الأسوأ منذ 5 قرون.. الجفاف يهدّد الزرع والضرع في أوروبا
يخضع ما يقرب من نصف أراضي الاتحاد الأوروبي حاليًا لحالة جفاف قصوى وهي الأشد، مما يعيق الزراعة وإنتاج الطاقة وإمدادات المياه، بحسب ما أكدت المفوضية الأوروبية.
فمن توزيع المعونات المائية في فرنسا ونفوق الأسماك في صربيا في الشرق، إلى تبخر مياه نهر في ألمانيا وتلاشي أشجار الزيتون في إسبانيا وإيطاليا، يعاني جزء كبير من الإقليم مما سيكون أسوأ جفاف تشهده القارة الأوروبية منذ 500 عام.
وبحسب “مونت كارلو”، فقد تعرضت حوالي 47٪ من أراضي الكتلة لظروف جفاف “تحذيرية”، وهي ثاني أشد فئات الجفاف، خلال الأيام العشرة التي سبقت 30 يوليو 2022 وأكدتها البيانات الجديدة الصادرة عن مرصد الجفاف الأوروبي التابع للمفوضية الأوروبية (EDO) مساء أول أمس الثلاثاء.
والأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أنّ 17٪ من الأراضي وصلت إلى حالة “التأهب” الأشد، ارتفاعًا من 15٪، وهذا لا يعني فقط جفاف التربة بعد قلة الأمطار، ولكن النباتات والمحاصيل تعاني أيضًا.
وحذر مكتب مرصد الجفاف الأوروبي التابع للمفوضية الأوروبية في يوليو من أنّ المزيد من توقعات الطقس الجاف للعديد من البلدان في أغسطس و سبتمبر “تضيف مخاوف إلى الوضع الحرج للغاية بالفعل، وإذا ما تم تأكيدها، فإنها ستؤدي إلى تفاقم مشكلة الجفاف والتأثيرات على الزراعة والطاقة وإمدادات المياه”.
وقال أندريا توريتي، كبير الباحثين في مركز البحوث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية، والذي يجمع بيانات EDO، أول أمس الثلاثاء إن مزيدًا من موجات الحر وقلة الأمطار تلوح في الأفق، لكن التوقعات على المدى الطويل أكثر إثارة للقلق.
وقال للصحفيين “بالنظر إلى الأشهر الثلاثة المقبلة، فإننا لا نزال نرى مخاطر عالية للغاية لظروف الجفاف في غرب ووسط أوروبا، وكذلك المملكة المتحدة.”
وتنخفض مستويات المياه في الأنهار والبحيرات والخزانات في جميع أنحاء أوروبا الغربية، إلى حد الوصول إلى الجفاف، مما يشكل ضغطًا على إمدادات مياه الشرب، ويعيق السياحة ويهدد غلة المحاصيل، تمامًا كما أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
فقد أدت أسابيع من ارتفاع درجات الحرارة وقلة هطول الأمطار إلى استنزاف مستويات المياه في نهر الراين، الشريان التجاري في ألمانيا، مما أدى إلى تأخير الشحن ورفع تكاليف الشحن أكثر من خمس مرات.
كانت الخزانات الإسبانية تبلغ 40٪ فقط من طاقتها في المتوسط في أوائل أغسطس الجاري، وهو أقل بكثير من متوسط عشر سنوات البالغ حوالي 60٪، في حين شهدت بحيرة جافة في صربيا نفوق مئات الأسماك.
تقوم الشرطة الفرنسية بدوريات في شوارع بعض المناطق للتأكد من أن السكان والشركات لا يستخدمون المياه بشكل مبذر، حيث تكافح البلاد مع نقص المياه وحرائق الغابات الرئيسية الأخرى.
وقال توريتي إنّ المناطق المتضررة من الجفاف ونقص المياه ستزداد وأنه إذا لم يتم اتخاذ تدابير تخفيف فعالة “فإنّ هذه الكثافة والتواتر ستزداد بشكل كبير فوق أوروبا، في كل من الشمال والجنوب”.
كما أدت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا منذ فبراير الماضي، وتعطيل إمدادات الغاز الأوروبية، إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وترك البلدان تتطلع إلى استغلال الطاقة المحلية.
لكن انخفاض مستويات الأنهار وارتفاع درجات حرارة المياه أعاقا أيضًا إنتاج الطاقة في بعض المناطق.
وانخفضت مستويات المياه في خزانات الطاقة الكهرومائية في تسعة بلدان، بما في ذلك إيطاليا وصربيا والجبل الأسود والنرويج.