التضخم في فرنسا يطال الحب
إذا كان الحبيب غالياً بلا شك، فإن غلاء الأسعار في فرنسا بات يكبد العشاق تكلفة تفوق قدراتهم أحياناً، مما جعل الباحثين عن نصفهم الآخر يعيدون النظر في الموازنات المخصصة لقلوبهم، ولم يعد الحب تالياً.. بلا حساب.
ويؤكد كل شخص عازب من أصل ثلاثة (37%) أن المبالغ التي يخصصها للمواعدة أقل مما كانت عليه قبل ستة أشهر، بحسب موقع “ميتيك” للمواعدة.
ويشير الموقع إلى أن “العزاب باتوا يختارون أماكن ذات تكلفة مقبولة أو حتى مجانية” للقاءاتهم الغرامية.
تقول ليا (22 عاماً)، وهي طالبة في بوردو (جنوب غرب) وتستخدم منذ عام منصة “تيندر” للمواعدة: “وجدت حيلاً لكي تكون لقاءاتي الغرامية أقل تكلفة كإقامتها في +ماكدونالدز+، مع أن ذلك لن يكون رومنسياً”.
وفي باريس، يختار فالانتان (26 عاماً) وفيكتوريا (23 عاماً) المواعدة بعد ظهر أحد الأيام، وسط حوض للأسماك في المدينة.
والدخول إلى حوض الأسماك الذي لاقى شهرة في منصة تيك توك، مجاني للقصّر ومن تقل أعمارهم عن 26 سنة. وأرفق مقطع فيديو يتناول حوض الأسماك في تيك توك بعبارة “مثالي للقاءاتك الغرامية!”.
تقول فيكتوريا، وهي طالبة: “لو كان علي أن أدفع لقاء دخول الحوض، كنت سأفعل ذلك لكن ضمن مبالغ معقولة”.
وعلى مسافة قريبة، يسير باتيست (23 عاماً) وإلسا (22 عاماً) باتجاه حوض للتماسيح. وبدأت علاقة هذا الثنائي قبل شهر.
ويقولان: “رغبنا في تمضية وقت هادئ بعد الظهر وتوفير المال لعيد الحب” الذي يصادف 14 فبراير (شباط).
أما رومان، وهو شاب أعزب يبلغ 30 عاماً ويعيش في باريس، فيؤكد لوكالة فرانس برس أن لقاءاته الغرامية تسببت مرات عدة بإفراغ جيبه.
وفي الخريف الفائت، كلفه عشاء في أحد المطاعم مع شابة كان يلتقيها للمرة الأولى بضع مئات من اليوروهات. ويقول: “رغم ذلك، لم أرغب في إلغاء موعد غرامي مع فتاة أخرى بعد أيام قليلة، لذا عرضت عليها أن نذهب في نزهة إلى مونمارتر”، وهي منطقة سياحية ذات طابع رومانسي في العاصمة.
وتوصلت دراستان أجراهما موقعا “هابن” و”ميتيك” للمواعدة في سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول)، إلى أن متوسط المصاريف المخصصة للقاءات الغرامية تراوح بين 20 و40 يورو للشخص الواحد.
ومع اقتراب عيد الحب، يتوقع أن يشعر العشاق “بتأثير التضخم” تحديداً على النفقات المرتبطة بالهدايا، على ما يشير أنطوان فرايس-سولييه، وهو المسؤول عن تحليل الأسواق لدى منصة “إيه تورو” المالية.
ويلفت بيان لـ”إيه تورو” الخميس إلى أن “أسعار المواد الأولية للهدايا الاكثر شيوعاً في عيد الحب ارتفعت بنسبة 23% خلال السنتين الأخيرتين، متجاوزة التضخم العالمي في الأسعار الاستهلاكية في دول الاتحاد الأوروبي (16.2%)”.
ويضيف “أن الحلي المصنوعة من الفضة ستكون أكثر هدية يمكن للفرنسيين اختيارها، لأن سعر الفضة لم يرتفع سوى 3% منذ 2021. أما الذهب (ارتفع سعره 13% مدى عامين) أو علب الشوكولا، التي “شهدت موادها الأولية كالكاكاو والسكر ارتفاعاً بنسبة 29% في المتوسط”، فسيعتمدها العشاق بقدر أقل لهداياهم.
يقول فرايس-سولييه بسخرية: “لم يعد بوسعنا القول إن الحب لا يكلف شيئاً”.
ومع أن عيد الحب يعتبر “مناسبة تجارية”، إلا أن الأستاذة في التسويق وعلم الاجتماع الاستهلاكي في كلية كيدج لإدارة الأعمال ناسيما أورامون، تشير إلى ظهور سلوك “بديل” آخذ في التطور.
ومقابل الأشخاص الذين لن يمتنعوا عن الاحتفال بعيد الحب على الطريقة التقليدية “هناك آخرون سيختارون تنظيم الاحتفال بهذه المناسبة بأنفسهم، كأن يقدموا لحبيبهم هدية رمزية أو أخرى تدوم لفترات طويلة، أو من خلال تناول العشاء داخل المنازل”.
ومن شأن هذه الخطوات أن توفر بعضاً من النقود.
أما غير القادرين على تخصيص مبالغ لعيد الحب، فيمكنهم أن يستوحوا من أغنية جورج براسنز الشهيرة التي تعود إلى 1953 وتقول كلماتها “الحبيبان اللذان يتبادلان القبل على المقاعد العامة”.