د. علي الجـابـري : التحديات التي تواجه الاتفاق السويدي- التركي
تبدو الحكومة السويدية سعيدة جداً بالاختراق الكبير الذي حققته ، وأسفر عن موافقة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على تمهيد الطريق لعضوية السويد في حلف الناتو، علي الرغم من العقبات الكبيرة التي كانت تواجه هذا الاتفاق، وخاصة المطالب التركية العديدة التي كانت مثاراً للجدل في داخل السويد والاتحاد الاوروبي.
الاتفاق الذي جرى بين الرئيس التركي اردوغان ورئيس وزراء السويد اولف كريسترسون ، تضمن تعهداً تركياً بالتصديق على طلب السويد الانضمام الى حلف شمال الاطلسي في أقرب وقت ممكن ، مقابل تعهد من السويد بتكثيف مكافحة الارهاب، والتعاون على المستوى الوزاري مع تركيا في القضايا الامنية، بالاضافة الى ذلك، وعدت السويد بدعم جهود تركيا لتصبح عضواً في الاتحاد الاوروبي!
يعتقد المعلق السياسي للتلفزيون السويدي “SVT” ماتس كنوتسون، ان الاتفاقية تمثل نجاحاً سياسياً للحكومة السويدية ، التي ستحقق أهم منجز يتعلق بأمنها القومي من خلال دخولها في حلف الناتو، لكنه يرى ان من الصعب استخلاص بعض النتائج من هذه الاتفاقية ، على سبيل المثال، لم يُذكر أي شئ عن موعد تصديق تركيا على طلب السويد لحلف شمال الاطلسي، ومدى تأثير الخطط الجديدة لإحراق القرآن الكريم في السويد والتي لم تبت الشرطة بموقفها من إجازتها بعد! وهذه القضية باتت تشكل قلقاً متزايداً للحكومة السويدية، بحكم تأثيرها المباشر على علاقاتها مع الدول العربية والاسلامية، وابرزها تركيا، بعد ان اثارت عملية حرق المصحف الاخيرة المشاعر الغاضبة لدى المسلمين، وادت الى ارتفاع الاصوات في تركيا ، لمنع دخول السويد في الناتو، بسبب سماحها لحرق المصحف اكثر من مرة في البلد الاسكندنافي .
حتى في حال موافقة تركيا على طلب انضمام السويد، فمن غير الواضح متى يمكن للمجر التصديق على طلب السويد، خاصة ان البرلمان المجري بدأ في اجازة الصيف. لهذا العام، ويجب ان يجتمع مرة أخرى لإبداء موقفه من الطلب السويدي!
بنود الاتفاق مع تركيا يمكن ان تمثل مشكلة بالنسبة للسويد ، وفقاً للتلفزيون السويدي، بسبب ما اطلق عليه “بعيوب الديمقراطية وانتهاكات حقوق الانسان وكيفية عمل النظام القانوني في تركيا”، كذلك فإن تركيا تحولت الى نظام استبدادي تحت قيادة اردوغان، وسبق ان انتقدته السويد بشدة، واعتبرت انه يستخدم قوانين مكافحة الارهاب لقمع المعارضين واتهامات مباشرة للرئيس اردوغان بدوره المباشر في اسكات المعارضين ومنتقدي النظام! هذه الانتقادات التي كانت تردد كثيرا من قبل السياسيين السويديين، هدأت قليلاً بعد تقدم السويد بطلب الانضمام الى الناتو. والاتفاق الاخير بين تركيا والسويد اثمر عن الاتفاق على تعاون أوثق في عدد من القضايا المختلفة.
لكن العقبة الاساسية والاكثر حساسية التي ستواجه العلاقة بين البلدين ، وفقاً للمحلل السياسي السويدي ماتس كنوتسون ، هي التعاون المتعلق في مجال الامن والارهاب، خاصة مع عدم الثقة بالنظام القضائي التركي، الذي يصنف الصحفيين والكتاب الذين ينتقدون النظام والذين يعيشون في السويد، كـ “ارهابيين” ، وقد طالبت تركيا بتسليمهم! ومثال آخر على هذا التصنيف هو اعتبار المنظمات الكردية “YPG” و “PYD” منظمات ارهابية في تركيا ، بينما لا تصنف كذلك في اوروبا والسويد والولايات المتحدة.
القضية الشائكة الأخرى التي تواجه هذا الاتفاق، هو ان وعد السويد بدعم احياء مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي يصدم بمواقف اوروبية متشددة حيال هذا الطلب، بسبب الثغرات الكبيرة في النظام القضائي التركي وانتهاكات حقوق الانسان التي تسجلها اغلب دول الاتحاد على نظام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
لكن من ناحية اخرى، يرى المحلل السياسي للتلفزيون السويدي، ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، اصبح اكثر “براغماتية” و”موالاة للغرب” ، لانه وجد ان مصلحة تركيا تحتم الاتجاه نحو الغرب، خاصة وان بلاده بحاجة الى رأس المال والاستثمار، لإنقاذ الاقتصاد المعطل ولإعادة الاعمار بعد كارثة الزلزال!