د. عبدالرزاق محمد الدليمي: 9 نيسان يوم اسود في تاريخ البشرية
مرت على العالم وعلينا كعراقيين قبل ثلاثة ايام واحدة من أخس وابغض واحقر جرائم العصر كانت أحتلال العراق ،ان ماقام به المجرمان جورج بوش وشريكه توني بلير بالتنسيق والتوافق المصلحي الانتهازي مع نظام الشر في طهران من غزو غير مبرر اخلاقيا اوقانونيا او سياسيا لدولة عضوا مؤسسا للامم المتحدة بحجج وذرائع كان الجميع يعلم انها كاذبة.
روكفلر واحتلال العراق
يروي احد مخرجي هوليود في فديو تم نشره قبل اعوام قليلة ان اليهودي ديفيد روكفلر (احد اهم واكبر اقطاب الرأسمالية في العالم) استدعاه ، وفي المقابله يذكر المخرج ان روكفلر اخبره عن احداث وتغيرات كثيرة وخطيرة ستحدث لاحقا منها (مسرحية)سبتمبر وانتشار الاوبئه (الانفلونزا وكرونا وو) وان العراق سيحتل ويدمروكذلك افغانستان ، كما حدثه عن تغيرات اقتصادية وامور اخرى لامجال هنا للتطرق لها….والمهم هنا ان ماذكره روكفلر يعني ان كل ماحدث وسيحدث مخطط له منذ فترات زمنية طويله وان احتلال العراق كان عملا ممنهجا من القوى المهيمنة على العالم بصرف النظرعن النظام او الاشخاص الذين يحكمون العراق ،أي ان الاحتلال لم يكن بسبب وجود الرئيس فلان او الحزب الفلاني،ومن هنا نقول لمن غرروا وضحكوا على انفسهم وعلى غيرهم ومازال بعضهم يردد هذا الهراء بأن سبب احتلال العراق هو دخول العراق الى الكويت او عدم كفاية الممارسات الديمقراطية في العراق او غيرها…فألواضح ان العراق قد تم التخطيط لاحتلاله من الولايات المتحدة وبريطانيا وبدفع صهيوني من وقت مبكر ، وكان عليهم ان يختلقوا ويحيكوا المبررات والذرائع الكاذبة ،ويجندوا العملاء لتنفيذ ماخططوا له،وقد وجدوا ضالتهم في حفنة من الخونة والقتلة واللصوص حيث مكنهم الاحتلال من الهيمنة على السلطة منذ التاسع من نيسان الاسود 2003 وما زالوا قابضين عليها.
الاحتلال جريمة العصر
منذ دخول قوات الاحتلال للاسف عبر حدود بعض الدول العربية في مارس 2003 ، إلى العراق بهدف الإطاحة بنظامه الوطني، كانت هذه الجريمة العظمى بحق الانسانية ولا تزال إرث اسود محل نقاش واسع.
تسبب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق الذي بني على الأكاذيب بقتل اكثر من مليون عراقي،على الرغم من إراقة الدماء المروعة ضد الشعب العراقي ، يبدو أن الجمهور الغربي قد نسى الكثير من الدروس التي كان ينبغي استخلاصها من كارثة احتلال العراق ، لاسيما وان اعداء العراق لاسيما الصهاينة ونظام طهران شجعوا مجرمي امريكا وبريطانيا بضرورة التخلص النظام العراقي ،وادعائهم الكاذب حيازته المزعومة لأسلحة الدمار الشامل وصلاته المزعومة بالقاعدة ، حتى إن المجرم توني بلير رئيس الوزراء البريطاني ، شبه الرئيس العراقي بأدولف هتلر، وبلغت فيه المشاعر المعادية لدول الشرق الأوسط عالية وكانت هجمات 11 سبتمبر حاضرة في أذهان الجمهور الغربي ، الذي كان قد أبلغه الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش أن “الحرب على الإرهاب” كانت أقرب إلى “حملة صليبية”.
الدعاية الغربية الكاذبة
رغم أنه اتضح لاحقا أن كل المزاعم الرئيسية حول العراق كانت كاذبة ، وبدون أي دليل ،ومع ذلك انحرفت وسائل الدعاية الغربية ووصفت غزو العراق بأنه حرب عادلة ، على الرغم من إعلان لجنة الحقوقيين الدولية في جنيف أن الغزو يشكل حربًا عدوانية وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ،ومع ذلك سارت تلك المؤسسات الدعائية التي تخضع لاجندة الغزاة بمنهج التغطية الإعلامية لشيطنة كل شيء عن الشرق الأوسط والمسلمين، كانت وسائل الإعلام الغربية تحتفل بانتصار الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رغم الحجم الكبير والخطير الذي خلفه العدوان على العراق من الموت والدمار ، ولم تسأل وسائل الدعاية المتصهينة أبدًا عن مكان وجود أسلحة الدمار الشامل المزعومة،لانها تعلم جيدا انها مجرد ترهات لتسويق العدوان على العراق.
استمرت التغطية الدعائية العمياء المؤيدة للعدوان الامريكي البريطاني ، على الرغم من التقارير التي تحدثت عن جرائم حرب في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة،وعلى سبيل المثال لا الحصر في غضون أقل من عامين من الغزو ، وصل عدد الذين قتلهم الاحتلال إلى مئات الالاف من المدنين العراقييين ، ومع ذلك تمكن جورج دبليو بوش من إعادة انتخابه في عام 2004.
موافقة على التصنيع
في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2003 ، كانت مجلة تايم لا تزال تغطي عن جرائم إدارة بوش ، وتعرض فقط انتقادات صغيرة لكيفية ارتكاب السفاح بوش الاخطاء في تقديرإلاصلاحات التي كان يجب ان يشهدها العراق ، في حين أصدرت مجلة الإيكونوميست عنوانًا رئيسيًا في مايو جاء فيه الآن ، شمر السلام سواعده المؤيد لفكرة بناء الدولة في العراق وتتجاهل جرائم الحرب المزعومة.
في نهاية المطاف ، أحنت جميع المنافذ الإخبارية الرئيسية في الغرب ، بما في ذلك أمثال سي إن إن ، وبي بي سي ، وفوكس نيوز وغيرها،رؤوسهم خزيًا من تقاريرهم الأحادية الجانب عما حدث من جرائم في العراق وما أسماه نعوم تشومسكي بمشاركتهم في ‘موافقة على التصنيع’.
سُئل بيتر فان بورين ، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية والمقيم في العراق لمدة عام ، عما إذا كانت وسائل الإعلام الغربية قد تعلمت درسها من العراق ، فقال “الدروس المستفادة؟ كلا بصفتي ضابطا في وزارة الخارجية في عام 2003 ، شاهدت في رعب أن الصحافة السائدة تتصرف ليس فقط كخبراء اختزال لأكاذيب الحكومة ، ولكن كمضخمات لتلك الأكاذيب ، وتوظيف مصادر مجهولة على حساب مصداقيتها لخلق وتقديم الرواية التي تدعم الحرب وخنق الإعلام المعارض في صفوفهم ، في عام 2022 ، لم يتغير شيء يذكر، تدق وسائل الإعلام مرة أخرى طبول الحرب ، ولكن هذه المرة كخبراء اختزال لدعاية الحكومة الأوكرانية، تأتي جميع مقاطع الفيديو والصور من أوكرانيا تقريبًا من حكومتهم في حين كانوا يستبدلون تلك المصادر المجهولة لعام 2003 بعدم وجود مصدر حقيقي على الإطلاق. لقد تم سحق كل المعارضة مع الزمن ، لذلك لم تُنهي أصوات ضبط النفس من صفحات نيويورك تايمز فحسب ، بل تم إلغاؤها وإزالتها من ذاكرة وسائل التواصل الاجتماعي .
الافلات من العقاب
إن الجرائم المرتكبة في العراق اليوم معروفة جيدًا للجمهور الغربي ، لكن القادة السابقين للولايات المتحدة والمملكة المتحدة لم يواجهوا أبدًا عواقب الفوضى التي أحدثوها، فالاحتلال لم يترك العراق منقسمًا فقط ، من حيث غياب سلطة القانون والانقسام العرقي والديني المجتمعي ، ولكن القوات الأمريكية لا تزال متمركزة في العراق بالآلاف، حتى أن الناتو أعلن في أوائل العام 2020 عن توسيع مهمته الخاصة إلى 4000 فرد في العراق ،بالإضافة إلى ذلك ، يواجه العراق تنظيم داعش والمليشيات، وصراع طائفي ، واستمرار الاحتلال ألاميركي وزيادة هيمنة نظام طهران، وانتشارمراكز التعذيب ، واستخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين ، مما أدى إلى تلطيخ الذاكرة الجماعية الجديدة للجيل الجديد من العراقيين علما ان جيل الشباب من العراقيين يواجه النخبة الفاسدة ، التي مكنها الاحتلال من السيطرة الكاملة على نظام حكمهم الطائفي ، القائم على المحسوبية.
فشل الاحتلال وذيوله
ان حصاد 19 عاما من الدمار الذي خلفه الاحتلال هو الفشل بأمتياز في كل شئ، لم تتمكن الولايات المتحدة من إعلان النصر في العراق ، ولا تزال واشنطن تكافح للاحتفاظ بالسلطة الكافية في البلاد لمحاربة اية محاولة من الشعب العراقي الرافض للاحتلال ،فالعراق قبل الاحتلال ، لم يكن دولة منقسمة طائفيا ولم يكن لديه مشكلة مع القاعدة أو الجماعات الإرهابية الأخرى، الا انه تمزق بعد احتلاله،كما لم يقدم مرتكبي جريمة احتلال العراق إلى العدالة ، كما لا يمكن للادارة الأمريكية أن تدعي بأستمرار اكذوبة مكانتها الأخلاقية العالية على خصومها ، وسيظل موقفها على المسرح العالمي ملوثًا وقذرا إلى الأبد أنه عهد ديمقراطية الاحتلال والانفلات واستمرار الاحزاب العميلة استباحتها السلطة للبلاد.
تنويه: جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل وجهة نظر يورو تايمز