هنا اوروبا

فيضانات جارفة ومفاجئة..أكثر من 70 قتيلاً في إسبانيا

خلفت فيضانات ناجمة عن تساقط أمطار غزيرة على جنوب شرق إسبانيا، الثلاثاء، 72 قتيلاً معظمهم في فالنسيا، وزرعت الفوضى في المناطق المتضررة التي لا يزال بعضها معزولاً، وفق هيئة تنسيق أعمال الإنقاذ.

واجتاحت أمطار غزيرة ورياح عاتية جنوب إسبانيا وشرقها منذ مطلع الأسبوع بعد عاصفة فوق البحر المتوسط، ما أدى إلى فيضانات قاتلة في فالنسيا والأندلس.

وقالت هيئة تنسيق عمليات الإغاثة، اليوم الأربعاء: “في الوقت الحالي..وصل عدد القتلى إلى 70” في منطقة فالنسيا. ويضاف إلى هذه الحصيلة قتيلان أعلنهما حاكم منطقة كاستيا لا مانشا المجاورة.

ارتفاع عدد القتلى

ويخشى ارتفاع عدد القتلى مع مواصلة رجال الإنقاذ البحث عن عدد كبير من المفقودين. وقالت ماريا هيرنانديز،70 عاماً: “خفت على حياتي. لم يتوقف المطر عن الهطول وفاض النهر. الحمد لله أني على قيد الحياة”. وتعيش المرأة على بعد نحو 60 كيلومتراً غرب فالنسيا في بلدة أوتييل التي اجتاحتها المياه والسيول الموحلة، الثلاثاء.

وتوقف هطول الأمطار، الأربعاء، في أوتييل ومنطقة فالنسيا، لكن الأمطار الغزيرة في اليوم السابق وفي الليل أغرقت العديد من البلدات التي لا تزال معزولة عن العالم وتسببت في الفوضى، بينما لا يزال عشرات الآلاف من السكان دون كهرباء.

ورغم توقع هطول أمطار غزيرة جداً، الثلاثاء، وإصدار الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية إنذاراً أحمراً، إلا أنها كانت عنيفة على نحو مفاجئ، إلى درجة لم يتمكن معها عدد كبير من السكان من الاحتماء.

لم أرَ مثل هذا من قبل

وفي تشيفا، قرية صغيرة نائية في فالنسيا، سقط 491 لتراً من المياه لكل متر مربع في 8 ساعات فقط، أي ما يعادل سنة من هطول الأمطار، وفق هيئة الأرصاد الوطنية. وتساءلت بعض الصحف إذا كانت الحكومة الإقليمية انتظرت طويلاً قبل أن تطلب من السكان الاحتماء.

وأعلنت الحكومة حداداً وطنياً لثلاثة أيام بدءاً من الخميس، وهو اليوم الذي يعتزم فيه رئيس الوزراء بيدرو سانشيز تفقد المناطق المتضررة.

وقال سانشيز في كلمة قصيرة من قصر مونكلوا، عبر التلفزيون: “لن نترككم وحدكم…لا يمكننا أن نعتبر أن هذه الحلقة المدمرة انتهت”، داعياً السكان إلى اتباع توجيهات السلطات وتوخي الحذر الشديد وتجنب السفر غير الضروري.

وعبر رئيس الحكومة عن تضامنه مع أسر الضحايا والمنكوبين متحدثاً عن “بلدات غمرتها المياه، وطرق مقطوعة، وجسور انهارت بسبب قوة المياه”.

وفي بروكسل، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، أن الاتحاد الأوروبي “مستعد لمساعدة إسبانيا”. وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من الرباط عن “تضامن” فرنسا وأبدى استعداد بلاده للمساعدة في الإغاثة. ووصف الملك فيليبي السادس في خطاب قصير حصيلة الفيضانات بـ “صادمة”.

وقالت وزيرة الدفاع مارغريتا رويس للصحافيين: “الوضع مروِّع”، وأضافت أن ألف جندي، تساندهم مروحيات في المنطقة للمساعدة في جهود الإنقاذ.

ومن بين البلدات الأكثر تضرراً، ألكدية، في منطقة فالنسيا، وليتور، في مقاطعة البسيط المجاورة في منطقة كاستيا لا مانشا، حيث أعلن فقدان أثر 6، بعد أن اجتاحت الفيضانات المباغتة الشوارع، وجرفت السيارات، وأغرقت المباني.

وقال كونسويلو تارازونا، رئيس بلدية هورنو دي ألسيدو، في ضواحي فالنسيا، للتلفزيون العام إن الوضع “رهيب..لم أرَ مثل هذا من قبل”. وأضاف أن المياه ارتفعت إلى مستويات عالية. وقال: “غمرتنا المياه فجأة، ولم نتمكن من تحذير الجيران”.

قطرة باردة

وأعلن مجلس مدينة فالنسيا أن جميع المدارس و الحدائق العامةستظل مغلقة الأربعاء،  كما ألغيت جميع الأحداث الرياضية.

وأعلنت شركة تشغيل المطارات الإسبانية، تحويل الرحلات من مطار فالنسيا  إلى مدن أخرى في إسبانيا، وإلغاء الرحلات التي كان  مقرراً أن تغادره.

وأوقفت شركة “أديف” المشغلة للسكك الحديد الوطنية، القطارات عالية السرعة بين مدريد وفالنسيا بسبب تأثيرات العاصفة على النقاط الرئيسية لشبكة السكك الحديد. وخرج قطار فائق السرعة يحمل 276 راكباً عن مساره بعد ظهر، الثلاثاء، بسبب الأحوال الجوية في منطقة الأندلس الجنوبية، لكن لم يصب أحد، وفقاً للحكومة الإقليمية.

وتشهد منطقة فالنسيا وساحل البحر الأبيض المتوسط الإسباني بشكل عام في فصل الخريف الظاهرة الجوية المعروفة بـ “غوتا فريا” القطرة الباردة، وهو منخفض جوي منعزل على ارتفاعات عالية يتسبب في أمطار مفاجئة وعنيفة جداً تستمر أحياناً أياماً.

ويحذر العلماء من الظواهر الجوية المتطرفة مثل موجات الحر والعواصف التي أصبحت أكثر تواتراً وأطول أمداً وأكثر شدة بسبب تغير المناخ. وقال أستاذ الهيدرولوجيا في جامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة جيس نيومان، في رسالة عقب فيها على الظاهرة: “هذه الفيضانات المفاجئة في إسبانيا، تذكير رهيب آخر بتغير المناخ، وطبيعته الفوضوية”. وقال إن هذه الكوارث يمكن أن “تؤثر على الجميع في أي مكان. يجدر بنا أن نفكر جدياً في تحسين تصميم مدننا وبلداتنا”.

زر الذهاب إلى الأعلى