لقاء حاسم بين ماكرون وأعضاء منتدى الإسلام
ضمن مساعٍ متواصلة للتخلص من التأثير الأجنبي على مُسلمي فرنسا ومُحاربة التشدّد والفكر الانفصالي، يلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون يوم الخميس القادم، وللمرّة الأولى، أبرز الفاعلين في الديانة الإسلامية من مختلف المُدن الفرنسية، والذين يُمثّلون أعضاء مُنتدى الإسلام في فرنسا، التجمّع الذي يُشارك فيه مسؤولون وأئمة ومفكرون وأفراد من المجتمع المدني، وبات مسؤولاً عن إعادة تنظيم وإدارة الإسلام في فرنسا.وكان المُنتدى قد عقد قبل أيام اجتماعياً تمهيدياً مع السلطات الفرنسية برئاسة وزير الداخلية جيرالد دارمانين، في خطوة جديدة لعقد اجتماعات مُجدية بين الدولة والجهات الفاعلة والمؤثرة في مُسلمي فرنسا، وذلك بهدف منع أيّ تدخل أو تأثير مالي أو أيديولوجي خارجي على مُسلمي البلاد، وبحث قضية الحق في الدين والمُعتقد بعيداً عن إقحامهما في السياسة.
ويسعى الطرفان، الحكومة ومُنتدى الإسلام، إلى دراسة ملفات تكوين الأئمة والإسراع في إنشاء مجلس وطني لهم في فرنسا، ووضع ضوابط لتمويل الجمعيات التي تُدير المساجد، بحيث يُصبح من الممكن الوصول بسهولة إلى الحسابات المصرفية لهذه الجمعيات والمسؤولين عنها.
ولباريس أولوية اليوم في عدم ترك المُسلمين لدينهم في أيدي الإخوان المُسلمين والسلفيين، أي عدم ترك الإسلام للإسلامويين الذين يُساهمون في خلق المُتشدّدين، ويعملون على استغلال الحريات والديمقراطيات المُتاحة في الدول الأوروبية ضدّ مبادئ هذه الدول نفسها.
ونتيجة لما كشفته البيانات الرسمية للجهات المختصّة من أنّ الجزء الأكبر من التمويل للإخوان في البلاد يأتي من داخل فرنسا نفسها، رغم وجود دعم مالي خارجي، فإنّ الحكومة تعتزم، بالتنسيق مع مُنتدى الإسلام في فرنسا إنشاء هيئة رقابة وشفافية بهدف حرمان الإخوان المسلمين من دخل مالي ضخم مرتبط بالحج وتجارة الطعام الحلال، بالإضافة إلى التبرعات المشكوك فيها.
يُشار إلى أنّ منتدى الإسلام في فرنسا، قد أطلقته الحكومة الفرنسية في فبراير (شباط) من العام الماضي بحثاً عن تمثيل أكثر شرعية وفاعلية لثاني أكبر ديانة في البلاد، مُعلنة بشكل رسمي وفاة “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية” الذي كان يُحاور الدولة منذ 2003، لكنّه بات مشلولاً تماماً بسبب خلافات حول توازنات النفوذ والسلطة داخلياً، وانقسامات إيديولوجية ما بين التصدّي لتغلغل الإخوان أو تأييدهم، وخاصة منذ أن أقرّت الحكومة “شرعة مبادئ لإسلام فرنسا” شدّدت على رفض توظيف الإسلام لغايات سياسية، وضرورة عدم تدخل أي دول أجنبية في شؤون مُسلمي فرنسا، وحظر تقديم التمويل المادي والدعم الترويجي لهم.
ونجحت الحكومة الفرنسية في تحقيق إنجازات ملحوظة العامين الأخيرين في مُحاصرة الإسلام السياسي وممثليه من الذين تمكنوا على مدى السنوات الماضية من السيطرة على العديد من المراكز الدينية الإسلامية والترويج لخطاب مُتشدد في عقول الشباب المُسلم. وشهدت فرنسا حلّ وحظر العديد من الجمعيات الدينية، وذلك لتأكّد وجود شبهات تطرّف وتمويل من مصادر خارجية. كما وصعّدت الحكومة من حربها ضدّ الكراهية والخطاب الانفصالي.
وكانت العديد من المُدن الفرنسية قد نظّمت العام الماضي مُنتديات تمهيدية مُصغّرة حول كيفية إعداد المسؤولين الدينيين والتصدّي للأعمال المُعادية للمسلمين، وذلك بهدف الوصول من خلال مُنتدى الإسلام لتوصيات حول سُبل الشراكة والتعاون. وتُشكّل إعادة التأكيد على مبادئ الجمهورية مطلباً مُلحّاً من الرئيس الفرنسي في إطار حملته ضدّ التطرف الإسلامي والنزعات الانفصالية.
المصدر: 24