د. علي الجابري : أطفال الشوارع في السويد .. مشاريع للاجرام
يدرك كل من يعيش في السويد ان اهم أسباب تردي الاوضاع الامنية وارتفاع نسبة الجريمة يرجع الى إستغلال أفراد العصابات الاجرامية للمراهقين والاطفال للقيام بإعمال إجرامية وتصفية حسابات مع المنافسين، مستغلين الاوضاع الاقتصادية الصعبة للبعض منهم، وسعي البعض الاخر للحصول على أموال تمكنهم من تحقيق رغباتهم.
وهناك ثغرة واضحة في القانون السويدي يتحرك وفقها افراد العصابات، وهي إستغلال ضعف القوانين الموجهة لمعاقبة المراهقين والاطفال ، بالمقارنة مع القوانين الموضوعة للكبار، والتي هي الاخرى بحاجة الى إعادة نظر؟!
وهناك ثغرة أخرى كفلتها القوانين السويدية، وهي انه يحق لكل طالب لجوء في السويد، ان يترك مركز اللجوء والانتقال لعنوان معروف في السويد للسكن فيه. ما دفع الكثير منهم الى تقديم عناوين “وهمية” للسكن مع عائلات او افراد، لكن في الحقيقة، لا يسكن طالب اللجوء في هذا العنوان، ولا يستخدمه الا كصندوق بريد لا اكثر؟! بينما يلجأ الى العيش في مكان آخر لا تعلمه السلطات.. ولا احد يسأل من أين يأتي هؤلاء بالاموال لدفعها كأيجار؟ وكيف لهم المعيشة بمبالغ زهيدة تقدمها لهم دائرة الهجرة؟!!
السلطات تعلم جيداً قصة العناوين الوهمية، ولديها علم بإن البعض صار يتاجر بتلك العناوين، حيث يدفع اللاجى مبلغاً من المال لبعض المتاجرين المنتفعين، لتسجيل عناوينهم لديهم ، لكنها لا تسأل عن تبعات هذه الخطوة، وكيف يمكن ضمان عدم وقوع هؤلاء – برغبتهم او رغماً عنهم – في حبائل العصابات المنظمة ؟!
وإذا ما أرادت السلطات السويدية وقف العمليات الاجرامية المتصاعدة في البلاد ، عليها ان تنتبه لهذه الظاهرة المستفحلة، ووضع قوانين رادعة بحق كل من يستغلها بطريقة تجارية او اجرامية لان النتيجة واحدة، وهي جيل تتقاذفه البيوت الخلفية، والشوارع والدهاليز الاجرامية!!
هل لنا ان نتساءل : كم عدد طالبي اللجوء الذين غادروا مراكز اللجوء بعناوين وهمية لان السلطات وضعتهم في ظروف سيئة وطقس قاس لم يعتادوا عليه في شمال البلاد مثلا؟
هل يمكن ان نتقبل فكرة ترك آلاف الشبان يتيهون في شوارع المدن بحثاً عن مأوى ولقمة عيش لاشهر طويلة دون أن يحصلوا على قرار من دائرة الهجرة ، او مقابلة بخصوص طلبات لجوئهم ؟! ثم نأتي لنطلب منهم ان لا ينخرطوا في صفوف الجريمة المنظمة التي تفتح لهم ابواباً كثيرة للكسب غير المشروع، وتوهمهم بحمايتهم من القانون؟
الدولة وحدها يجب ان تتحرك بسلطة القانون لضمان سلامة مواطنيها، وكل من يعيش على أراضيها، حفاظاً على هيبتها، وتطبيقاً لانظمتها، وحماية لمن جاء طالباً حمايتها. وذلك لن يتحقق دون إقناع الناس بصدقية توجهها وعدالة تعاملها مع الجميع، لكي لا تعزز ظناً سائداً لدى البعض، بإنها تتغاضى عن الجرائم التي يصفي بها الاجانب بعضهم بعضاً، من أجل شيطنتهم وتخويف المجتمع منهم، كما تحاول المنظمات اليمينية المتطرفة ان تلعب على هذا الوتر الذي لا يولّد سوى المزيد من الكراهية والجرائم التي لا تُبقي ولا تذر!!
إنتبهوا الى الضواحي المهمشة، والاطفال والمراهقين الذين يحاول المجتمع في كثير من الاحيان ان يذكّرهم بإنهم أجانب ؟ وليسوا ابناءً لهذا البلد، قبل ان يتساقطوا واحداً بعد الآخر في وحل الجريمة، لمواجهة مجتمع لا يساويهم بإقرانهم وينظر لهم بعدائية دون تمييز، بين باحث عن وطن، ولاهث وراء غنيمة ؟!
*رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز
لمراسلة الكاتب
dr.ali@europressarabia.com