د. علي الجابري : إنتخابات العراق .. والمال السياسي الحرام
لا يحتاج أي عراقي أن يدقق كثيراً في الحملات الاعلامية الدعائية للاحزاب السياسية العراقية المتنافسة في الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2018 عبر وسائل الاعلام المختلفة ليعرف حجم الاموال الطائلة التي أنفقتها بعض أحزاب السلطة من أجل ضمان حفاظها على مكتسباتها ومناصبها خلال الفترة القادمة .
ملايين مملينة تصرفها أحزاب عراقية عرفت بفساد كوادرها التي تبوأت أعلى المناصب في الدولة العراقية دون حسيب او رقيب ؟! دون أن يسأل أتباع هذا الحزب أو ذاك : من أين لكم كل هذه الاموال .. ؟
والطامة الكبرى أن نسبة كبيرة من العراقيين تنتظر هذه الفرصة ليس من أجل التغيير نحو حياة أفضل ، بل من أجل الحصول على الفتات من نواب الشعب ولصوصه، ومن أحزاب عاثت في البلد فساداً ، بعد أن حكمت العراق بسياط التخويف والتخوين ونهب ثروات البلاد ؟!
والأدهى من ذلك أن آلاف من الذين سيصوتون لاحزاب السلطة الفاسدة كانوا بالامس القريب يملئون ساحة التحرير صراخاً ضد الفاسدين.
حتى النخبة القليلة الخيرة من المرشحين الجدد للبرلمان العراقي وجدوا انفسهم أمام خيار واحد لا بديل سواه ، وهو الترشح عبر الكتل السياسية الفاسدة التي خبرها الشعب منذ أن قامت قيامة العراق في عام 2003 ، ودخل اراذل القوم ليتسيدوا المشهد السياسي العراقي ، وسعوا جاهدين الى محاربة الكفاءات الخيرة التي كانت تملأ البلاد ، مستخدمين سلاح (أنت بعثي) لقطع الطريق أمام كل عراقي قادر على الانجاز والبناء والتقدم ( حتى وإن لم ينتمي) الى هذا الحزب الذي بات شماعة الفاشلين ووسيلتهم الابرز للحفاظ على مكتسباتهم غير الشرعية؟!
إن التغيير الذي ينشده أبناء الشعب العراقي يصطدم دائما بعثرة المال السياسي الحرام الذي يظهر قبيل موعد كل إنتخابات برلمانية، حيث تغدق أحزاب السلطة الفاسدة أموال السحت الحرام على العراقيين بعد أن سرقتها من قوتهم اليومي. والاقسى من ذلك أن يعاود الكثير من أبناء العراق إنتخاب هؤلاء على وفق أسس مذهبية أو طائفية أو عشائرية دون مراعاة لحرمة الوطن؟!
وللعراقيين الراغبين بالتغيير نحو الافضل ، ويعيدون إنتاج الفاسدين بأصواتهم وأصابعهم البنفسجية أذكر بقوله تعالى ك " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .. لعلكم تدركون