نزار العوصجي: دعوة محبة من قلب مؤمن مخلص
منذ ثلاثة اعوام وفي الايام الاولى من شهر أب عام 2020 ، انتخى عدد من العراقيين الغيارى الأصلاء ، آخذين على عاتقهم مهمة توثيق الأسماء اللامعة والمتميزة لمسيحيي العراق الحديث ، منذ تأسيس الدولة العراقية في 23 أب 1921 ولحد الأن ، تحت شعار : كوكبة من بلادي .. عراقيوا الولاء والانتماء .. انهم ليسوا بافضل من سواهم ولكنهم يمثلونهم خير تمثيل ..
وقد كان لي الشرف في ان اكون من بين الأشخاص الذين نفذوا هذه المهمة السامية بمهنية وحرفية واتقان عال ، ولقد شمل التوثيق كافة نواحي الحياة العلمية منها والعملية ، وفي كافة المجالات والاختصاصات ، ولكلا الجنسين ، دون أهمال او استثناء او اغفال لاي شخص ، من اي طائفة كان ، حيث انه شمل مسيحيي العراق ، من مختلف أرجاء الوطن ، من شماله حتى جنوبه ، انطلاقاً من مبدأ اننا اخوة في الله والدين والوطن ..
ان العمل التطوعي العفوي الذي قامت به هذه المجموعة الخيرة بتجرد عن المسميات الكثيرة التي نعاني منها اليوم ، يعد عملاً نابعاً من ايمان مطلق بوحدة المسيحيين العراقيين بكافة مسمياتهم ، وبوحدة الكنيسة الجامعة المقدسة الرسولية ، التي اوصانا بها ربنا وديننا ، كما انه بمثابة دعوة صادقة ومخلصة لوحدة مسيحيي العراق الأصلاء اينما كانوا ..
وانطلاقاً من منطلق ان مايميز الانسان هو العطاء للوطن ، فقد اعتمدنا في ادراج أسماء الشخصيات المتميزة ، التسلسل حسب الحروف الابجدية للغة العربية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر حين نقرأ أسماء رجال الدين ، نجد انها لم تعتمد في ذكرها على هذه الطائفة او تلك ، ايماناً ان لا فرق بين احداها عن الاخرى ، كذلك هو الامر في بقية المجالات المهنية والاختصاصات العلمية ..
الملفت للأنتباه ان الأشخاص الأربعة الذين تبنوا عملية انجاز هذه المهمة الصعبة ، ليس من بينهم رجل دين او واعظ ، بل هم اكاديميون مهنيون يرتبطون بعلاقات اجتماعية مرموقة ، مؤمنين بالله ومحبين لدينهم ووطنهم ، لذا نجد انهم كانوا متكاتفين ومتعاضدين ، يشدون ازر بعضهم ، ويعملون باخلاص وتفان وتجرد بعيداً عن المسميات ، ليحصدوا لاحقاً ثمرة جهدهم وعملهم المخلص ..
جميعنا نعلم ان من مهام رجال الدين توجيه النصح الى العامة من الناس في عدم الانجرار الى الفرقة والتمسك باواصر المحبة والاخوة ، ولكننا مع الاسف والالم نرى العكس من ذلك تماماً .. فها نحن هنا نتبادل الادوار فنوجه ونحن مضطرين ومتألمين النصح الى رجال الدين ، بدعوة خالصة ومخلصة ، ندعوهم فيها الى نبذ الخلافات والنأي بالنفس عن المغريات المادية والدنيوية ، وتعزيز الاخوة المسيحية الحقة ، والتمسك بما امرنا به السيد المسيح عليه السلام ، وما جاء في الكتاب المقدس ..
ما بالنا اليوم ، حيث نجد ان رجال الدين والكنيسة مختلفين فيما بينهم ، يتربصون زلات بعضهم البعض ، يتحينون الفرصة للأيقاع بالأخر ، في ظرف نحن فيه بأمس الحاجة الى رص الصفوف وتوحيد الكلمة ، في مواجهة اشرس حملة بشهدها العراق منذ تأسيسه الى يومنا هذا ، تهدف الى افراغ العراق من ابناءه المسيحيين الأصلاء ، اصحاب الجذور الراسخة في ارض الرافدين الخالدة ..
ان الواجب الديني والأخلاقي يدعونا جميعاً الى مؤازرة نيافة الكاردينال مار لويس روفائيل الاول ساكو ، ودعمه في رفض قرار رئيس الجمهورية بسحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013 ، الخاص بتعيين البطريرك ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ، هذا القرار المجحف بسحب التكليف السامي لم يأتي من فراغ ، بل جاء بتأثير من زعامات حشدية ذات توجه ولائي إيراني ، تعمل على احداث تغير ديموغرافي في عموم مناطق سهل نينوى ذات الأغلبية المسيحية من السكان ، ذلك التغيير الذي تسعى اليه فصائل مسلحة مرتبطة بالحشد ، الى جانب تمكين فصيل مسلح مرتبط بها من السيطرة على املاك وعقارات واوقاف الكنيسة في عموم العراق ..
كلمة اخيرة : يامسيحيو العراق اصحوا من غفلتكم قبل فوات الأوان ، ولاتزيدوا في جراح بلدنا الغالي جراحا اخرى ، عندها لاينفع الندم . والعاقل من اتعظ بغيره …
جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز