د. عبدالرزاق محمد الدليمي: هل حان خريف الولايات المتحدة الامريكية ؟
ذكرتني مشاهد الفلم الامريكي الحرب الأهلية” (Civil War) الذي بدأ عرضه في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان 2024 ،بحوار جرى بيني وبين ريشارد ميرفي الدبلوماسي الامريكي المخضرم () على هامش مؤتمر عقدته عام 2006 في استنبول مؤسسه امريكية حول تداعيات الاحتلال الامريكي للعراق كان مورفي احد ابرز قادتها ومفكريها…في صبيحة اليوم الثاني من المؤتمرجائني اثنان قياديان من الحزب الاسلامي في العراق(الاخوان المسلمين) داسامة التكريتي الذي اصبح المسؤول الاول عن الحزب لاحقا والاخر اسمه فريد وهو مسؤول عن تنظيمات حزبهم في اوربا…اخبرني السيد فريد بأن السيد مورفي يريد ان يأخذ رأيي في موضوع مهم!ان كان لدي مانع فأجبته بأيجاب وبعد لحظات جاء السفير مورفي وسلم علي بلهجة عربية وقال انتم لديكم خبرة ومعرفة دقيقة وعميقة بالمنطقة (يقصد الدولة العراقية قبل الاحتلال) واريد ان استشيرك بموضوع مهم،هل تنصحنا كأدراة امريكية ان نستخدم القوة العسكرية ضد ايران؟ وبعد لحظة صمت اجبته بأني لا انصحهم باستخدام القوة العسكرية لان هذا العمل سيخدم النظام المتهرئ هناك وسيجعل الشعوب هناك تلتف حوله لان الشعوب ايا كانت علاقاتها السيئة مع انظمتها المستبده لاتتقبل العدوان على اوطانها وتحت اي مسمى او مبرر..ثم سألني ماذا تنصحنا؟ فأجبته هناك حلول اسهل وافضل ممكن اللجوء اليها في وضع النظام في ايران قال كيف؟ هنا حاولت ان استفز السفير مورفي بأجابتي فقلت له هناك دولتان جاهزتان للتفتيت بسهولة ….ايران والولايات المتحدة الامريكية ….وكانت اجابتي اشبه بالصاعقة لاني اقحمت امريكا بالموضوع اكملت مسهبا اني سأتحدث عن تفتيت ايران وسأترك امريكا بآلاخر قلت بالنص ان ايران عبارة عن سبعة دول جاهزة للتقسيم السريع ،لانها دوله مصنعه لخدمة اغراض ومصالح الغرب في المنطقة وهناك سبع قوميات تتواجد في بقع جغرافية وهي مستقله بكل شئ من حيث الانتماء الاثني والعرقي والديني والمذهبي والعادات والتقاليد والنواحي الاقتصادية (العرب والاكراذ والتركمان والاذريين والبلوش والافغان والفرس وووو) وجميع هؤلاء على الاغلب علاقاتهم سيئة جدا مع نظام الملالي (ربما الفرس اقل درجة من البقية) ولذلك يمكن تقديم اي نوع من الدعم لهذه الاثنيات فتعلن استقلالها عن هذا النظام ونصحته ان يستفيدوا من قدرات وتجارب البريطانيين وخباثتهم في تفتيت الشعوب…..بعدها سألني عن تفتيت الولايات المتحدة الامريكية وهوجوهر هذه المقالة قلت امريكا دولة مصنعة من اثنيات وانتماءات غير متناسقة وفيها عشرين ولاية ( الغنية جدا) تم اغتصابها بالقوة من المكسيك وشعوب هذه الولايات يتململون منذ عقود كي يستقلوا عن النظام الحاكم في واشنطن ،علما ان ثقافة شعوب هذه الولايات ذو صبغة لاتينية.. واضفت ان مغامرات النظام في امريكا لم تعد مستساغة من القادة والرأسماليين الكبار في هذه الولايات الغنية واتوقع اعنهم في وقت ليس ببعيد سوف ينؤون بولاياتهم عن الاتحاد الفدرالي الذي اصبح يشكل عبئا غير مقبولا عليهم سياسيا واقتصاديا. وبعد المؤتمر تبادلنا الرسائل انا ومورفي وشعرت انه يميل جدا الى وجهة نظري..وانقطعت بعدها الاتصالات بيننا واكتشفت اخيرا انه توفى علما انه واحد من قله من العقلاء الذين انجبتهم الولايات المتحدة. فلم الحرب الاهلية مشاهدتي للفلم عززت ثقتي ان الولايات المتحدة شاء المسؤلين فيها او لم يشاؤا متوجهه الى التفكك سواء بمساهمتهم ام بعدمها وربما يعلم القارئ اللبيب ان هوليود لاتنطق عن الهواء وعادة ما تكون بعض افلامها تهيئة اذهان الرأي العام لتقبل احداث جلل ولذلك فان ماشاهدناه من احداث في هذا الفلم تعزز وجهة نظرنا بأن خريف امريكا قريب جدا. واضح ان نار الخلافات تزداد استعارا بين الحكومة الفدرالية الأميركية من جهة، وولايات تكساس وفلوريدا وكالفورنيا من جهة أخرى على خلفيات واختلافات كثيرة جداويشير المخرج أليكس غارلاند في فيلمه الجديد إلى الشرخ الأميركي، إذ تدور الأحداث حول حرب أهلية تندلع في الولايات المتحدة بعد قرار مجموعة من الولايات الانفصال عن الاتحاد الفدرالي وتشكيل دولة مستقلة، ويرصد الفيلم فريقًا من الصحفيين يسافرون عبر الولايات خلال الحرب التي تزداد انتشارا في جميع أنحاء البلاد. لم يكن غارلاند وحده الذي تحدث عن حرب أهلية أميركية جديدة، بل قدمت السينما العديد من الأعمال التليفزيونية والوثائقية والإذاعية، بينها “الولايات المنقسمة الأميركية” (The Divided States of America)، فضلا عن عدد من الأفلام الروائية والمسلسلات التلفزيونية. في المقطع الترويجي لفيلم “الحرب الأهلية” (Civil War)، يسأل جندي مواطنا أميركياً: أي نوع من الأميركيين أنت؟ لأن المواطنين في واحدة من أقوى الإمبراطوريات في التاريخ انقسموا -كما انقسموا سابقا- إلى اتحاديين وغير اتحاديين، ولم يعد القتل على الهوية فقط، بل القتل طبقا لرأي الضحية في الدولة.ويأتي الفيلم تحت شعار “سباق إلى البيت الأبيض في أميركا في المستقبل القريب على حافة الهاوية”، والذي يظهر مكتوبا على الشاشة في المقطع الترويجي، ويحتوي على مشاهد لجنود ودبابات عسكرية تدمر المدن الأميركية وسط حالة من الفوضى.ويسأل أحد الصحفيين الرئيس الأميركي الذي استمر 3 دورات رئاسية في منصبه، “هل تندم على استخدام الضربات الجوية على المواطنين الأميركيين؟”، قبل أن يصل المقطع الترويجي إلى ضربة عسكرية تؤدي إلى تدمير نصب لنكولن التذكاري، ويقول الرئيس في تعليق صوتي رداً على ذلك بما يشبه الصراخ، “فليبارك الله أميركا”، ويضع المشاهدين في أجواء حرب أهلية أميركية جديدة. يبدأ المقطع الدعائي بمشاهد الدمار في جميع أنحاء البلاد () ريتشارد ميرفي دبلوماسي أميركي، خبر أسرار ملفات عربية كثيرة مستفيدا من عمله سفيرا لبلاده في عدة دول من بينها السعودية وسوريا وموريتانيا.خدم في الجيش ثم التحق بقسم الشؤون الخارجية في وزارة الخارجية الأميركية، ثم كلف عام 1968 بإدارة قسم شؤون شبه الجزيرة العربية، وعمل في الفترة نفسها مديرا لموظفي مكتب الشرق الأدنى.رشحه الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون عام 1971 سفيرا لدى موريتانيا، ثم شغل عام 1974 منصب سفير الولايات المتحدة لدى سوريا، ثم الفلبين ثم السعودية.تولى عام 1983 منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا، وعرف في تلك الفترة بنشاطه في عملية السلام بين العرب وإسرائيل.تقاعد عام 1989 وانضم إلى مؤسسة “حسيب ج. صباغ” لدراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، وخلال الفترة 1993-2004، تقلد منصب مدير مؤسسة الدراسات الشرق أوسطية في واشنطن.التجربة السياسية ،أثناء وجوده في سوريا سفيرا للولايات المتحدة عمل بنشاط على توسيع المحادثات والمناقشات مع دمشق حول موضوعات حيوية، كلبنان والرهائن الغربيين المحتجزين فيه والسبل الممكنة لحل سلمي أوسع بين العرب وإسرائيل.وفي عام 1988، أجرى مفاوضات مكثفة مع الرئيس حافظ الأسد حول مبادرة أميركية سورية لإيجاد مرشح مقبول من الجانبين في الرئاسة اللبنانية، وعقد مع الأسد ما عرف باتفاقية “ميرفي الأسد”، وتعتبر هذه المرحلة من أشد المراحل أهمية في تاريخ العلاقة بين البلدين.وبعد تقاعده أطلق عدة تصريحات تنتقد أداء الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق جورج بوش التي رفضت التعامل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ودعا واشنطن إلى الحوار مع حماس “التي تعد ممثلا شرعيا لجزء من الفلسطينيين” حسب قوله.
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز