نزار العوصجي: الحقد و الخبث المجوسي الصهيوني
الحكمة تقول : التأريخ كفيل بتحليل الواقع ..
لطالما لمسنا ان الصهاينة ينظرون الى العرب نظرة ازدراء ، و يعتبرونهم العدو الاول الذي يهدد وجودهم على ارض فلسطين ، كذلك هو الحال بالنسبة للفرس ايضاً ، ينظرون الى العرب ذات النظرة ان لم تكن اشد ، و يضمرون العداء لهم و الحقد عليهم منذ الاف السنين ، ذلك مانستشفه من خلال المراجعة التأريخية التي لا يرتقي اليها الشك ، كيف لا و العرب هم من اطفئ نار المحوسية ، لذا فان الكيانان الصهيوني و الفارسي يلتقيان في نظرة العداء للعرب ، و هذا يعني ان من المفيد لهما التعاون للقضاء على عدوهم المشترك ، من منطلق المثل القائل : عدو عدوي صديقي ..
من هنا نجد ان إيران لا تدخر وسعاً لإيذاء الأمة العربية و شعبها العربي اينما كان ، و في كل زمان و مكان ، لذا فانها سعت بكل امكانياتها لإندلاع المواجهة مابين الفصائل المسلحة الفلسطينية و جيش الاحتلال الصهيوني ، ليس حباً بالفلسطينيين بل العكس ، و إنما لفسح المجال امام ربيبتها الصهيونية العالمية للمضي قدماً في تنفيذ مخططها ، و انتهاز الفرصة المناسبة لإيجاد الحجة للميليشيات الولائية المرتبطة بها، و تمكينها من التغلغل اكثر داخل العمق العربي في الأردن و فلسطين ، كما هو الحال في سوريا و لبنان و اليمن و العراق ، الى جانب رغبتها في التنافس على السطوة و التأثير في المنطقة مع الكيان الصهيوني ، بما يضمن رضوخ امريكا و الغرب لسياسة إيران التوسعية ، الرامية الى بسط نفوذها على دول المنطقة بأكملها ، و عودة الاميراطورية الفارسية الى الوجود كقوة اقليمية و دولية ، تفرض نفسها على ارض الواقع ، لذا كان لابد للخبث الفارسي من ان يتحرك باي ثمن كان في تأجيج الموقف ثم التنصل و الأختباء ، بعد ان استشعرت إيران بأن هنالك تحرك عربي سعودي ، لتقريب وجهات النظر بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية ، باتجاه التوصل إلى اتفاق حول قضية حل الدولتين ، فكان لابد من تأجيج الفتنة و زرع الشك لدى الفصائل الفلسطينية المسلحة للحيلولة دون إتمام الاتفاق ..
لقد استغلت إيران الوضع و حركت أذرعها في العراق و لبنان و سوريا و اليمن ، لكي تظهر للعالم بأنها هي من يتحكم بأمن و استقرار المنطقة ، و أن على أمريكا و الكيان الصهيوني التفاوض معها و ليس مع اي طرف اخر ، الأ انها فشلت في ما ذهبت إليه ، بعد أن قامت أمريكا بأرسال بارجاتها و غواصاتها إلى البحر الأبيض المتوسط ، في رسالة تهديد معلنة إلى كل من تسول له نفسه الاشتراك في الحرب ، مما اثار الرعب لدى حزب الله ، و دفع امينه العام حسن نصر الله للخروج الى العلن بخطاب صريح قال فيه ، بأنهم لن يشاركوا في الحرب إلى جانب حماس ضد الكيان الصهيوني ، و كذلك اعلن عن براءة إيران من المسؤولية ( بعد ان انقلب السحر على الساحر ) ، كما إكد على أن حركة الجهاد الأسلامية حماس هي من خطط و نفذ العملية ، بسرية تامة دون مشاركة أي طرف ، بقصد التنصل من المسؤولية ، هذا التنصل جاء بعد أن صرح مسؤول في حركة حماس لجريدة نيوزويك حيث قال ، أن إيران قد غدرت بنا ، وأن حزب الله قد نكت العهد الذي كان قد قطعه لنا ..
ان ما يجري في غزة الآن حركة ذكية جداً ، في توقيت ذكي ، و المحصلة تصب في مصلحة اطراف اخرى و منها روسيا ، فلقد ساهمت الأحداث الدولية المتمثلة بالحرب الروسبة الاوكرانية ايضاً في نشوب المواجهة في فلسطين ، بقصد تخفيف الضغط على روسيا و تقليل الدعم الإمريكي لأوكرانيا ، فمن خلال متابعة سياق العمليات القتالية و التحضير لها ، و التنسيق و بروز عنصر المباغتة ، نجد ان كل هذا لا يمكن ان يكون من تخطيط و تنفيذ منظمات مسلحة محدودة الامكانيات ، انما هو مخطط تقف خلفه دولة كبرى و نقصد بذلك روسيا ، حيث ان المجاميع المسلحة لا تمتلك الخبرات ، ولا الامكانيات للتخطيط و دفع سياق العمليات القتالية بهذا الشكل ، لكون ان الدول الكبرى و الجيوش هي من لديها مثل هذه الامكانية العسكرية ..
ان روسيا تعي جيداً ابعاد هذه اللعبة ، لذا فانها تعمل على سحب البساط من تحت اقدام اميركا و الكيان الصهيوني في فلسطين ، من خلال العمليات العظيمة التي تسقط فكرة التفوق العسكري الصهيوني في المنطقة ، و هذا مثال على ان روسيا لديها الادوات و القوة على الارض ، و ان العربدة الأمريكية الغربية في المنطقة يجب ان تتغير ، مع وجوب تغيير حساب موازين القوى في المنطقة و العالم لصالح القوى العظمى الاخرى .. و في المقابل فان سير المعارك في فلسطين سيؤثر على اوكرانيا بوجه خاص ، و ان التمويل سينقطع عنها ليذهب لدعم الة الحرب الصهيونية ..
في الجانب الأخر فان الكيان الصهيوني بخبثه المعهود ، قد استغلت نشوب الحرب ، ليوجه كل امكانياته الحربية العسكرية ، لتقوم بقذف حممها النارية من الجو والبحر والبر على غزة وبقية القطاع ، في اشرس عدوان يشهده التأريخ ، لتحصد ارواح عشرات آلاف من الشهداء الجرحى والمصابين ، و حرمان من بقي منهم على قيد الحياة من الحصول على الغذاء و الدواء و حتى الماء الصالح للشرب ، و الحيلولة دون حصولهم على كل ما يعينهم لاستمرار بقائهم ، كل هذا يجري وسط صمت عربي رسمي ، اقتصر على التنديد و الشجب و الأستنكار ، الا ما رحم ربي ..
لقد وجد الكيان الصهيوني ضالته في تدمير قطاع غزة ، اضافة الى انها فرصته الذهبية لاحتلال الإراضي الفسلطينية و تهجير سكانها ، تمهيداً لأنهاء الوجود الفلسطيني ، مما يسهل عليه ما يسعى اليه ، و تنفيذ مشروعه في فتح قناة بن غوريون ، و استخراج الغاز من سواحل غزة ، بهذا يكون الخاسر الوحيد هو الشعب الفلسطيني ..