بينما يعود ماكرون لـ”الكمامة”.. الحكومة الفرنسية حائرة إزاء كيفية مواجهة انتشار وباء كورونا
باريس: ميشال أبونجم
عادت جائحة «كوفيد – 19» تقضّ مضاجع الفرنسيين، وعلى رأسهم مسؤولو القطاع الصحي، بعد أن تجاوزت الإصابات حافة المائة ألف إصابة في اليوم؛ فالسلطات لا تريد إخافة الفرنسيين قبل أيام قليلة من أعياد رأس السنة، لما لذلك من انعكاسات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، خصوصاً أن موجة الإصابات الجديدة تتزامن مع تزايد حدة فيروس الإنفلونزا الذي يصيب بشكل خاص الكبار في السن وفيروس التهاب القصيبات وضحاياه من الصغار.
ولا تكتمل سوداوية الصورة الراهنة في فرنسا من غير الإشارة إلى أن الفرنسيين، كغيرهم من الأوروبيين، يشكون من غلاء المعيشة الذي يصيب بشكل خاص الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة، ومن التضخم ومن وصول أسعار الطاقة على أنواعها إلى مستويات جنونية. ثم جاءت تحذيرات الحكومة من احتمال انقطاع التيار الكهربائي في بلد ينتج ستين في المائة من حاجاته الكهربائية من الطاقة النووية لتزيد الطين بلة، ولتطرح تساؤلات جدية حول كفاءة «شركة كهرباء فرنسا»، التي تعود لها مسؤولية إنتاج الكهرباء وتوزيعها. ومشكلة باريس أن نصف المفاعلات النووية خارج حالياً عن الخدمة؛ إما للصيانة أو لإصلاح الأعطال بسبب التقادم.
ووصلت الأمور إلى درجة أن فرنسا تشتري اليوم الكهرباء من ألمانيا مقابل مدها بكميات من الغاز، علماً بأن جزءاً من الطاقة الكهربائية المنتجة في ألمانيا يأتي من المصانع العاملة بالفحم الحجري، الأمر الذي يتناقض تماماً مع المعطيات البيئية.
وجاءت التحذيرات الحكومية التي تتحدث عن خطط قطع التيار الكهربائي لتثير موجة من القلق إلى جانب المخاوف حول عمل المستشفيات والمدارس والنقل العام، وغيرها من المرافق، التي لا يمكن تشغيلها بغياب التيار الكهربائي. ونظراً لسوداوية الأوضاع، اضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتدخل شخصياً للتخفيف من حدة القلق بشأن الكهرباء، من خلال تأكيده أن الخطط الحكومية لا تعني أن التيار سوف ينقطع، بل هي استباقية. أما بالنسبة لـ«كوفيد – 19»، فقد حرص اليوم، خلال زيارة له، على ارتداء الكمامة، وذلك بمناسبة زيارة له لمنطقة مدينة بوزاتيه (وسط غربي فرنسا). وقال ماكرون: «إنني أعمل بنصائح وزير الصحة»، وإنه من المفيد «العودة إلى بعض العادات» لمواجهة ارتفاع أعداد الإصابات، مسارعاً إلى استبعاد فرض ارتداء الكمامة، كما في ذروة موجات «كوفيد» السابقة، مؤكداً على أن ارتداءها يبقى حتى اليوم «اختيارياً».
وأردف الرئيس الفرنسي قائلاً إنه «لأمر جيد أن نحث المواطنين على ارتداء الكمامات، لأنه لا رغبة لدينا في الرجوع إلى التدابير الإلزامية». بيد أن أصواتاً أخذت تُسمع للمطالبة بفرض الكمامة مجدداً في الأماكن المغلقة وفي القطارات والطائرات من أجل «حماية الأشخاص الأكثر هشاشة».
وإذا كانت الحكومة ترفض حتى اليوم تعميم ارتداء الكمامة، إلا أنها لا تستبعد إعادة فرضها إذا تطلب الأمر إجراء من هذا النوع.
وتواجه الحكومة صعوبة في إقناع كبار السن والعاملين في القطاع الصحي والذين هم على تواصل مع الجمهور بتلقي لقاح إضافي، علماً بأن أكثرية الفرنسيين تلقت ثلاث جرعات. وتُعد الموجة الراهنة التاسعة في فرنسا.
وحتى اليوم، يزيد عدد الملقَّحين على 36.8 مليون شخص، ما يعني أن المناعة الجماعية يمكن أن تحول دون انتشار واسع للفيروس. بيد أن هذا التصور نظري إلى حد بعيد، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الأعداد المتزايدة من المصابين به؛ فيوم الثلاثاء وحده، أصيب بالفيروس 105 آلاف شخص، وبلغ عدد الوفيات 455 شخصاً. وأودى «كوفيد – 19»، بحياة 158 ألف شخص في فرنسا.
الشرق الأوسط