إقبال فرنسي على تعلم أساليب الدفاع عن النفس
دورات في الرياضات القتالية، اقتناء العبوات الصغيرة للغاز المسيل للدموع، حمل المطاوي في الجيوب… ووسائل كثيرة مشابهة؛ تشهد حالياً إقبالاً غير معهود بين الفرنسيين. هل يكون التسلح بوسائل الدفاع الذاتي موضة عابرة، أم إنه ضرورة لمواجهة مفاجآت العيش في عاصمة يزيد سكانها على مليوني نسمة؟
كان من المتوقع أن يخفف انتشار وباء «كورونا» من الحوادث المتفرقة هذا الصيف. لكن من يتابع نشرات الأخبار يلاحظ ارتفاعاً في نسبة الاعتداءات اليومية على أفراد في الفضاء العام، يترافق مع صعود في حوادث سرقة الشقق والمنازل التي خلت من ساكنيها بسبب السفر في الإجازة السنوية. ولمواجهة هذا الواقع؛ تجد نسبة من ساكني باريس، لا سيما الباريسيات، ضالتها في الاعتماد على النفس لصد المعتدي. وبهذا تلقى دورات الرياضات القتالية أو الدفاعية، كالكاراتيه والجودو والكونغ فو… وغيرها، رواجاً غير مسبوق. وكشف سيريل مارشان، مدير نادي «باري كاراتيه للطاقة»، عن أن عدد المنتسبين إلى ناديه قد تضاعف 4 مرات في السنوات الثلاث الأخيرة. ويشير مارشان إلى الإقبال بشكل خاص على دورات الـ«كرافماغا»، وهو أسلوب للدفاع الذاتي نشأ في إسرائيل، يصلح لمواجهة المعتدي بسكين أو بسلاح ناري صغير.
وإذا كان إقبال النساء مفهوماً على تعلم هذا النوع من الرياضات، نظراً للمخاطر التي يتعرضن لها عند عودتهن لبيوتهن في ساعات الليل، فإن الظاهرة لا تشملهن وحدهن؛ بل هناك كثير من المراهقين ومن الرجال البالغين الذين لم يمارسوا رياضة من قبل بانتظام. والقاسم المشترك بين كل هؤلاء، حسب سيريل مارشان، هو قولهم: «كفاية!»؛ فهم قد واجهوا مواقف صعبة وحوادث نشل وكانوا عاجزين عن التصدي لمن يعتدي عليهم وتلقينه درساً. وقد خصص النادي دروساً مختارة للنساء؛ أبرزها أسلوب الدفاع عن النفس في الأماكن الضيقة، كالمصاعد الكهربائية وآبار السلالم وممرات المترو ومرائب السيارات في الطوابق الواقعة تحت الأرض.
وإلى جانب الاشتراكات السنوية في هذا النوع من النوادي، فإن كثيرين يفضلون الدورات قصيرة المدى. وغالباً ما يكشف المنتسبون عن تعطش لاكتساب مهارات قتالية سريعة؛ الأمر الذي يشير إلى معاناتهم من القلق والخوف العصابي بعد التعرض لاعتداء. وهناك دورات تجمع أفراداً قلائل وتسمح للمشاركين فيها بتعلم أساليب أساسية وحركات ضرورية في غضون ساعتين. وثمن هذه الدروس السريعة لا يتجاوز 30 يورو.
لكن باريس ليست المدينة الوحيدة التي تشهد إقبالاً على الرياضات الدفاعية، فهناك بوردو ومرسيليا حيث باتت تنتشر فيهما أيضاً النوادي الرياضية الخاصة التي تعلن عن دورات للنساء فقط.
يذكر أن جيرار دارمانان، وزير الداخلية الجديد، كان قد وصف، مؤخراً، ازدياد حوادث الاعتداءات على الأفراد بأن المجتمع الفرنسي يعاني من حالة «توحّش». وقد أثار تصريحه ردود فعل كثيرة؛ لأنه لمّح إلى أن السبب يقع على عاتق المهاجرين والمتطرفين.
aawsat