما اتخذتها ادارة ترامب فقد تغيب وجوه معروفة عن المشهد السياسي في العراق، او ينحسر دورها والاكتفاء بالحفاظ على ما حصلوا عليه من ثروات وربما يتحولون الى مستثمرين من خلال شركات ابنائهم واقربائهم، ويتحجم التمادي في تدمير ثروات العراق ونهبها الى حد ما، خصوصا تهريب الاموال الى ايران التي كانت بدورها تمول نظام الاسد وحزب الله وحماس من المال المهرب من العراق ، ولكن الفساد في النظام العراقي سيبقى مستمرا لانه نتاج المحاصصة ، ونظام المحاصصة باقٍ ولن ينتهي وستلتحق سوريا بهذا النموذج ايضا.

هذا هو شكل من اشكال الشرق الاوسط الجديد،  انظمة فاسدة متحاصصة تجعل دولها هشة وعقيمة في موازين القوى الاقليمية والدولية ، لا تهش ولا تنش ولا تمثل ثقلا ولا خطرا ، ومركبة توافقيا برؤوس يهمها فقط الاستحواذ على الغنانم من ثروات البلد وتستأثر بها لاجيال .

اما موضوع حل الفصائل التابعة لايران وحل الحشد الشعبي فهذا أمر سيحصل عاجلاً او آجلاً ، بعد انكفاء حزب الله وسقوط نظام بشار الاسد، فان ايران نفسها ستعاون في ذلك ، ودعك من استمرار خطابها الاعلامي عن المقاومة ، فذلك مثله كمثل ام العروسة عندما يتقدم “الخطاب” لابنتها  فتظهر لهم بعض التمنع اول الامر لا اكثر، وستفاوض ايران الامريكان على وضعها الذي تتوخاه في مسألة العراق والشرق الاوسط برمته، وفقا لحساب الربح والخسارة ، وهنا يكمن جوهر التغيير في العراق وهو فك ارتباطه الكلي بايران وفقا لهذا التفاوض، وبالتالي يعيد النظام السياسي المحاصاتي في العراق تريب اوضاعه وفقا لذلك ، ويكون متسقاً مع النظام الجديد في سوريا ، مع الخضوع التام بطبيعة الحال لمتطلبات وأوامر السيد الاكبر “امريكا”. 

ان تغيير النظام العراقي يتطلب جهدا عراقيا خالصا على الارض في داخل العراق، عموده الفقري الشباب الواعي الذين يحتاجون الى من يأخذ بيدهم بوعي ويعمل معهم بتفانٍ بعيدا عن المصالح ورغبة الاستبدال والاحلال.

أكاديمي عراقي ومستشار هيئة التحرير في يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى