كشف المستور

مـن هـم المتطـرفـون الفـرنسيـون الذيـن شـاركـوا في دخـول دمشـق؟

بينما يضع سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد الاتحاد الأوروبي في موقف حسّاس للغاية في مواجهة هيئة تحرير الشام، المصنّفة منظمة إرهابية منذ عام 2014، أكدت مصادر استخباراتية مشاركة مقاتلين سبق أن تمّت إدانتهم في فرنسا، في صفوف المتمرّدين الذين استولوا على السلطة في دمشق، ومن بينهم عشرات الإرهابيين الفرنسيين من الهيئة، ومن كتيبة عمر أومسين.

ويواجه الدبلوماسيون الأوروبيون معضلة صعبة، إذ كيف يمكن لهم الحوار مع كيان يعتبر إرهابياً ولكنّه أصبح بقوة الأحداث هو السلطة الفعلية في سوريا؟ وذلك بانتظار تقييم ليس فقط كلماتهم التي بدا أنها تتبدّل إيجابياً، ولكن أيضاً أفعالهم.

200 فرنسي في سوريا

ووفقاً لجان تشارلز بريسارد، رئيس مركز تحليل الإرهاب، وهو مركز أبحاث متخصص في قضايا الإرهاب الإسلاموي، فإن “بعض الإرهابيين الفرنسيين قد شغلوا مناصب مهمّة داخل هيئة تحرير الشام في محافظة إدلب السورية” لذا فإن انعكاسات خطرهم محتملة جداً.

وتشير التقديرات إلى استمرار وجود نحو 200 فرد من الجنسية الفرنسية (رجال ونساء وأطفال) من الذين يعيشون داخل مناطق جغرافية عدة في سوريا، وتكمن مصادر الخطر والفكر المتطرف لديهم جميعاً بسبب البيئة التي عاشوا فيها. وهناك عدد من هؤلاء مقاتلون معروفون جيداً لدى أجهزة الأمن والاستخبارات الفرنسية، وقد تعرّضوا لإدانات افتراضية من قبل المحاكم المختصة في فرنسا، حسبما يقول أحد المتخصصين في مكافحة الإرهاب.

خطر على فرنسا

أما بالنسبة لخطر القيام بأعمال إرهابية مخطط لها مستقبلاً في فرنسا، فإن كل شيء يعتمد، حسب بريسارد، على الأجندة الحقيقية لهيئة تحرير الشام، التي أعلنت رسمياً نبذها للجهاد العالمي. ولكن برأيه هناك خطر أكبر قد ينجم عما سوف تولّده الفوضى السورية، بما في ذلك مستوى الصراعات بين الميليشيات الموالية لتركيا والأكراد الذين كانوا حتى ذلك الحين يديرون عدة مناطق، وأيضاً الخطر المتوقع مما سيفعله تنظيم داعش  الإرهابي الذي قد يستغل التطوّرات لصالحه.

من جهته، أكد أوليفييه كريستن، المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا، أن من بين المقاتلين الفرنسيين في سوريا، وشارك بعضهم في الهجمات الأخيرة على حمص ودمشق، هناك على الأقل حوالي ثلاثين متطرفاً ينتمون إلى الحركة التي يقودها أبومحمد الجولاني، بالإضافة إلى خمسين مقاتلاً ينتمون في الواقع إلى كتيبة الإؤرهابي الفرنسي السنغالي عمر أومسين الذي سبق أن اعتقلته هيئة تحرير الشام ثم أفرجت عنه، وهو من ساهم في تجنيد الكثير من الإرهابيين الفرنسيين.

قتلى أم أحياء؟!

ومن بين 1500 فرنسي غادروا للقتال في سوريا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عاد 390 منهم إلى فرنسا، فيما قُتل ما يزيد عن 500، وبقي نحو 100 في إدلب، و150 محتجزاً في شمال شرق سوريا والعراق، بالإضافة إلى 300 مفقود.

وتتعلق الشكوك الفرنسية أكثر بأولئك الذين اختفوا، والذين يفترض أنهم قتلوا لكنهم ما زالوا يظهرون مرة أخرى في الملفات الأمنيات أحياناً، حيث يتبين أنهم أحياء وما زالوا يشاركون في أعمال قتالية إرهابية، وذلك بالإضافة إلى أولئك الذين لا تتوفر معلومات عنهم.

تصاعد التهديدات في أوروبا

وحول احتمال رصد تحركات مثيرة للقلق للحركة الإرهابية في فرنسا، خاصة على المستوى الدعائي أو بين الخارجين من السجون الذين تراقبهم المؤسسة القضائية والاستخباراتية، قال كريستن إنه من السابق لأوانه قياس مثل هذا التأثير، ولكنه في الواقع مصدر قلق بالنسبة لفرنسا، حيث من المؤكد أن لأيّ تطورات دولية تأثير على المتطرفين الذين ما زالوا على الأراضي الفرنسية. ومن المؤكد أيضاً أن تفاقم التوترات في الشرق الأوسط عامل رئيس في تصاعد التهديدات في أوروبا.

وشدّد المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب على أن السلطات الفرنسية “متيقظة” دوماً بشأن الوضع في سوريا، لكنها رفعت درجة الاستعدادات بشأن التداعيات المحتملة في فرنسا.

وأشار إلى أن تغيير النظام في سوريا يمكن اعتباره شكلاً من أشكال الانفجار الذي يجب قياسه ورصده في الشرق الأوسط والعالم. وأوضح “نحن لم نزِد قلقنا، لكننا يقظون لأنه كلما كان هناك وضع جيوسياسي متغيّر، نعلم من التجربة أن هذه التوترات يمكن أن يكون لها تداعيات واسعة على ما يسمّى بالفضاء الإرهابي”.

زر الذهاب إلى الأعلى