في جامعة دنماركية مجموعة أدمغة لا يتخيلها عقل
يخيّم جو من الغموض على الطبقة السفلى من جامعة أودنسه الدنماركية، إذ تقبع على رفوف هذا المخزن أكبر مجموعة من الأدمغة في العالم، يبلغ عددها تحديداً 9479، كلها مأخوذة على مدى أربعة عقود من جثث مرضى نفسيين.
وتشكل الأدمغة المحفوظة داخل أوعية بيضاء مُرقمة كبيرة مع مادة الفورمول، ثمرة لعملية جمع انطلقت عام 1945 لأسباب تجريبية وبدفع من الطبيب النفسي المعروف إريك سترومغرن.
ويقول المؤرخ المتخصص في الطب النفسي جيسبر فاسي كراغ لوكالة فرانس برس إنّ جمع الأدمغة «كان يندرج في إطار البحوث التجريبية، إذ كانوا يعتقدون سابقاً أنّها قد تساهم في تحديد موقع الأمراض الذهنية أو في توفير بعض الإجابات».
وكانت الأدمغة تُجمَع عقب تشريح جثث أشخاص كانوا مودَعين مراكز نفسية في الدنمارك، من دون الحصول على موافقة مسبقة منهم أو من عائلاتهم.
ويقول المتخصص في علم الأمراض والمسؤول عن مجموعة الأدمغة مارتن ويرينفيلت نيلسن إنّ كل مريض يتوفى داخل المستشفى كانت جُثته تخضع للتشريح.
وأدى تطور إجراءات ما بعد الوفاة والاهتمام المتزايد بحقوق الفرد إلى إنهاء عملية جمع الأدمغة عام 1982.
وأعقب هذا القرار نقاش طويل في شأن الأسس التي تبرر وجود هذا الإرث الضخم، حتى أصدرت الهيئة الدنماركية للأخلاقيات قراراً بضرورة الحفاظ عليه واستخدامه للأغراض العلمية.
ويؤكد مدير المجموعة أنّ الأدمغة التي تمثل مجموعة كبيرة جداً من الاضطرابات (الخرف، الفصام، الاضطراب الثنائي القطب، الاكتئاب…) تشكل «بحثاً علمياً مذهلاً ومفيداً جداً في حال أردنا معرفة المزيد عن الأمراض النفسية».
كذلك، تمثل بعض الأدمغة أمراضاً عصبية ونفسية متعددة ومتشابكة.
ويقول «إنّ عدداً كبيراً من هؤلاء المرضى كانوا يقبعون خلال نصف حياتهم وحتى طوال حياتهم، داخل مستشفيات للأمراض النفسية، وعانوا أمراضاً دماغية أخرى كالصرع أو أورام الدماغ».
وحالياً، يجري العمل على أربعة مشاريع بحثية في هذا الصدد.
وتعمل عالمة البيولوجيا العصبية والمتخصصة في مرض باركنسون في أحد مستشفيات كوبنهاغن الجامعية سوزانا أزنار، مع فريقها على مشروع يستخدم هذه الأدمغة. وتعتبر أنّ المجموعة فريدة لأنّها تساعد في تحديد الآثار الناجمة عن العلاجات الحديثة