فرنسا: إصابة ثلاثة سودانيين بالرصاص وتحذير من تزايد العنف بين المهاجرين
رصدت الجمعيات العاملة في مخيمات شمال فرنسا، زيادة في حالات العنف بين المهاجرين في مخيمات شمال فرنسا، حيث يعيشون في ظروف مأساوية في ظل “سياسة عدم استقبال المهاجرين” التي تتبعها السلطات. وخلال الأسبوع الماضي، تم تسجيل إصابة ثلاثة مهاجرين سودانيين بالرصاص بالقرب من هذه المنطقة.
شهدت مخيمات شمال فرنسا خلال الأيام الأخيرة، إصابة ثلاثة مهاجرين سودانيين في ثلاثة حوادث إطلاق نار منفصلة. من جانبها، ترجح السلطات أن هذه الحوادث مرتبطة بصراعات داخلية بين المهاجرين، لا سيما المهاجرين الأفغان والسودانيين. أما الجمعيات العاملة في شمال فرنسا، فترى أن سياسة “عدم استقبال” المهاجرين التي تتبعها السلطات وظروف الحياة الصعبة في مخيمات شمال فرنسا، توفر مناخاً من التوتر والعنف يدفع بالمهاجرين إلى ارتكاب الجرائم أو يجعلهم ضحايا لشبكات تهريب البشر.
“صراعات بين المهاجرين الأفغان والسودانيين”
وكانت قد أفادت وسائل إعلام فرنسية بأن مهاجرين سودانيين أصيبا بالرصاص في كاليه (شمال)، صباح يوم الأحد 11 آب/أغسطس الجاري. وعثر على الشابين في مكانين مختلفين يبعدان خمسة كيلومترات عن بعضهما، وتم نقلهما إلى المستشفى من قبل رجال الطوارئ.
وأصيب المهاجر الأول، وعمره 18 عاماً، في فخذه، وتم نقله إلى مستشفى بولوني سور مير. أما الثاني، والذي يبلغ 16 عاماً، فقد أصيب في ركبته، ونقل إلى مستشفى كاليه.
وصرح المدعي العام غيريك لو براس، أن هذا الحادث يتعلق بصراع بين المهاجرين السودانيين والأفغان. وقال “إنها نفس القضية، لأن هناك تطابقا في الوقائع وترتيب حدوثها”.
وكما يحدث عادة عندما يصاب مهاجر غير نظامي، غادر المهاجر البالغ 16 عاماً المستشفى بسرعة، على الرغم من أن إصابته كانت أكثر خطورة من الآخر، ولم تأخذ الشرطة أقواله. أما المهاجر ذو الـ18 عاماً، فقد غادر المستشفى بعد أن استمعت الشرطة إلى روايته، حيث أوضح أنه تعرض لطلق ناري “دون أن يقدم أي معلومات عن الأسباب أو الترتيب الدقيق لما حدث”، حسبما شرح المدعي العام، الذي أكد أن التحقيق مستمر في الحادثة.
إصابة مهاجر آخر بطلق ناري “دون وجود شهود”
وفي حادثة منفصلة وقعت مساء الأربعاء الماضي، 7 آب/أغسطس، عُثر على رجل سوداني مصاب بطلق ناري في ساقه على جانب طريق “مارديك”، بالقرب من مخيم “لون بلاج” للمهاجرين شمال فرنسا.
وتكفلت فرق الطوارئ بعناية الضحية ونُقل إلى مستشفى “دونكيرك”. وبعد الفحوصات الأولى، أكدت فرق الطوارئ أن الإصابة لا تشكل خطراً على حياته.
وفتحت الشرطة التي كانت متواجدة في المكان تحقيقاً لتحديد الظروف الدقيقة للحدث، لا سيما وأنه لم يكن هناك أي شهود على الحادث، فيما لم يرغب الضحية في التحدث لوسائل الإعلام المحلية.
وشهدت السنوات والأشهر الأخيرة تسجيل حوادث عنف بشكل متزايد في مخيمات شمال فرنسا، والتي يعيش فيها مئات المهاجرين على أمل النجاح في الوصول إلى المملكة المتحدة. ويوم الإثنين 1 نيسان/أبريل 2024، تعرض مهاجر للطعن حتى الموت في بلدة “لون بلاج” أيضاً، ولم تكشف السلطات عن ملابسات الحادثة، إلا أن مصدر في الشرطة قال لوكالة الأنباء الفرنسية إن الضحية رجل يبلغ من العمر حوالي 30 عاما.
وفي بداية شهر شباط/ فبراير، أعلن مكتب المدعي العام في دونكيرك شمال فرنسا، أن مهاجرا قتل بالرصاص وأصيب آخر بالقرب من مخيم “لون بلاج”.
وقالت شارلوت هوتيت المدعية العامة في دونكيرك لوكالة الأنباء الفرنسية في حينه، إن رجلا توفي ليلا “نتيجة إصابته بطلق ناري”. وشرحت أنه عُثر عليه حياً، على حافة الطريق السريع في بلدة غراند سانت، ثم نقل إلى المستشفى وتوفي هناك”.
وأضافت “بحسب العناصر الأولى للتحقيق، فإن هذا الرجل كان يقيم في مخيم للمهاجرين بالقرب من المكان الذي عثر عليه فيه”، مشيرة إلى أن شخصا ثانيا كان يسكن في هذا المخيم أيضا، أصيب بجروح لكن حياته ليست في خطر.
سياسة “عدم استقبال المهاجرين”
وفي اتصال مع مهاجرنيوز، أكد توماس شامبون منسق جمعية يوتوبيا 56 في مخيم “غراند سانت”، إنهم سمعوا عن وقوع حوادث عنف بين المهاجرين خلال الأيام الأخيرة، مشيراً إلى صعوبة تحديد تفاصيل هذه الحوادث لأنه المهاجرين عادة ما يتجنبون مشاركة ما حدث معهم.
وأضاف “أحياناً نرى مهاجرين يعانون من جراح عميقة، لكنهم يقولون إنهم سقطوا على الأرض” في إشارة إلى تجنبهم الاعتراف بأنهم تعرضوا للطعن. وأشار إلى أن الإصابات التي شهدوا عليها تتضمن جروح ناجمة عن طلقات نارية أو بسبب الطعن، بالإضافة إلى الشجارات التي تنشب بين المهاجرين أثناء عمليات توزيع الخيام أو الطعام.
وشرح شامبون “يمكنني القول إن العنف ازداد مؤخرا بين المهاجرين، سواء في المخيمات أو على الشاطئ. لكن ذلك لا يتعلق بالكراهية بين مجموعات المهاجرين (الحاملين لجنسيات مختلفة)، بل هو مرتبط بسياسة عدم استقبال المهاجرين التي تتبعها فرنسا والمملكة المتحدة، مما يتسبب في خلق مناخ من التوتر والعنف بين المهاجرين”.
وتابع “هذه السياسة تجعل من المهاجرين ضحايا لشبكات تهريب المهاجرين، التي تستغل وضعهم وتحاول الاستفادة من مأساتهم”.
وفي رد على سؤال يتعلق بالأوضاع في مخيمات شمال فرنسا، أجاب المنسق “أحصينا وجود نحو ألف مهاجر في مخيم غراند-سانت قبل أسبوعين، وأعداد المهاجرين ممكن أن تتضاعف بين ليلة وضحاها وفقاً لحالة الطقس وأمواج البحر. وهذا يتسبب في نقص حاد بالطعام والماء وأماكن الاستحمام والخيام، في ظل اتكال السلطات على الجمعيات للتعامل مع هذا الوضع”.
استمرار محاولات المهاجرين لعبور المانش
ويستغل المهربون فصل الصيف لتنظيم عدد متزايد من رحلات العبور إلى بريطانيا. ووفقا لإحصاءات وزارة الداخلية البريطانية، وصل الأسبوع الماضي 828 مهاجرا إلى الأراضي البريطانية في 14 قاربا مختلفا، من بينهم 703 مهاجرين يوم الأحد الماضي وحده.
ومنذ بداية العام الجاري، تمكن حوالي 18 ألف مهاجر من الوصول إلى المملكة المتحدة، على الرغم من السياسات التي تتبعها باريس ولندن لكبح عمليات العبور ومحاربة شبكات التهريب.
وتعتبر هذه الرحلات خطيرة جداً بسبب رداءة القوارب التي يسخدمها المهربون، وحركة الملاحة البحرية النشطة جداً في هذه المنطقة، بالإضافة إلى انخفاض درجات حرارة المياة. ووفقا للمحافظة البحرية، تمر عبر هذا الممر البحري أكثر من 600 سفينة تجارية يوميا.
ولقى مهاجران مصرعهما يوم الأحد الماضي أثناء محاولتهما عبور بحر المانش باتجاه المملكة المتحدة، حيث كانا على متن قارب أبحر من سواحل شمال فرنسا وفقاً لما أعلنت عنه السلطات الفرنسية. وبهذه الحادثة، تكون ارتفعت حصيلة وفيات المهاجرين هذا العام في بحر المانش إلى 25 شخصا. وخلال شهر واحد فقط، تم تسجيل تسع وفيات من بين المهاجرين على هذا الطريق.