إضطرابات كاليدونيا تتواصل.. وفرنسا تحاول إعادة الهدوء
فرنسا أ ف ب
ارتفعت حصيلة قتلى التوتر في أرخبيل كاليدونيا الجديدة في المحيط الهادئ، السبت، إلى 6، بحسب السلطات، في اليوم السادس من أعمال شغب واضطرابات اندلعت على خلفية إصلاح انتخابي مثير للجدل، في حين رأت رئيسة بلدية نوميا، أن الوضع «بعيد عن العودة إلى الهدوء»، متحدثةً عن «مدينة محاصرة».
وقُتل أحد السكان المحليين، وهو من أصل أوروبي ظهر، السبت، وأصيب شخصان آخران في منطقة كالا-غومين في شمال الإقليم الفرنسي بإطلاق نار عند حاجز أقامه منفذو أعمال شغب. والقتيل السادس هو أول شخص يسقط خارج نوميا عاصمة، كاليدونيا الجديدة.
ومن بين القتلى اثنان من عناصر الدرك، قتل أحدهما ب«نيران صديقة» خلال مهمة أمنية. ووصل ألف عنصر إضافي من قوات الشرطة والدرك الفرنسية إلى الأرخبيل ليل الجمعة، للانضمام إلى 1700 من زملائهم المنتشرين أساساً.
وقالت رئيسة بلدية نوميا، سونيا لاغارد، من حزب «النهضة» الحاكم: «يمكننا القول: إن الليلتين الأخيرتين كانتا أكثر هدوءاً»، لكن «الأيام متشابهة مع الكثير من الحرائق». وتابعت: «بينما أتحدث إليكم، نُصبت حواجز في المنطقة الشرقية من مدينة نوميا، يسيطر عليها الانفصاليون»، مؤكدة أن «الوضع لا يتحسن، بل العكس تماماً، رغم كل الدعوات إلى التهدئة».
وقالت لاغارد: «عندما أرى كل هذا الضرر، وسواء كانت الملكية التي تحترق خاصة أو عامة، إنه أمر مؤسف». وأضافت: «هل يمكننا أن نقول: إننا في مدينة محاصرة؟ نعم، أعتقد أننا نستطيع أن نقول ذلك».
وأضافت، «هناك الكثير من المباني البلدية احترقت، ومكتبات إعلامية، ومدارس».
وبحسب تقديرات محلية، بلغ حجم الأضرار الخميس 200 مليون يورو، وأصبحت الحياة اليومية لسكان كاليدونيا الجديدة أكثر صعوبة. وتؤدي الأضرار إلى تعقيد عملية توفير الإمدادات للشركات، وعمل الخدمات العامة وخصوصاً الصحية منها.
وتعد أعمال الشغب هذه الأخطر في كاليدونيا الجديدة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتأتي على خلفية إصلاح انتخابي أثار غضب الانفصاليين.
طوابير انتظار
وشوهدت شوارع المدينة، السبت، مليئة بالحطام، وسيارات متفحمة جراء الاضطرابات الليلية. وانتشرت شرطة مكافحة الشغب لحماية المنطقة. وفي نوميا، اصطف المئات أمام المتاجر، للتزوّد بمواد غذائية وإمدادات، ودعت حكومة كاليدونيا الجديدة إلى إزالة الحواجز والمتاريس.
وقال فايموا موليافا، عضو الحكومة المسؤول عن الخدمة المدنية: «إننا نقتل بعضنا بعضاً، ولا يمكننا الاستمرار على هذا النحو». وأضاف، «هناك أشخاص يموتون ليس بسبب النزاعات المسلحة، ولكن لأنهم لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية، ولا يستطيعون الحصول على الغذاء».
وفُرضت حال الطوارئ، بعدما تصاعدت المعارضة ضدّ إصلاح دستوري يهدف إلى توسيع عدد من يُسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المحلية ليشمل المولودين في كاليدونيا والمقيمين فيها منذ ما لا يقل عن عشر سنوات. ويرى المنادون بالاستقلال أنّ ذلك «سيجعل شعب كاناك الأصلي أقلية بشكل أكبر».
وتأمل باريس أن تؤدي حال الطوارئ السارية منذ، الخميس، إلى الحد من أعمال العنف التي بدأت، الاثنين.
وأعلنت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا-كاستيرا، السبت، إلغاء مرور الشعلة الأولمبية عبر كاليدونيا الجديدة، والذي كان مقرراً في 11 يونيو/ حزيران المقبل ل«إعطاء الأولوية لعودة الهدوء».
وكاليدونيا الجديدة هي مستعمرة فرنسية منذ أواخر القرن ال19، ويدور الجدل السياسي في الأرخبيل حول ما إذا كان ينبغي أن يكون جزءاً من فرنسا، أو يتمتع بحكم ذاتي أو استقلال، مع انقسام الآراء على أساس عرقي.
جسر جوي
ووعد ممثل الدولة الفرنسية في الإقليم، لوي لو فران، بأن تتحرّك باريس ل«تنظيم إيصال المواد الأساسية»، إضافة إلى إقامة جسر جوي مع الأرخبيل الذي تبعد عنه مسافة تفوق ال16 ألف كيلومتر.
وتسبب العنف في تدمير ما بين 80 إلى 90% من سلسلة التوزيع التجارية في المدينة، وفقاً لغرفة التجارة والصناعة في كاليدونيا الجديدة، وما زالت الرحلات الجوية التجارية معلقة.
وأوقفت الشرطة منذ الأحد 163 شخصاً، وفق النيابة العامة. وحُظِر في الأرخبيل تطبيق «تيك توك» الذي يستخدمه مثيرو الشغب.
ومن دون ذكر صلة مباشرة بأعمال العنف، اتهم وزير الداخلية الفرنسي، الخميس، أذربيجان بالتدخّل في الأرخبيل، وهو ما نفته باكو بشدة.
ومن جهته وجه السيناتور الفرنسي كلود مالوريه، أصابع الاتهام إلى «تدخلات الصين». وأوضح في مقابلة، أن «الصين تريد أن تكون في ساحتها الخلفية في بحر الصين ولكن أيضاً مهيمنة في المحيط الهادئ: فهي تحتاج إلى النيكل لإنتاج بطارياتها»، في إشارة إلى المادة الذي يحتوي الأرخبيل على 20 إلى 30 في المئة من مخزونها عالمياً.
واندلعت موجة العنف الأخيرة بسبب خطط باريس لفرض قواعد تصويت جديدة تمنح عشرات الآلاف من السكان غير الأصليين حقوق التصويت.
وترى مجموعات مؤيدة للاستقلال، أن من شأن ذلك أن يضعف أصوات السكان الأصليين «الكاناك» الذين يشكّلون نحو 40% من السكان.