فرنسا.. مواليد جدد في الشوارع بسبب أزمة الإيواء الطارئ
ليون ـ (أ ف ب)
وجدت نساء كثيرات أنفسهن بلا مأوى مع أطفالهن حديثي الولادة هذا الصيف في ليون، ثالث أكبر مدينة في فرنسا، بسبب أزمة هيكلية في أماكن الإيواء الطارئة في البلاد، زادت حدتها بفعل سياسات جديدة فرضتها المؤسسات المحلية.
وبعد أقل من عشرين يوماً من ولادته، أمضى أبو بكر ليلته على رصيف في مدينة ليون في جنوب شرق فرنسا، وسط قيظ الصيف، فيما والدته المتحدرة من غانا والتي لا تزال تعاني آثار عملية الولادة القيصرية، تراقب عربته من دون أن يغمض لها جفن.
وقالت الشابة البالغة 26 عاماً «كنت خائفة للغاية». وفي اليوم التالي، وجهتها خدمات الطوارئ (سامو) إلى مركز للإيواء الجماعي، لكنها مضطرة إلى مغادرته في وقت قريب. وأوضحت: «بعد ذلك، لا أعرف ماذا سيحدث».
لم يسبق لمود بيغو، المديرة التنفيذية لجمعية «سامو سوسيال» Samu Social المعنية بمساعدة الفقراء، أن اضطرت إلى ترك مثل هؤلاء الأطفال الصغار في الشارع من قبل.
وتقول: «التقيت مع والدة لطفل عمره خمسة أيام أمام دار للحضانة، وأخذنا رقم هاتفهم لنتواصل معهم مجدداً إذا لاح أي حل في الأفق».
قبل بضعة أيام من ذلك، تأثرت بيغو بشدة بحالة طفل عمره أحد عشر يوماً، لدرجة أنها كتبت رسالة على شبكة «لينكد إن» قالت فيها «أنا أفكر فيك، أيها الكائن الصغير. أتساءل ماذا يعني التعرف إلى حياة الشارع من الأسفلت مباشرة»
«تحذير»
المشكلة الأساسية هي نفسها في كل مكان في فرنسا، وبسبب أزمة الإسكان، خصوصاً على صعيد السكن الاجتماعي، فإن الأشخاص الذين يدخلون أماكن الإيواء الطارئ لا يخرجون منها. وتلخص مود بيغو الوضع موضحة أن «النظام برمته معطل».
لكن في ليون، أدى قراران إلى تغيير المعادلة في حالة الأطفال حديثي الولادة.
فمن ناحية، عمدت مدينة ليون الكبرى، المسؤولة، مثل السلطات الإقليمية، عن إيواء النساء الحوامل وأولئك المعزولات مع أطفال تقل أعمارهم عن 3 سنوات، إلى تعليق حالات الرعاية الجديدة في منتصف يوليو/تموز.
ويوضح برونو برنار، رئيس المنطقة التي تضم مدينة ليون و57 بلدية أخرى، والمنتمي إلى حزب الخضر، أن القرار يراد منه «توجيه تحذير» في هذه المسألة.
ويشير إلى أن المدينة أنشأت عدداً كبيراً من الأماكن الجديدة منذ عام 2020، لكنها «لا تملك الإمكانات المالية والبشرية» لتحل محل سلطات المناطق المجاورة وخصوصاً الدولة، المسؤولة رسمياً عن إسكان الأزواج الذين لديهم أطفال.
ومع ذلك، «بحسب المعلومات المتوفرة، فإن النساء اللواتي وجدن أنفسهن في الشارع مع أطفالهن حديثي الولادة لسن معزولات»، وبالتالي يجب أن تعتني بهن الدولة، وفق برنار.
«العائلات تدفع الثمن»
وبحسب الجمعيات، فإن الوضع ازداد سوءاً بسبب قرار أصدرته دوائر المحافظة التي تمثل الدولة في المقاطعة.
ففي المساء وخلال عطل نهاية الأسبوع، عندما تكون خدمات المدينة الكبرى مغلقة، تتحمل خدمات الدولة مسؤولية توفير «المأوى الفوري» للفئات الضعيفة.
حتى الصيف الحالي، كان يكفي أن تكون المرأة برفقة طفل يقل عمره عن عام واحد لاعتبارها من الفئات الضعيفة الواجب حمايتها. لكن منذ أسابيع قليلة، بات ينبغي أن تكون المرأة مريضة أو في خطر لينطبق عليها هذا الوصف، بحسب مود بيغو.
وقد عُدّلت المعايير بسبب «الضغط الإضافي» الناجم عن قرار المدينة الكبرى، وفق دوائر المحافظة التي تؤكد أنها تبذل قصارى جهدها في هذا الموضوع في ظل وجود 8000 مكان للإيواء الطارئ.
وتقول جوليات مورتان من مجموعة Femmes a la rue («نساء في الشارع»)، إن «المحافظة وسلطات المدينة تتقاذفان المسؤوليات باستمرار»، «لكن في النهاية، العائلات هي التي تدفع الثمن»