كيف تتوقع الاستخبارات الفرنسية التهديد الإرهابي خلال الألعاب الأولمبية؟
هل تمر دورة الألعاب الأولمبية في باريس 26 يوليو (تموز) حتى 11 أغسطس (آب) 2024 دون إفساد الفرحة الفرنسية والعالمية بينما تتزايد المخاوف من هجمات مُحتملة؟.
لعدّة أشهر ظلّ هذا السؤال يُطارد أجهزة الأمن والاستخبارات التي تعمل جاهدة لمنع التهديد الإرهابي خلال الحدث الرياضي والإعلامي الأكبر هذا العام، إذ أنّ “الألعاب الأولمبية تُشكّل فرصة انتهازية لعمل المنظمات الإرهابية”، وفقاً لما ذكره مصدر في أجهزة الاستخبارات مُعبّراً عن قلقه، في إشارة إلى التحدّي الأمني غير المسبوق.
ومنذ نهاية فصل الشتاء، تمّ استنفار كافة عناصر المديرية العامة للأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن الخارجي لهذا الحدث، وتعزيز الفرق وتقييد الإجازات من أجل ضمان العمل الاستخباراتي على الصعيدين الداخلي والخارجي على مدار أربع وعشرين ساعة يومياً، حتى نهاية الصيف.
مركز استخبارات أولمبي
وتمّ كذلك تعزيز التعاون بين كافة الخدمات الأمنية تحت قيادة المديرية العامة للأمن والسلامة، مع إنشاء مركز الاستخبارات الأولمبي، وتعزيز التعاون الدولي مع حوالي 100 شريك أجنبي، حسب ما ذكره الكاتب والمحلل السياسي في “لو موند” سورين سيلو المتخصص في قضايا الإرهاب.
ووفقاً له، فإنّه يصعب فهم الخطر الإرهابي المُحتمل كونه ذو شقّين: أولاً، هناك الخطر الداخلي (الأعمال الارتجالية التي تقوم بها جهات محلية لدوافع سياسية محلية)، وهو الخطر الرئيسي منذ الهزيمة العسكرية لتنظيم الدولة الإسلامية في عام 2019.
وثانياً هناك الظاهرة المُثيرة للقلق، وهي أنّ تنظيم داعش شهد نشاطاً ملحوظاً على مدى العامين الماضيين، مع تجديد غير متوقع للمُتعاطفين مع التنظيم الإرهابي، بما في ذلك عدد من القُصَّر الذين أغرتهم ديناميكية التنظيم المُكتشفة حديثاً في أفغانستان وبعض دول إفريقيا.
مُستعدّون للغاية
ومن أجل الحدّ من تلك المخاطر مع اقتراب الألعاب الأولمبية، طلبت وزارة الداخلية من المحافظين، منذ بداية شهر مايو (أيار) الماضي، تعزيز تدابير العرقلة الإدارية ضدّ بعض الملفات الشخصية لنحو 5200 شخص مُسجّلين في تقرير منع التطرّف الإرهابي. ومن بين هذه الإجراءات الزيارات المنزلية للمُتطرّفين المُحتملين، وزيادة حادّة في التدابير الفردية للرقابة الإدارية، والتي تنصّ على تقييد السفر والحضور إلى مركز الشرطة.
ورغم كل شيء يقول وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين “نحن مُستعدون للغاية”، لكنّه أشار بالمُقابل إلى أنّ هذه الألعاب الأولمبية سوف تُقام “في سياق إرهابي وجغرافي سياسي مُعقّد للغاية: الحرب في أوكرانيا، والحرب في الشرق الأوسط، والتهديد الإرهابي الذي لا يزال مرتفعاً، وخاصة من تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان”.
استبعاد 3512 شخصاً
ومن بين مليون تحقيق أمني تمّ إجراؤه لمن يتطلب عمله الاقتراب من مواقع إقامة أولمبياد باريس 2024، يكشف جيرالد دارمانين أنّ جميع الأشخاص “المهتمين بشكل قريب أو بعيد بالألعاب الأولمبية” يخضعون لهذا النوع من التحقيق.
وقال: “لقد قُمنا بإحصاء 3512 حالة استبعاد، من الأشخاص المعروفين لدى أجهزة المخابرات، من الإسلام السياسي، واليمين المتطرف، واليسار المتطرف. ومنهم 579 شخصاً لديهم ارتباطات أجنبية”.
الافتتاح
أما بخصوص إعداد الخطة البديلة لحفل الافتتاح، فقد ظلّ الغموض يكتنفها، موضحاً “نواصل العمل على إمكانية تنظيم حفل الافتتاح بشكل مختلف”، دون أن يحدد وزير الداخلية الفرنسي المواقع البديلة التي يُمكن أن تستوعبه والشكل الذي سيُقدّمه. كما أنّ “السيناريوهات الاحتياطية” لا زالت تؤخذ بعين الاعتبار. وأوضح دارمانين أن هذا السيناريو سيحدث “في حالة وجود صعوبة كبيرة جداً أو تهديد، مثل “فيضان نهر السين أو الهجمات الإرهابية”.
حماية المطارات
وتهدف الإجراءات الفرنسية الصارمة إلى ضمان بيئة آمنة للألعاب في حدث ذي أهمية عالمية. ومن خلال تعزيز الضوابط ورفض منح تصاريح للأشخاص الذين تمّ تحديدهم على أنهم خطرون، تُظهر الحكومة الفرنسية التزامها بضمان سلامة جميع المشاركين والمتطوّعين والجمهور.
ويستمر تكثيف الاستعدادات على كافة الصّعد، ومن خلال هذه الإجراءات الأمنية المعززة، يأمل المنظمون في توفير ألعاب آمنة لا تُنسى للجميع، وبينما ستكون المطارات مطلوبة بشكل خاص من قبل الرياضيين والجمهور والسياح على مدى أسابيع، فإنّ موظفي قوات أمن النقل الجوي يواصلون حماية الطيران المدني، من المطارات والطائرات، ضدّ أعمال التدخل غير المشروعة، بما في ذلك الطائرات بدون طيّار.